قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم:”خيركم من تعلم القرآن وعلمه”، فكان لهذه الخيرية منزلتها المرموقة في جعل أصحابها من أهل الله وخاصته. ومن هنا تجلى الحرص على حفظ كتاب الله العزيز الحكيم، والعمل على تحفيظه منذ نزوله على خاتم النبيين وإمام المرسلين صلى الله عليه وعليهم أجمعين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولاعجب إذن أن نجد أجدادنا عبر العصور، وفي مختلف الظروف يعضون بالنّواجد على هذه الخيرية، لاكتسابها أو لإكسابها ذرياتهم، فلم تنجح محاولات الاستدمار في الحيلولة بينهم وبينها. بل على العكس من ذلك، فقد كان القرآن العظيم سدا مسدودا وبحرا ممدودا بينهم وبين الوقوع في مكائد الأعداء، والذوبان في خُبث مراميهم، إلى أن استعادت الجزائر استقلالها بفضل الله وبفضل تضحيات شهدائنا الأبرار، فواصل الخلف مسيرة السلف، وإن كان الظرف قد اختلف. ومن الأئمة الشباب الأفاضل الذين اختارهم المولى جلّ في علاه، لهذه الخيرية المنشودة، الشريف الشيخ علي شايب، خطيب مسجد الهدى بساحة الوئام الوطني، أول ماي بعاصمة الجزائر المحروسة. فقد كرّس حياته وشبابه - ولا يزال إن شاء الله - منذ سنة 1979م، لحفظ القرآن العظيم وتحفيظه، بقراءة نافع، ورواية ورش مع تخصصه في القراءات العشر برواياتها، والحجة في ذلك. وعلاوة على تفانيه في خدمة القرآن العظيم، فقد اهتم بعلومه من فقه على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه وقواعد نحوية بتعليمه ألفية ابن مالك وشرحها، مع توليه المهمة النبيلة المتمثلة في كونه خطيبا متطوعا للجمعة منذ أكثر من 20 عاما. وهكذا أصبح مسجد الهدى الذي يرتاده المصلون من كل حدب وصوب - زيادة على مدرسته القرآنية للصغار - حلقة قرآنية نورانية يشرف عليها الشيخ علي شايب، حفاظا على المرجعية الدينية الوطنية، بقراءة الحزب الراتب بمعدل ستة أحزاب يوميا، واثني عشر حزبا يوميا في شهر رمضان المعظم، والتزام المذهب المالكي تدريسا وإفتاء، مع الاحتفاء بمختلف المناسبات الوطنية والدينية. ولا عجب أن نجد ابن المجاهد هذا يخصص جمعتين متتاليتين للاحتفال باليوم الوطني للشهيد، عملا والتزاما بتوجيهات الوزارة الوصية عن طريق المديرية الولائية للشؤون الدينية والأوقاف للعاصمة، التي لم تتوان عن تشجيع هذا الإمام بتعيينه عضوا في المجلس العلمي “لجنتي الفتوى والبحوث والدراسات”. إن أمثال هذا الشاب هم الذين يحققون آمال الشهداء بالوفاء لتضحياتهم، والذود عن مقومات الشخصية الوطنية، وبأمثاله، تتجسد وسطية الإسلام ودعوته إلى التسامح والمحبة والرحمة والإخاء ونبذ العنف ومجانبة المغالاة والتطرف. فهنيئا لحملة القرآن الكريم وأهل الله وخاصته فقد قال صلى الله عليه وسلم:”أفضل العبادة تلاوة القرآن”.