حطّت مجددا قصة ”مونسيرا” إحدى روائع الكاتب الفرنسي إمانويل روبلاس، على ركح سيدي بلعباس الجهوي في عرض مسرحي قدمته التعاونية الثقافية للمسرح بورسعيد من الجزائر العاصمة، حيث يعتبر الثالث بعد تقديمها بالمسرح الوطني بشطارزي ومسرح باتنة الجهوي قبل أيام قليلة، وعلى دخولها لأول مرّة الجزائر بمدينة وهران مسقط رأس روبلاس، سنة 1989. المسرحية التي أخرجها جمال قرمي وترجمها محمد فراح، بمشاركة عديد الممثلين على غرار عبد النور شلوش في دور ”الفنان الإسباني”، نادية طالبي، طه العامري، الذي عاد إلى مونسيرا في شخصية ”الأب” بعد أن لعب منذ أكثر من ستين سنة دور الشخصية المحورية في هذه القصة، إلى جانب بولعراف الياس، أوجيد مراد، كمال زرارة، حفيظ بركان وآخرون.. جسدت ورسمت فوق الخشبة طابعا كلاسيكيا بكثير من الجماليات التي تنّم عن الحقبة التاريخية التي جرت فيها الأحداث أي في صائفة جويلية 1812 بفنزويلا، فاستطاع العرض المميز شد انتباه الجمهور لساعتين من الزمن، واللتين كانتا كافيتين لسرد إحدى روائع قصص النضال والثورة وإبراز أوجه التعذيب والتنكيل للأبرياء. بطل القصة الضابط ”مونسيرا ”الذي أطل على الحضور ببدلة عسكرية، إلى جانب زملائه من الضباط وقائدهم ”إزيكواردو” المكلف بمهمة تعذيب ”منسيرا”، حتى يعترف بمكان مخبأ ”سيمون بوليفار” زعيم الثورة المطارد من طرف الجيش الإسباني. يحدث هذا بعد أن خان منسيرا الملك وجنوده إيمانا منه بالمقاومة الفنزويلية للغزاة الإسبان وأنّ ما يقوم به الإسبانيون وحشي وغير قانوني في حق شعب بريء، لكن مع إصرار مونسيرا على عدم الاعتراف في غرفة التحقيق بحضور الرهائن الستة الذين عانوا من قمع الضابط الذي مارس عليهم أشكال مختلفة للتعذيب الجسدي واللفظي من خلال السب والشتم والتحرش الجنسي، مثلما وقع مع الفتاة ”إلينا” التي فضلّت الموت على أن ينتهك شرفها، قرر الملازم الأول ”ازيكواردو” قتل الأبرياء الستة وسط حسرة ودموع من مونسيرا الذي ضحى بهؤلاء مقابل ملايين من الناس التوّاقة للحرية والاستقلال. هذا الحلم صار حقيقة بعودة بوليفار قائد الثورة في فنزويلا. يذكر أنّ العرض تم في إطار فعاليات مهرجان المسرح المحترف الذي احتضنته سيدي بلعباس بين 10 و16 من الشهر الجاري، بمشاركة ثماني فرق مسرحية من مختلف ولايات الوطن.