الآن فهمت لماذا تفضل الجزائر ممارسة سياسة الصمت، لأنها تدرك أن المتحدثين في السياسة والذين لسوء الحظ يفضلون دائما التصريحات لوسائل إعلام أجنبية، كلما تكلموا إلا وارتكبوا جريمة في حق الجزائر. والدليل ما قاله أمس، وزير الخارجية مراد مدلسي، الذي صرح في دافوس لوكالة ”أب” الأمريكية بأن ”الجيش الجزائري ارتكب أخطاء في تدخله في عملية تيغنتورين بقتله عمالا أجانب داخل المصنع”. فكيف لوزير خارجية بلد أن يلفق تهمة لجيش بلاده بهذا الحجم، وهو يدرك جيدا أن الرهائن الذين قتلوا كانوا ملغمين، ومنهم من ذبح بالسكين، وباستثناء الرهائن الذين قتلوا رفقة الإرهابيين الذين كانوا يحاولون الفرار وقصفتهم مروحية الجيش، فبقية الرهائن قتلوا على يد الإرهابيين. ثم ماذا يعرف مدلسي عن عملية تيغنتورين، فهو لم يعالج الأمر لا من بعيد ولا من قريب، ووحده الوزير الأول ووزراء الإعلام والمحروقات والداخلية كانوا يتابعون العملية عن كثب، وكل رؤساء حكومات بلدان الرهائن كانوا في اتصال مباشر مع عبد المالك سلال. ثم ليس كل ما يعرف يقال في مثل هذه القضايا يا سيد مدلسي، لأن بتصريح كهذا ستضرب مصداقية الجيش الجزائري، التي تضررت كثيرا أثناء مرحلة الإرهاب، كما أن قولا كهذا سينقص من أهمية العملية البطولية التي قامت بها فرق التدخل الخاصة، والتي وبشهادة كل دول العالم، بما فيها مجلس الأمن والخارجية الأمريكية، قامت بعمل كبير، استحقت عليه الثناء. فأين أخطأت قوات الجيش التي خاطرت بحياة أبنائها في تيغنتورين يا سيادة الوزير، سوى أنها حمت البلاد من خطر كاهن يهدد الآلاف وليس العشرات؟ لكن للأسف تعودنا على تصريحات السيد مدلسي التي تثير الرأي العام الجزائري قبل الدولي، فقد سبق للرجل وتأسف على أننا ”لا ننتمي للاتحاد الأوروبي، لأن أحداث التاريخ في القرن الماضي سارت في طريق آخر، وإلا كنا ما نزال فرنسيين وبالتالي أوروبيين”، وحديثه هذا قاله في تدخل السنة الماضية أمام الاتحاد الأوروبي! وزلات مدلسي كثيرة، وجرائمه في اللغة وفي المعاني لا تغتفر، ومع ذلك ما زال يتحدث ويقول كلاما غير مسؤول. أتمنى فقط ألا تكون هناك نية ما يقصد من ورائها إلحاق الضرر بالجيش الجزائري الذي لم يكن هناك إجماع حوله، مثل الإجماع والالتحام حوله من قبل كل الشعب الجزائري في قضية معالجة لقضية تيغنتورين، وليس مدلسي الذي سينقص من أهمية ما قام به رجال الجزائر في هذه العملية النادرة الخطورة، وإنما قد تتلقف أطراف أجنبية تصريحا كهذا وتحاول من ورائه النيل من الجزائر! على كل حال الأفضل لبعض السياسيين أن يمارسوا سياسة التعتيم الإعلامي، على ألا ينطقوا كفرا كهذا؟!