لايزال البرنوس متربعا على عرش الألبسة التقليدية في الجزائر، بحضوره في مختلف المناسبات الاجتماعية، وبالرغم من أن عدد الحرفيين يعدون على الأصابع، إلا أن الطلب عليه لا يزال متواصلا نظرا لرمزيته وأصالته. كان البرنوس التقليدي بنوعيه الرجالي والنسائي حاضرا نهاية الأسبوع، بقصر الثقافة مفدي زكريا بالعاصمة في إطار افتتاح شهر التراث، حيث شارك في هذه التظاهرة التي ستمتد الى غاية 25 أفريل الجاري حرفيون من 20 ولاية، على غرار الجزائر العاصمة، البليدة، بجاية، أم البواقي، الوادي، مستغانم، تڤرت، بسكرة، تبسة، عين الدفلى، تلمسان، مسيلة وتيارت، أين تم عرض البرنوس التقليدي بمختلف أشكاله سواء المصنوعة بالوبر أو بالصوف أو بالقماش والذي تتميز بها كل منطقة جزائرية. تتجلى أنواع البرنوس المعروضة في البرنوس الرجالي الذي يرتديه الرجال للوقاية من قساوة المناخ وبرد الشتاء، وكذا البرنوس النسائي الذي يكون من القماش وترتديه العرائس كرمز للعفة والسترة، بالإضافة إلى البرنوس الخاص بالأطفال الذي غالبا ما يرتدونه في حفلات الختان. وعن تاريخ هذا اللباس الجزائري الذي يرمز إلى الهيبة، السيادة والقوة والذي أتقنت أنامل جزائرية في خياطته، يقول منصوري محمد، ملحق بالحفظ والإصلاح بقصر الثقافة لواج، أن ”البرنوس أو الفرنوس” أو ”علاو بالشاوية” ذو أصول أمازيغية، ويذكر ابن خلدون أن سكان البربر كانوا يلبسون برانس سوداء اللون”، مضيفا أن العصرنة لم تغير ولم تؤدّي إلى زوال هذا اللباس وهو ما يفسر يقول حضوره في المناسبات الرسمية والاحتفالات. وأن أحضر كل حرفي على هذا البرنوس التقليدي بعض اللمسات التي شملت نوع القماش واللون وكذا الرسومات المزينة لها والتي تختلف من ناحية إلى أخرى إلا أنهم يتفقون على أن هذا اللباس الموروث عن الأجداد تشترك فيه كل المناطق الجزائرية. ويجمع هؤلاء الحرفيون من أم البواقي، بجاية، وهران، عين الدفلى وغيرها من المناطق أنه للحفاظ على هذا التراث يستوجب توفر المادة الأولية وإنشاء ورشات. النساء اللواتي ينسجنه يعددن على رؤوس الأصابع ولأن إعداد البرنوس يمر بعدة مراحل بدءا من إعداد الصوف وغزلها ثم نسجها ثم تفصيل القطعة المنسوجة وخياطتها، فقليل من نساء اليوم من تتقن هذه الحرفة، وعليه بقيت بعض المسنات متمسكات بإعداد البرنوس، وارتأت أن تعلم الحرفة لنساء أخريات من أجل الحفاظ على هذا اللباس التقليدي من الاندثار. في هذا السياق، تقول غوني زهور حرفية من تڤرت ، إنها تسعى جاهدة وبإمكانياتها الخاصة للحفاظ على البرنوس المصنوع من الصوف، وذلك من خلال تلقينها بنات منطقتها طريقة النسج والخياطة. البرنوس القاسم المشترك بين مناطق الجزائر تهدف هذه التظاهرة، حسب مديرة قصر الثقافة مهاجية بوشنتوف، إلى تثمين هذا اللباس التقليدي وإبراز أن البرنوس القاسم المشترك لمختلف مناطق الجزائر وحتى البلدان المغاربية مثل مثله طبق الكسكسي الذي يجمع بين شعوبها، ويبقى المعرض مفتوحا إلى غاية 25 أفريل الجاري، حيث سيتسنى للزوار اكتشاف هذا اللباس التقليدي من جديد. وبالموازاة مع المعرض سيتم إحياء حفلين فنيين للغناء البدوي بالإضافة إلى تخصيص معرضا للسماع الصوفي ”أداب ووجدان”.