ابنة الشهيد وأرملة المقاوم التي أراد "المير" استباحتها عمي احمد مجاهد في حرب التحرير يعيش بذراع ومزية "المير" ما دفعني إلى الكتابة في هذا الموضوع ليست الرغبة في فتح الجرح الجزائري، فما عاشته البلاد لا أحد يرغب في العودة إليه حتى لو كان على سبيل الذكرى. ولم يكن من سبيل لتجاوزه غير سن قانون للمصالحة يجعلنا جميعا نسعى للتطلع نحو مستقبل أفضل. لكن ما دفعني حقا إلى فتح هذا الموضوع هي قصص بعض النساء و أولئك البسطاء الذين خرجوا مهزومين و منكسرين، واستمروا في ترميم يومياتهم وما استسلموا. اجتهدت قدر الإمكان، وأنا أواجه صباحا باردا في البليدة، أن أنقل تلك الشهادات بحياد لأن ما همني في النهاية من كل تلك القصص هي إرادة صناعة الحياة. من خلال هذه الشهادات حاولنا العودة إلى المأساة كما عاشها أصحابها، ووقفنا على واقعهم النفسي والمادي بعد 17 سنة من المجازر التي عرفتها ولاية البليدة والمناطق المجاورة لها. ما زالت الصور ماثلة في الأذهان كأنها حدثت بالأمس فقط، لا أحد من هؤلاء مستعد للعودة الى الخلف، وهم لا يطلبون غير بعض الاعتراف وسقفا يمنحهم الكرامة ويحسسهم أن تضحيات الأهل والأحبة لم تكن عبثا. التقيتهم بمقر جمعية ”جزائرنا” للدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية لضحايا الإرهاب، كانوا رجالا و نساء، رغم اختلاف قصصهم في تفاصيلها لكن القاسم المشترك بينها كان الرعب والدم الذي وشح ذاكرتهم وعاش في كيانهم لمدة 17 سنة. استغرقت بعض الوقت لأجد مقر الجمعية بناحية أولاد يعيش ؛ حيث كانت عائلات الضحايا في انتظاري، هناك بإحدى المكاتب في عز البرد، حملت شهاداتهم حرارة ظلت محتفظة بها طوال هذه السنوات. وهل ”استطعنا أن ننسى حتى نتذكر؟”.. أجابتني إحداهن وأنا اعتذر لها لأنني سأفتح جرحا عمره أكثر من عشرية كاملة. مجزرة رمضان 1996 قبالتي كانت تجلس تلك المرأة مرفقة بابنتها الشابة، كانت كثيرة الصمت والإطراق، لاحقا عرفت أنها إحدى شهود مجزرة رمضان 1996 بأولاد يعيش. انطلقت المرأة تروي قصتها بتفاصيلها الصغيرة مثل شريط سينمائي ”في رمضان 1996 على الساعة السادسة وعشرين دقيقة مساء وفي موعد الإفطار، أنهت البنات صلاة المغرب وتجمعن حول مائدة الإفطار، وأنا كنت سألتحق بهن، فجأة دفع رجال الباب ودخلوا، أحدهم قال: ”تعالي إلى هنا يا طاغوت”، تدخلت أنا وقلت: وعلاه يا ابني؟ لماذا تفعلون هذا بالبنات؟ هن لم يرتكبن أي خطأ، وجه فوهة المحشوشة إلى صدري وكنت أول مرة أرى هذا النوع من السلاح الذي كنت أسمع عنه فقط. وقال لي ”بلعي فمك وإلا فرغتها في صدرك”، قام بتجميعنا في إحدى غرف البيت، وأغلق علينا الباب ثم أوقف البنات مع الحائط، وقام بإفراغ سلاحه في رأس ”فريدة”، سقطت مباشرة والخبز بين أسنانها، كانت تلك أول لقمة تضعها في فمها بعد آذان الإفطار. أما نصيرة فقد تحدته وهي تقوم بدفعه بعيدا: ”ارفع يدك عني لا تلمسني أنت هو الطاغوت”، فما كان من الإرهابي إلا أن قام بضرب رأس البنت مع الحائط ووجه إليها فوهة المحشوشة فشق رأسها، تقول الأم التي اغرورقت عيناها بالدموع:”بعدها خرجت أنا من الغرفة وعصبت رأسها بخماري بعد أن أعدت تركيب أجزاء رأسها في مكانها. فيما قام الإرهابي الآخر بإفراغ الرصاص في وجه الأب الذي أخطأه القتل، لكنه قضى أكثر من 3 أشهر في العناية المركزة. بعد 3 أيام من الحادث عاد الإرهابيون لاختطاف البنتين المتبقيتين، وكانت إحداهن في السادسة عشر والأخرى في ال 17، لكن الله سترهن وعدل الإرهابيون عن رغبتهم. العائلة بسيطة ولم تهتم يوما بالسياسة، لكن تقول الأم أن الدمويين أرادوا الانتقام من العائلة لأن الأخ الأكبر الذي كان يومها يبلغ 21 من العمر، كان يعمل في مؤسسة أمنية ورفض تنفيذ رغباتهم والتعاون معهم، حيث هربته العائلة إلى الصحراء. بعد الحادث تشردت العائلة بين عدة بيوت في موزاية، ثم عادت إلى أولاد يعيش بعد تراجع حدة العمليات الإرهابية. هي اليوم تعيش بدون مأوى وقد رفضت دائرة موزاية تسجيلها في قوائم المستفيدين من السكن لأن الحادث الإرهابي وقع في أولاد يعيش. وعندما عادت الأسرة إلى أولاد يعيش مازالت تعيش على وقع الوعود. الأب مقعد بسبب الإعاقة التي تسبب فيها الحادث والأطفال مصدومون يعيشون تبعات المأساة، والأم بآلام مزمنة في الرأس، فقد أصيبت بسرطان في المخ وخضعت لعملية. منذ تلك الليلة المشؤومة توكل أمرها الله وتقول ”حڤرونا ونساونا”. ربيت ابنتين براتب 1300 دج ورئيس البلدية طردني وشتمني على ملامحها ارتسمت علامات تعب وشقاء عمره سبعة عشر سنة، تتحدث عن مأساتها بمرارة وخيبة.. هي سيدة بسيطة لم تعرف يوما السياسة ولم يكن لها أي اهتمام بلعبة الساسة، لكن القتلة هاجموا بيتها وقتلوا زوجها رفقة اثنين من أبنائها. حدث ذلك في 1996 لسبب لا تدريه، في تلك المجزرة مات زوجها وابناها وأخت زوجها وزوجها وأبناؤهم السبعة. وقتها كانت حاملا بطفلة وأما لطفلة أخرى لم يتجاوز سنها العامين وستة أشهر، صارت يتيمة بإرادة القتلة. تشردت بين البيوت والأزقة، عاشت سبعة عشر سنة على صدقات المحسنين، بعدها تم توظيفها كعاملة نظافة بمدرسة في إطار تشغيل الشباب مقابل ألفي دج شهريا، استفادت من تعويض قدره 48 مليون سنتيم عن مقتل زوجها وكانت في ذلك محظوظة، لأن من بين الضحايا من لم يكن له حتى ذلك الامتياز. قسم المبلغ على العائلة، حصتها دفعتها كحقوق تأمين لزوجها المتوفى وبعدها صارت تستفيد من منحة شهريا قدرها 1300 دج، بهذا المبلغ عاشت هذه السيدة لمدة ثماني سنوات وربت بنتين. حاليا لا يتعدى راتب التقاعد الذي تستفيد منه عشرة آلاف دج. تحتار هذه السيدة التي يداهمها الكبر كيف تتحول إلى خبيرة في الرياضيات حتى تجعل هذا المبلغ يلبي حاجياتها وابنتيها، إحداهن على وشك الزواج، في مجتمع لا يرحم. مازالت هذه السيدة إلى حد اليوم تعيش على حلم الاستفادة من أربعة جدران تعيد إليها بعضا من كرامتها. ابني لم يعرف وجه أبيه لذا فهو يكره العيد في وجهها ماتزال آثار العز الذي تربت فيه هذه المدللة التي ظلمها الزمن، استيقظت ذات صباح من أيام سنة 1996 المليئة بالمجازر على حقيقة مرعبة، وهي أن زوجها لم يعد هنا. كان عسكريا درس في الخارج تعبت من أجله أم كان وحيدها وهي زوجة المجاهد لكنهم قتلوه ببساطة بتهمة حب الوطن، ترك خلفه أما وطفلين وزوجة شابة اضطرت بعده للعمل من أجل إعالة أطفالها. كان ذلك صعبا على أرملة في مجتمع يعادي النساء، اشتغلت مدة 17 سنة في مؤسسة اقتصادية. أطفالها صاروا شبانا ودرسوا وسافروا لكنها علمتهم حب الوطن وأن مكانهم هنا في بلدهم، وأن أمانة أبيهم يجب أن يحافظوا عليها. تقول: لا يفهم أطفالها لماذا هم مهمشون لا يملكون حتى بيتا..”إبني صار يكره العيد حتى لا يرى أقرانه يرافقون آباءهم وهو لا يعرف حتى شكل والده”. هي اليوم مثل غيرها من ضحايا الإرهاب تطالب بقانون خاص يمكنها من المطالبة بحقوقها المادية والمعنوية. طلب يقاسمها فيه محمد الذي فقد كل عائلته مبكرا، الأب والأم والإخوة وأبناء الإخوة. هو نجا من الموت لأنه ليلتها كان في العمل، حيث يشتغل كعون أمن في إحدى الشركات بناحية البليدة، لم يستفد حتى من تعويض عن البيت الذي حرق.. ”أخبروني أن والدي تركني كبيرا ومسؤولا عن نفسي لذا لا حق لي في التعويض”!!. منحوه سكنا على وشك الانهيار على أساس أن يقضي فيه فترة انتقالية لا تتجاوز 15 يوما، فوجد نفسه يسكنه مدة 15 سنة. قيدت قضيته على أنها تصفية بين العائلات لأن أحد أقاربه كان هاربا في الجبل، فقد كل شيء الأهل والكرامة.. وهو اليوم يعيش على أمل الحصول على اعتراف حتى لو كان معنويا. عمي احمد مجاهد في حرب التحرير يعيش بذراع ومزية ”المير” احمد بومدين، مجاهد من حرب التحرير، عرف رعب الاستعمار وعذابات سجونه لكنه لم يتوقع يوما أن التهميش سيطاله في الوطن الذي حمل السلاح من أجل الدفاع عنه. كان ضحية انفجار قنبلة بسوق بوفاريك، خلفت إعاقة في يده ذات جانفي من عام 1997، أخوه مات في نفس الانفجار تاركا خلفه 8 أطفال، هو اليوم معاق وعاطل عن العمل ينتظر منحة أربعة آلاف دج، وعليه أن ينتظر أزيد من أربعة أشهر ليحصل عليها. وفوق هذا عليه وهو في هذا السن أن يتحمل فضاضة أعوان الإدارة الذين يواجهونه يوميا بإهاناتهم..”دايرين فيك مزية”.. كسر في العظم وكسر في الأعماق، لم يعد لي حتى حق الموت براحة.. هكذا ختم عمي بومدين حديثه. زوجة معاقة وأطفال مصدومون وبيت جدرانه من ”النيلون” طوال جلسة الحديث كان مطرقا وصامتا، لم يعد شيء يهمه، كان ساقطا في بؤرة اليأس العودة منها لم تعد ممكنة، اسمه رابح لكن مشواره في الحياة لم يكن رابحا أبدا. طوال فترة الإرهاب اضطر لحمل السلاح لحماية شرفه وشرف أبناء منطقته، في سنة 1999 وضع السلاح وانتهى الإرهاب، أوهكذا اعتقد رابح وأمثاله من البسطاء قبل أن يجبر على تغيير رأيه عندما اقتحم بيته القتلة وذبحوا ابنته وقضوا على أخيه وزوجه أخيه وأبنائهم السبعة، من بينهم رضيع عمره أربعة أشهر ذبحوه ووضعوا رأسه في مجاري المياه. رابح قضى 11 سنة مشردا بين بلديات وأماكن مختلفة من العاصمة والبليدة، من موزاية إلى تسالة المرجة. حاليا يعيش في مستودع تبرع له به أحد المحسنين، جدرانه من النيلون يفصل بين غرفه البلاستيك، زوجته معاقة وأبناؤه يعانون من اضطرابات عصبية جراء الفظائع التي عاشوها، لم يكن له ما يقوله غير لعن الواقع الذي أوصله لما هو فيه الآن. سلطانة: قتلوا زوجي بتهمة الغناء وبتّ في العراء من أجل أطفالي بالنسبة لسلطانة الحياة لا تمزح، لذا فقد تعلمت كيف تدافع عن نفسها وتواجه من يقف في طريقها، زوجها كان فنانا يصنع أفراح الناس في أعراس البليدة، لكن زمن القتلة ليس للفرح ولا لصناعة الحياة، فأرغموه على السكوت للأبد رفقة أخيه ذات مساء مظلم من عام 1994. هددوها هي بمصير زوجها ففرت من المنطقة رفقة 3 أطفال، من بينهم طفل معاق، عرفت أياما صعبة.. اشتغلت في المستشفى وسكنت في أماكن متنقلة ”في حالات كثيرة كنت على وشك أن أبيت في العراء على أرصفة الطرقات رفقة 3 أطفال لولا المحسنين”، وحتى اليوم الواقع ليس سهلا، تقول سلطانة، المحيط معادي للمرأة خاصة إذا كانت أرملة وشابة، فهي مسبقا ملعونة ومسؤولة عن كل ما يحل بها. سلطانة مازالت تكافح عارية من كل دعم وتحلم بقانون يضمن لصغارها الكرامة بعدها. ابنة الشهيد وأرملة المقاوم التي أراد ”المير” استباحتها يمينة، ابنة شهيد وأرملة حرس بلدي، ذبحه الإرهابيون أمام ابنه وتركها حاملا بطفلة هي اليوم شابة في ال 19 سنة من العمر. تسكن في”ڤوربي”، ابنها يعاني من اضطرابات ومازال يحمل خوفه إلى اليوم في داخله. تعبت من التنقل بين الإدارات ومكاتب المسؤولين من أجل الحصول على أربعة جدران.. ”طردني رئيس البلدية ورئيس الدائرة، هنا عندك شيئان إما الرشوة أو أن تقبلي الخروج مع أحدهم”!. منذ 1995 وهي تعيش على انتظار الوعود لكنها ترفض التضحية بشرف الشهداء ”أبنائي كبروا في النقاء والباقي وكيلهم ربي”. ڤوسم.. عذبوها وهي حامل، و17 سنة في القبو علامات التعذيب والمأساة ماتزال ماثلة في ملامحها، ڤوسم عذبها من كانوا يتحدثون باسم الله، وقتلوا زوجها وطاردوها منذ1995 من أجل قطعة سلاح وهمية. زوجها كان يشتغل نجارا في الجامعة، اتهمه الإرهابيون أنه يخفي سلاحا، أخذوه من بيته وقتلوه عام 1995، ترك خلفه ستة أطفال آخرهم كان في بطن أمه. انتظرت عودة زوجها لكنهم عادوا من أجل ذبح الأطفال وإحراقها حية بالبنزين، استولوا على مصوغاتها وأحرقوا البيت وضربوها وهي حامل في شهرها التاسع..”أنت طاغوت وأبنائك طواغيت يجب أن تموتي، سآخذك إلى الجبل وندير فيك العجب العجاب”.. كانوا يقولون لها، منعوا عنها حتى شربة ماء. ما زالت تذكر تفاصيل وجوههم ولحاهم الكثة، أحدهم كان مبتور الأصبع، منظرهم يثير الرعب في مخيلتها، فترتعد الكلمات بين شفتيها وإلى اليوم تخاف أصحاب اللحية!. شيء واحد أنقذها ليلتها من الحرق حية.. الخلاف بين الجماعة التي قصدت بيتها حول طريقة قتلها، انتهت بتصفية بعضهم البعض. هربت هي إلى موزايا واختفت في قبو مدة 17 سنة، طاردها القتلة، مرة أرسلوا لها مجهولا يبحث عنها قال إنه خالها، ومرة بعثوا في أثرها متسولة. تقول:”كانوا يراقبونني طوال هذه المدة لقتلي”. ڤوسم تعاني إلى اليوم الخوف من أن يقتفي أحدهم أثرها. ابنها معاق وابنتها معاقة، ولكن لا يستفيدان من منحة وهي تعيش على منحة هزيلة غير منتظمة، لازالت إلى اليوم لا تفهم لماذا قُتل زوجها وعذبت هي بتهمة الطاغوت ولا تعرف حتى معنى هذه الكلمة.. فقدت رجلها وصارت امرأة على حافة الانتظار في 1997 كانت شابة مقبلة على الحياة في الثامنة عشر من عمرها، أجبرت على مقاطعة الدراسة بحكم قانون الجماعات المسلحة. كانوا يعترضون صباحا الحافلات المدرسية ويقومون بنزع محافظ البنات وإجبارهن على التواري خلف الأبواب. تخلت سعاد مرغمة عن دراستها لكن ذلك لم يمنعها أن تكون ضحية انفجار قرب بيتها فقدت إثره رجلها..” لم أدخل في حياتي مستشفى و في 1997 استيقظت ذات صباح لأجد نفسي بدون رجل، اليوم أنا بلا مستقبل ولا أمل”. شابة بدون سند، لا أب ولا مهنة ولا إعانة، والدتها تعيش مأساة مزدوجة، إحدى بناتها قتلت رميا بالرصاص بعد أن هربت من السبي. سعاد اليوم تعيش في انتظار المنحة التي لا تزيد عن أربعة آلاف دج وتتأخر بالأشهر. هل يمكن لمن فقد رجله أن تنبت من جديد؟ بهذا السؤال تريد سعاد أن تعرف الأسباب التي تجعل المعنيين يبعثون دوريا على إثرها للكشف الطبي قصد تحديد درجة الإعاقة التي تحدد بدورها مبلغ المنحة التي لا تتعدي خمسة آلاف دج، بينما أربطة رجلها فقط يصل سعرها إلى 14 مليون سنتيم وهي مجبرة أن تغيرها كل سنة. أي حياة هذه؟ لم تعد أي لغة قادرة على وصف حجم اليأس الذي يأكل سعاد. هي اليوم لا تبحث عن الإحسان، تريد مهنة تناسب وضعها وتمكنها من شغل وكسب عيشها وتنسيها وضعها، لقد تحدت إعاقتها وحصلت على دبلوم في الإعلام الآلي والسكرتارية.. لكن لا شيء تغير في حياتها. شريفة خضار، رئيسة جمعية ”جرائرنا”.. ممثلو الإدارة المحلية يعرقلون عمل الجمعية أي أساس تم تأسيس الجمعية؟ الجمعية تأسست في 17 أكتوبر من عام 1996 بعد موجة الاغتيالات والهجمات التي نفذها الإرهاب في ناحية المتيجة. تم تأسيسها من طرف عائلات الضحايا المغتالين، وكذلك الناجين من الهجمات والمذابح الدموية التي شهدتها منطقة المتيجة، وهذا من أجل الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية لضحايا الإرهاب. هل تتعرض الجمعية لضغوطات؟ بالطبع في ظل تجاهل القوانين، يقوم ممثلو بعض الإدارات المحلية بخلق صعوبات لمنعنا من القيام بأنشطتنا بشكل جيد. لماذا تم سحب الاعتماد منها وكيف تنشط بدون اعتماد؟ الجمعية تنشط في إطار القانون و تملك وصل تسجيل من ولاية البليدة/ N ° 01/97 المؤرخ 12 في يناير 1997. وهي حاليا تقوم بالإجراءات الازمة للمطابقة مع القانون الجديد n° 12-06 المؤرخ في 12 جانفي 2012 الخاص بالجمعيات. ما هي المشاريع الكبرى للجمعية؟ حاليا تشتغل الجمعية على 3 مشاريع كبرى هي: خلية دعم الاستقلال والتكامل الاقتصادي للمرأة في ولاية البليدة لمدة تستغرق 16 شهرا من الفاتح سبتمبر، ويهدف المشروع إلى تعزيز وتمكين المرأة اقتصادية، خاصة الشابات منهن بولاية البليدة، خاصة في مجال البحث عن الوظيفة، والتوجيه والتدريب والمساعدة في الاندماج في مجال العمل. أهم المشاريع الأسبوع الفرنسي الجزائري بالشراكة مع الجمعية الفرنسية ”لا عاهرة ولا منقادة”، يستغرق المشروع 8 أشهر بداية من 1 سبتمبر. يهدف هذا المشروع إلى تنظيم أسبوع من الحوارات والتبادلات الثقافية بين المناضلات النسويات الجزائريات ونظرائهن الفرنسيات. هذا الاجتماع ستحتضنه الجزائر في 8 مارس القادم. القافلة النسوية: مشروع تم وضعه على امتداد سنة كاملة تتشكل من وحدة متنقلة تضم محامين ومختصين نفسانيين وفي علم الاجتماع ومساعدات اجتماعيات. تقوم هذه القافلة بتقديم المساعدات والتوعية القانونية للنساء المقيمات في أرياف البلدية مجانيا بغرض الحصول على حقوقهن، حيث يتم توعيتهن بخصوص الخطوات القانونية و الإدارية الواجب اتباعها في قضية ما، وكذا الوقوف وتقييم وضعية النساء ميدانيا بخصوص المساواة ”تحليل وتفسير المخاوف والاحتياجات ومطالب النساء”. مشاريع في طور التنفيذ: - مشروع للتكفل النفسي والقانوني بالتعاون مع منطقة توسكاني بإيطاليا في الفترة الممتدة بين 1997و 2007. - مشروع رعاية الأطفال ضحايا الإرهاب بشراكة إيطالية بدأ في عام 1997 ومازال حتى الآن. - مشروع مركز ”ذاكرة” للتوثيق بدعم من المبادرة الأوروبية للديمقراطية وحقوق الإنسان، 2007 حتى 2009. - مشروع معا لمكافحة العنف ضد المرأة والطفل بدعم من الاتحاد الأوروبي في إطار المنظمات غير الحكومية، وهو برنامج للتعاون والشراكة مع وكالة، من أجل التنمية الاجتماعية 2008 إلى عام 2009. - مشروع التعلم والعمل بدعم من السفارة الكندية في الجزائر 2008 حتى 2009. - مشروع دار حرية / فريدوم هاوس، التي تدعمها المفوضية الأوروبية للديمقراطية وحقوق الإنسان، 2010 حتى 2013. راضية زراركا، أخصائية نفسية بجمعية ”جزائرنا”.. الأزمات النفسية انتقلت من الضحايا إلى أبنائهم تقول راضية زراركا، أخصائية نفسانية تتابع حالات الضحايا في جمعية ”جرائرنا”، أن الأزمات النفسية التي يعاني منها الضحايا انتقلت إلى أبنائهم، حتى لو كانوا لم يعيشوا العشرية الحمراء، لكن حديث الأولياء عنها وما رافقها من مجازر جعل أبناءهم يتمثلون تلك الأزمات التي تظهر في سلوكياتهم، حيث يعاني أبناء ضحايا الإرهاب من عدة صعوبات مثل الخوف والانطواء والفشل المدرسي، وصعوبة الاندماج في المحيط. وأضافت الآنسة زراركا، التي صادف تواجدها بالجمعية أثناء نقلنا لشهادات الضحايا، أن الأخصائيين النفسانيين والمربين ينظمون جلسات استماع وعلاج للضحايا ولأبنائهم، وفي بعض الأحيان جلسات عائلية للاستماع من خلال مشروع ”الذاكرة” الذي جمعت فيه شهادات ضحايا الإرهاب من جهة، ومن جهة أخرى ساعدتهم على التعبير عن آلامهم العميقة، وتجاوز جرحهم بمشاركته مع الآخرين. وما لاحظه الأخصائيون النفسانيون، تقول راضية زراركا، أن ما فاقم حجم المأساة عند الضحايا هو غياب الاعتراف بوضعهم وتجاهل حقوقهم. لهذا تضيف المتحدثة أن الجمعية سطرت عدة مشاريع منها مشروع ”دار حرية” الذي يقدم توعية قانونية واجتماعية تساعد الضحايا على إعادة الاندماج في المحيط ومعرفة كيفية المطالبة بحقوقهم. وقد ظهرت نتائج المشروع في تعاملات الضحايا الذين صاروا أكثر وعيا، واستعدادا للحوار والتعبير، ومقتنعين أن العيش على ذاكرة الجرح لا يحل المشكل. كما قادت الجمعية أيضا حملة توعية حول العنف ضد النساء والأطفال، وتعليم النساء القراءة والكتابة، وإعادة تأهيلهن لخوض غمار الحياة والاعتماد على أنفسهن، وهذا عبر تقديم مشاريع تكوين للنساء في مختلف المهن و اللغات. بعد سنوات صارت النساء الآن أكثر جرأة للدفاع عن فرصهن و حقوقهن وأكثر انفتاحا واستعدادا للحوار ووعيا بحقوقهن. وهذا أكبر انتصار للجمعية في معركة ترسيخ ثقافة المواطنة وصناعة الفرد الإيجابي.