إمهال سلال أسبوعا لحل المشكل قبل تصعيد الاحتجاج الوزير الأول في ضيافة أعيان بشار لتنمية الجنوب فشل أمس عشرات من ممثلي الأحزاب والمنتخبين وبعض النشطاء من تدوير المطالب الاجتماعية لأكثر من 6 آلاف بطال في وقفة احتجاجية سلمية بورڤلة، حيث أوقف علي بلحاج الرجل الثاني في ”الفيس” المحل، ومنعت الكلمة عن النواب، وحمّل الشباب حزبي الأفالان والأرندي مسؤولية الأزمة الاجتماعية بكل أبعادها بالجنوب، كما جدد البطالون رفضهم لمطالب الانفصال، وأمهلوا الحكومة أسبوعا لحل الأزمة قبل التوجه نحو التصعيد. نجح أمس الأول آلاف الشباب البطالين بولاية ورڤلة بصفة خاصة ومن الولايات المجاورة بصفة عامة في تنظيم الوقفة الاحتجاجية السلمية بساحة البلدية ساحة 23 فيفري 1962، التي سميت من طرف المحتجين بميدان التحرير، كناية عن ميدان تحرير العاصمة المصرية القاهرة الذي انطلق منه قطار الإطاحة بنظام حسني مبارك قبل سنتين، وبدأت جموع الشباب تصل إلى ساحة البلدية في حدود الساعة السابعة صباحا. وشملت الوفود بطالين وجامعين من مختلف ولايات الوطن، خاصة الولايات المجاورة على غرار بسكرة، باتنة، أدرار، غرداية، إلى جانب تمنراست، وبعض بطالي العاصمة وولايات خنشلة، قسنطينة، وهران، تيزي وزو، وغيرها من الولايات حسب ما رصدته ”الفجر” في عين المكان، وفضل المئات منهم قضاء ليلة بيضاء الأربعاء إلى الخميس بورڤلة. ويمثل غالبية هؤلاء الشباب - وجلهم من العنصر الرجالي عدا عن بعض النساء اللاتي لا يفوق عددهن عدد أصابع اليدين - الذين حجوا إلى ورڤلة في وقفة الكرامة المطرودين والمفصولين من مؤسسات بترولية بالمنطقة، سواء مؤسسات خاصة أو عمومية، كفروع مجمع سوناطراك العمومي ومؤسسات ”إيني”، و”غاز دوك”، وغيرها من المؤسسات الأجنبية الناشطة بحقول حاسي مسعود، أو أولئك الجامعيين الحاصلين على شهادات عليا في تخصصات الطاقة والمناجم. وقد منعت قوات الأمن من وصول بعض الأشخاص إلى موقع الحدث جاؤوا من ولايات مجاورة، منهم الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة علي بلحاج، الذي أوقف بوسط ورڤلة حسب ما تردد من عين المكان، وبعض المسبوقين قضائيا في قضايا الإخلال بالنظام العام الذين أوقفوا عند مداخل ولاية ورڤلة، حسب ما سربته مصادر ل”الفجر”. وما إن وصلت الساعة التاسعة من صباح الخميس حتى امتلأت ساحة بلدية ورڤلة عن آخرها، وسط تعزيزات أمنية مشددة لكن بعيدا عن موقع الاحتجاج، حيث تجمعت قوات مكافحة الشغب بالطرق الرئيسية للولاية، ومداخل الأحياء والمقرات الرسمية، وطوقت الساحة التي تحيط بمقري الدائرة وفرقة للدرك الوطني، وثكنة للصحة العسكرية، تفاديا لأي احتكاك بين المتظاهرين وقوات الأمن، وذلك تطبيقا لتعليمات مسؤولي مؤسستي الدرك والأمن الوطنيين، الأمر الذي جنب المكان انزلاقات ومشادات، كما لم يسجل ضحايا أو جرحى في صفوف المحتجين أو مصالح الأمن. النشيد الوطني والراية الوطنية للرد على دعاة الفتنة ولنفي أية شبهة حول مطالب المحتجين والتي يروج لها بعض الأطراف، منذ اندلاع موجة احتجاجات البطالين بالجنوب، استهل جموع المحتجين المتراوح عددهم بين 5 و6 آلاف شاب بالنشيد الوطني ”قسما” بمقاطعه الستة، تبعه رفع الراية الوطنية، ودقيقة صمت ترحما على شهداء الوطن في مشاهد توحي بمدى تمسك هؤلاء الشباب بالوحدة الوطنية وبراءتهم من المطالب السياسوية والجهوية، كما زينت الألوان الوطنية محيط الساحة وسط شعارات وطنية وثورية منها ”الجزائر أعطيناك عهدا”، ”الوحدة الوطنية خط أحمر”، إلى جانب ”الشمال والجنوب في القلوب”، وجرت الوقفة في ظروف سلمية وتنظيمية محكمة من طرف بعض منظمي الشباب البطال، ولم تخرج عن سياق المطالب الاجتماعية لشباب الجنوب، في مقدمتها الشغل، السكن وتحقيق التوازن في التنمية الجهوية، غير أن المحتجين رفعوا بعض المطالب السياسية كمكافحة الفساد خاصة في صفقات ومشاريع الجنوب، إلى جانب ترديد شعارات ”الأفالان والأرندي هما خانوا بلادي”، في إشارة إلى تحمل الحزبين مسؤولية تفاقم مشاكل سكان الجنوب بصفة خاصة، من خلال إدارة كل من أحمد أويحيى وقبله عبد العزيز بلخادم للجهاز التنفيذي من 2005 إلى 2012. ولم يتفاعل المعتصمون مع أصوات شباب يعدون على الأصابع طالبوا برحيل عبد المالك سلال، وفي هذا الصدد قال الكثير من المتظاهرين ”نحن لسنا ضد سلال فهو جديد في الحكومة لكن عليه بتنظيف أوساخ سابقيه بالجنوب، حسب تعبير رضا عموري 39 سنة من بلدية سوق السبت بورڤلة”، كما لم يتجاوب المحتجون مع مطالب السير إلى مقر ولاية ورڤلة. ولم يقتصر حضور ساحة 23 فيفري مع مرور الساعات الأولى على البطالين، فقط بل انضمت كذلك فئة المعاقين للمطالبة بالإدماج الاجتماعي، وتحسين وضعية ذوي الاحتياجات الخاصة بالجنوب، كما طالب العديد من الحضور بإعدام مرتكبي جرائم اختطاف الأطفال، وجاء ذلك تزامنا مع الأخبار المفجعة من قسنطينة. البطالون يرفضون بزنسة الأحزاب بمطالبهم ولم تردد خلال هذه الوقفة أي شعارات سياسية كما روجت له بعض الأطراف، باستثناء بعض الشعارات المعادية للفساد واختلاس المال العام. وفي كلمة لبعض ممثلي هؤلاء الشباب جددوا رفضهم جملة وتفصيلا إخراج مطالبهم عن الطابع الاجتماعي والممثلة في توفير لقمة العيش الكريم، وتحسين ظروف المعيشة التي لن تكون إلا بتوفير مناصب الشغل لشباب الجنوب بالمؤسسات البترولية، وعلى هذا الأساس منع العديد من نواب المجلس الشعبي الوطني منهم نواب تكتل الجزائر الخضراء، وبعض منتخبي جبهة القوى الاشتراكية من الوصول إلى منصة الاحتجاج، وهو الأمر نفسه بالنسبة للناشط الحقوقي فخار القادم رفقة وفد ولاية غرداية، كما تابع رئيس بلدية ورڤلة وبعض منتخبيها المحليين والوطنيين الوقفة الاحتجاجية عن بعد، حيث حمل الشباب المنتخبين مسؤولية إخفاق مشاريع التنمية بالجنوب، كما عبر عنه موسى عبد الله، 28 سنة، من ورڤلة، حيث قال ل”الفجر”: ماذا فعل هؤلاء؟ لماذا لم يُسمعوا أصواتنا للمسؤولين؟ لن يستطيعوا من اليوم استعمالنا لأغراضهم السياسية في الحملات الانتخابية”. وطالب المحتجون بضرورة الإسراع في تنفيذ القرارات التي أقرها الوزير الأول عبد المالك سلال في آخر اجتماع للمجلس الوزاري المشترك، منها قروض دون فوائد على مشاريع استثمارية بالجنوب، والتسوية في التوظيف بين سكان الشمال والجنوب في جميع المناصب بالمؤسسات الطاقوية، كما رأوا أن هذه الإجراءات غير كافية ما لم تكن متبوعة بتنمية حقيقة، وما إن وصلت الساعة منتصف النهار حتى أُعلن عن وقف الحركة الاحتجاجية في انتظار ما تتخذه السلطات العمومية ممثلة في الوزير الأول من إجراءات في ظرف أسبوع، أو العودة إلى التصعيد حسب تعبير عدد من المؤطرين، والذي قد يذهب إلى حد الاعتصام المفتوح.