يتجه المشهد السياسي في إفريقيا الوسطى نحو التسوية في أعقاب التوصل إلى اتفاق بين الحكومة ومتمردي ”سيليكا” للخروج من الأزمة، يقضي بوقف إطلاق النار وتشكيل حكومة وحدة وطنية مع بقاء الرئيس فرانسوا بوزيزي في منصبه إلى غاية عام 2016. الاتفاق الذي تم أول أمس، بالعاصمة الغابونية ليبروفيل التي تحتضن المفاوضات بين الفرقاء في إفريقيا الوسطى برعاية المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا (سياك)، ينص أيضا على تنظيم انتخابات تشريعية في غضون 12 شهرا وتعيين رئيس وزراء جديد من المعارضة لا يمكن للرئيس بوزيزي إقالته أثناء الفترة الانتقالية”. كما نص على انسحاب كافة القوات العسكرية الأجنبية من إفريقا الوسطى باستثناء قوات الفصل الإفريقية. وأوضح إدريس ديبي، رئيس تشاد، وهو الرئيس الحالي للمجموعة الاقتصادية لوسط إفريقيا، أنه طلب من تحالف ”سيليكا” المتمرد العودة ”منذ اليوم للبت في تشكيل حكومة انتقالية اعتبارا من يوم اد” مع الرئيس بوزيزي. ومن جهته وصف رئيس الوفد الحكومي لإفريقيا الوسطى المفاوضات ب” إيجابية”، فيما أكد ممثل المعارضة غير المسلحة بأن المتمردين ”قدموا الكثير من التنازلات”. وكان المتمردون قد اشترطوا قبل أي تفاوض تنحي الرئيس فرانسوا بوزيزي وإحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم. كما فرض تحالف ”سيليكا” شروطا أخرى تتمثل في انسحاب قوات جنوب إفريقيا من إفريقيا الوسطى وإطلاق سراح السجناء السياسيين وتعيين رئيس وزراء من المعارضة مقابل هدنة لمدة سبعة أيام، في انتظار أن يظهر الرئيس بوزيزي ”حسن النية” في التعاطي مع هذه المطالب. وكان متحدث باسم المتمردين قد أكد على ضرورة الانسحاب من إفريقيا الوسطى ما سماهم ب”المرتزقة” الذين قدموا من جنوب إفريقيا وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، قائلا ”لدينا إمكانية للزحف على بانغي لكن احتراما لقادة دولة المجموعة الاقتصادية لوسط إفريقيا سنبين أننا نريد السلام ولا الحرب”. وأمام تردي الوضع الأمني في جمهورية إفريقيا الوسطى اضطر عشرات الآلاف من الأشخاص إلى النزوح عن ديارهم بعيدا عن أماكن الصراع. وقالت شانون ستروثر، رئيسة فريق الطوارئ التابع لمنظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسف) في جمهورية إفريقيا الوسطي، أن ”الأطفال أصبحوا في حاجة ماسة إلى حماية ”عاجلة” في ظل تصاعد التوتر على نطاق واسع بين القوات الحكومية ومتمردي ائتلاف ”سيليكا””. وأعربت عن قلقها ”الشديد” من ”ألا يكون في مقدور الأطفال الحصول على ما يكفيهم من غذاء وأن يكونوا معرضين للتجنيد من قبل المجموعات المسلحة أو مستهدفين بعنف من نوع خاص”. وذكرت المنسقة أن اليونيسف تمكنت من التفاوض لتحرير نحو 1500 طفل من قبضة المجموعات المتمردة قبل الصراع، مضيفة: ولكن مازالنا نشعر بقلق إزاء هؤلاء الأطفال الذين مازالوا مجندين ونعكف على عمل كل ما بوسعنا لتحريرهم. ويذكر أن متمردي ائتلاف ”سيليكا” الذين يتهمون الرئيس فرانسوا بوزيزي بخرق اتفاقيات السلام التي أبرمت عام 2008 بليبروفيل (الغابون) وقمع المنشقين قد شنوا حملة في 10 ديسمبر الماضي حيث فرضوا سيطرتهم على عدة مدن ويتواجدون حاليا على بعد عشرات الكيلومترات من العاصمة بانغي. وتضمنت اتفاقيات ليبرفيل وضع برنامج ”لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج” لصالح المتمردين السابقين إلا أن البرنامج لم يحظ على حد قولهم بالتنفيذ.