وقفة احتجاجية سلمية لآلاف البطالين بعد إلغاء المسيرة بورقلة لقيت الدعوة التي توجهت بها اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين، و التي يقودها الطاهر بلعباس، إستجابة من طرف نحو 8 آلاف شاب، أغلبهم من بطالي ولايات الجنوب، و الذين سجلوا حضورهم منذ الساعات الأولى لصبيحة أول أمس الخميس في ساحة التحرير أمام المدخل الرئيسي لمقر بلدية ورقلة، لكن مع الإكتفاء بتنظيم وقفة إحتجاجية ركز من خلالها المحتجون على مطلب الشغل، بدليل أن شعار " النضال، النضال، حتى يعمل البطال " كان الأكثر ترديدا في التجمع الذي دام 90 دقيقة، رغم أن بعض الأطراف كانت قد حاولت الإنطلاق في مسيرة إلى مقر الولاية وفق المخطط الذي كان قد أعد في البداية، إلا أن رئيس الحركة الطاهر بلعباس ألح على ضرورة إلتزام الهدوء و عدم الإنصياع وراء جهات أخرى تحاول إستغلال الظرف لجعل القضية تأخذ أبعادا مغايرة. بعثة النصر : - صالح فرطاس - فريد غربية تصوير : الشريف قليب مناوشات بين المنظمين بسبب خلافات حول تنبي الفكرة و قد تجمع مئات الشبان منذ الصباح الباكر على مستوى النصب التذكاري الذي يتوسط ساحة البلدية، و التي أصبحت تعرف بساحة " التحرير " من أجل إستكمال الإجراءات التنظيمية، لكن الإنقسامات داخل التنظيم الذي تبنى المبادرة طفت على السطح قبل إنطلاق الوقفة، بدليل تسجيل عديد الشجارات و المناوشات بين شبان محسوبين على الجناح المكلف بالجناح التنظيمي، و ذلك بسبب تباين في وجهات النظر، حتى بعد إلتحاق رئيس اللجنة الطاهر بلعباس، في الوقت الذي كان فيه عدد الشبان المتجمعين في الساحة المحاذية لمقر البلدية يتزايد، بينما عجز فيه المنظمون في رسم خارطة طريق تتعلق ببرنامج الوقفة الإحتجاجية، إذ أصر بعض الأعضاء على إلقاء كلمة من النصب، ثم الإنطلاق في مسيرة نحو مقر الولاية، بينما ألح البعض الآخر على الإكتفاء بالتجمهر في الساحة، مقابل ظهور تنظيم آخر أطلق على تسميته " حركة 27 فيفري "، حاول تبني فكرة التجمع أمام مقر البلدية بعد إقصاء بعض اعضائه من الجانب التنظيمي لهذه الوقفة. منع مجموعة من المحتجين من القيام بمسيرة بإتجاه مقر الولاية و بعد أخذ و رد بين المنظمين وسط شجارات كلامية و حتى تشابك بالأيدي دام قرابة ساعة من الزمن، أعطيت في حدود الساعة التاسعة و 20 دقيقة إشارة إنطلاق الوقفة الإحتجاجية، بحضور نحو 8 آلاف شاب، و كانت البداية رفع العلم الوطني، قبل الإنطلاق في ترديد شعارات تتعلق اساسا بالتشغيل و ثروات سوناطراك، حتى أن المحتجين رددوا شعرا طالبوا فيه بضرورة " محاسبة المتسببين في فضائح سوناطراك" و خصوا بالذكر إسم الوزير السابق شكيب خليل، و قد كانت الشخصيات التي برزت في الساحة الوطنية في الأسبوعين الفارطين عبر بوابة اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين كالطاهر بلعباس و عبد المالك إيبك في الصفوف الأولى للمتجمهرين، من دون تسجيل أية إنزلاقات او تجاوزات، في غياب أعوان الأمن، الذين إكتفوا بمراقبة الوضع على مستوى مفترق الطرق المؤدي إلى مقر الولاية. إلى ذلك فقد رفض المتجمهرون تبني ممثلين عن جبهة القوى الإشتراكية مطالبهم، بعدما حاول نائبان عن هذه التشكيلة السياسية الإلتحاق بالتجمع، من دون أن يلقي ممثل عن اللجنة الوطنية كلمة بالمناسبة، بإستثناء تدخلات من حين لآخر عبر مكبر الصوت للمطالبة بتنظيم الصفوف، و هو ما أبقى الكثير من التساؤلات تطرح في أوساط المحتجين عن المرحلة الثانية من الحركة الإحتجاجية، لأن المحتجين رددوا الكثير من الشعارات و ترقبوا تلاوة لائحة المطالب، إلا أن الطاهر بلعباس و عند تناوله الكلمة أكد بأن الشغل هو المطلب الوحيد، ليعلن إثرها عن إنتهاء الوقفة الإحتجاجية، و يضرب موعدا للشبان بعد نحو شهر، لكن هذا القرار لم يكن كافيا لوضع نقطة النهاية لهذا التجمع، على إعتبار أن مجموعات من الشبان طالبت بضرورة الإنطلاق في مسيرة نحو مقر الولاية، و قد بادرت مجموعة تتشكل من قرابة 100 شاب إلى السير عبر المسلك المؤدي إلى ولاية ورقلة، إلا أن بلعباس و جماعة من اللجنة المنظمة تدخلوا على جناح السرعة و أقنعوا أفراد هذه الجماعة بتفادي تنظيم مسيرة، بسبب عدم الحصول على ترخيص رسمي من الجهات الأمنية، الأمر الذي نتج عنه تشكيل تجمعات لعشرات الأشخاص أمام مقر البلدية، حاول من خلالها اعيان المنطقة تمرير الرسالة الرامية إلى عدم الإنسياق وراء الأطراف التي تسعى إلى إستغلال الظرف لإندلاع أعمال عنف و تخريب، و هي المساعي التي كللت بتفريق جميع المتجمهرين في حدود منتصف النهار، حيث أصبحت ساحة البلدية خالية. شلل تام في الحركة التجارية و سط تغطية أمنية عادية على صعيد آخر فإن هذه الوقفة الإحتجاجية إنعكست بصورة مباشرة على الحياة اليومية بمدينة ورقلة طيلة يوم الخميس، لأن شللا تاما اصاب الحركة التجارية، بعدما ظلت أغلب المحلات مغلقة لساعات طويلة، بسبب تخوف أصحابها من إنزلاق الأوضاع، رغم أن المنظمين ارجعوا السبب الرئيسي في الشلل التجاري إلى التضامن الكبير الذي حظيت بها الوقفة الإحتجاجية من طرف تجار المدينة، بينما كانت حركة تنقل المسافرين عادية، من دون تسجيل حزام أمني إستثنائي تزامنا مع تنظيم الوقفة الإحتجاجية. الطاهر بلعباس ( رئيس اللجنة الوطنية لدفاع عن حقوق البطالين ) للنصر " لم نسمح بتسييس قضيتنا وطريقة الإحتجاج قطعت الطريق أمام أطراف أجنبية للتدخل في شؤون الجزائر " فند رئيس اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين الطاهر بلعباس أن تكون أطرافا أجنبية هي التي بادرت إلى تحريك شبان الجنوب للخروج إلى الشارع و المطالبة بالتشغيل في المؤسسات البترولية، و أكد بالمقابل بأن التنظيم الذي دعا إلى الوقفة الإحتجاجية رفع شعار " الوحدة الوطنية خط أحمر "، و هو الشعار الذي قطع الطريق أمام كل من حاول إستغلال الظرف لضرب إستقرار البلاد، لأن بعض الأحزاب السياسية قامت كما قال " بمناورات من هذا القبيل و حاولت مساومتنا بالسماح لها بتنبي المبادرة للظهور في الساحة كتيار معارض يدافع عن حقوق الشباب، لكننا رفضنا جميع هذه المساومات، لأننا لا يمكن أن نكون الوقود الذي تستعمله هذه الأطراف لإشعال شرارة الفتنة في الجزائر، و مواصلة مد " الربيع العربي " نحو بلد عربي آخر، بل أن مطالبنا واضحة، و لا يستطيع أي كان تبنيها او الدفاع عنها من أجل زعزعة الجزائر ". بلعباس و في حوار خص به " النصر " على هامش الوقفة الإحتجاجية المقامة أول أمس بورقلة اشار إلى أن التنظيم الذي إصطلح على تسميته " اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين " لم يتلق إتصالات من أي طرف أجنبي منذ الإعلان عن قرار تنظيم مسيرة مليونية للمطالبة بالتشغيل في الجنوب، مضيفا في هذا الإطار بأن بعض وسائل الإعلام حاولت إعطاء القضية بعدا مغايرا، بالحديث عن وجود جهات أجنبية وراء تحريك هذا التنظيم، مع ترقب الموعد المحدد للمسيرة لإندلاع أحداث عنف و شغب، كما أننا كما أردف " لم نسمح لأي حزب بالوقوف إلى جانبنا طيلة فترة التحضير لهذه الوقفة، لأننا متعودون على هذه الوضعيات، و مسعانا واضح، حيث أننا نطالب بمناصب شغل دائمة في الشركات التي تستغل ثروات البلاد، من دون أن نكون وسيلة تستعملها جهات أخرى لتحريك أغراضها و أهدافها ". و في هذا السياق أكد محدثنا بأن اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين إعتمدت على تبرعات شبان ولايات الجنوب في إعداد الشعارات و باقي الجوانب المتعلقة بالتنظيم، " من دون السماح لأي حزب سياسي بالمساهمة و لو بسنتيم واحد، و الدليل على ذلك أننا كنا بحاجة إلى مبلغ 18000 دينار جزائري سهرة الأربعاء إلى الخميس لإستكمال بعض الشعارات، مما أجبرنا على التجول في الأحياء الشعبية لمدينة ورقلة، و قد جمعنا قرابة 3 ملايين سنتيم في ظرف زمني وجيز، لأننا على قناعة بأن فتح الطريق أمام أية جهة أخرى يحيد بالتنظيم عن هدفه الرئيسي، مادام مطلب التشغيل واضح، و الأمر مقترن بقرارات من السلطات العليا للبلاد ". و بخصوص الوقفة الإحتجاجية أكد بلعباس بأن مشاركة قرابة 10 آلاف بطال من مختلف الولايات دليل واضح على نجاح المبادرة التي كان قد دعا إليها تنظيمه، مشيرا في نفس الإطار إلى أن الشعارات التي رفعها المشاركون في الوقفة الإحتجاجية كانت دليل على قناعة البطالين بضرورة عدم المساس بالسيادة الوطنية، كما أن حملة التحسيس و التوعية التي قام بها المنظمون في أوساط الشبان بمختلف احياء ورقلة و الولايات المجاورة أتت بثمارها الميدانية من خلال الإحتجاج سلميا من دون القيام باي اعمال عنف أو تخريب، و هنا فتح بلعباس قوسا ليكشف عن دوافع العدول عن فكرة تنظيم مسيرة، و الإكتفاء بوقفة إحتجاجية أمام مقر البلدية، حيث أكد في هذا الصدد قائلا : " سعي بعض الأطراف إلى إستغلال المسيرة لإشعال نار الفتنة كان السبب المباشر في تراجعنا على المشروع الأولي، لأننا نريد إيصال صوتنا إلى الحكومة بعيدا عن العنف و الفوضى، كما أننا كنا قادرين على التحكم في الأوضاع أثناء الوقفة الإحتجاجية، رغم أن بعض الجهات كانت قد طالبت بالإنطلاق في مسيرة نحو مقر الولاية، لكنننا و بعد مشاورات حثيثة مع المعنيين تمكننا من إقناعهم بالإكتفاء بالإحتجاج، مع ترقب رد الفعل الميداني للجهات المعنية ". و في رده عن سؤال يتعلق بموقف تنظيمه من التدابير التي إتخذتها الحكومة منتصف الأسبوع الفارط لفائدة البطالين بولايات الجنوب أكد بلعباس بأن الشروع في التجسيد الميداني للإجراءات التي أعلن عنها الوزير الأول عبد المالك سلال سيكون كافيا للحسم في المطلب الرئيسي للحركة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين، لأن الإشكال يتطلب حلا من السلطات العليا للبلاد، مادام الوضع على الصعيد المحلي تجاوز الخطوط الحمراء، و لم يعد بإستطاعة مسؤولي الولاية التحكم فيه، و فرض الرقابة الصارمة في التشغيل على مستوى الشركات البترولية بالجنوب من شانه أن يفتح الباب أمام أبناء المنطقة للظفر بمناصب عمل قارة و في مناصب تحفظ كبرامة الشاب الجزائري، ليخلص إلى القول بأن تنظيم الوقفة الإحتجاجية بنجاح دون تسجيل أية إنزلاقات كان بمثابة رسالة واضحة المضمون إلى الأطراف الأجنبية على أن الشاب الجزائري متشبع بالروح الوطنية، و لا يمكن أن يكون الآلة التي تستغل لتخريب الممتلكات العامة، مع الكشف عن المطلب الرئيسي بطريقة حضرية، و الخطوة الموالية ستكون حسبه بعد الوقوف على النتائج الميدانية للتدابير الإستعجالية التي إتخذتها الحكومة .