أظهرت أغلبية المقترحات التي قدمها حزب جبهة التحرير الوطني مطابقتها الكبير للدستور الفرنسي، خاصة فيما يتصل بالتوسيع الكبير لصلاحيات الرئيس، الذي بإمكانه حل البرلمان في حالة رفضه تطبيق برنامج الحكومة، كما يدعو الأفالان إلى إلزامية أن يكون الوزير الأول وحكومته من الأغلبية البرلمانية، كما وسعت مهام مجلس الأمة من خلال منحه حق التعديل التشريعي فضلا عن إضافات في مجال الحقوق والحريات. وحتى وإن كانت المقترحات التي قدمها، أمس، الأستاذ في القانون الدستوري بوجمعة صويلح متطابقة مع الدستور الفرنسي في الأبواب المخصصة للعلاقات بين السلطات الثلاثة أي التشريعية والتنفيذية والقضائية، إلا أن الشقاق برز في بيت الأفالان بين من يريد تقييد العهدات باثنتين، كل عهدة ب 7 سنوات، وبين الداعي للإبقاء عليها مفتوحة، والدليل أن الندوة لم تتطرق إلى هذه النقطة الجوهرية، لحساسيتها وارتباطها بالانتخابات الرئاسية القادمة، وتركتها لرئيس الجمهورية باعتباره المشرف الأساسي على مشروع التعديل الدستوري. وتناول صويلح في الندوة التي عقدها أمس بمقر الأفالان، احتفاظ الحزب بأهم المواد التي وردت في الباب الأول والمتصلة بالثوابت الوطنية، فيما شملت الاقتراحات الخاصة بباب السلطات العلاقة بين السلطة القضائية والتنفيذية والتشريعية، وعدد موادها المقترحة تصل إلى 110 مقترح. كانت الاقترحات الخاصة بباب السلطات، الأكثر عددا، وركزت على مبدأ ثنائية السلطة التنفيذية، مع توسيع كبير لصلاحيات رئيس الجمهورية، وتشكيل الحكومة من الأغلبية البرلمانية، وفي حالة عدم وجود طابع الأغلبية في البرلمان، فإن رئيس الجمهورية يجري مشاورات مع الكتل البرلمانية من أجل تنصيب الحكومة، وفي حالة عدم توصله إلى حل توافقي يقوم بإجراء حل البرلمان وإعادة تنظيم انتخابات تشريعية أخرى تتمخض عنها أغلبية برلمانية. وخلال فترة حل البرلمان تبقى الحكومة تمارس مهامها، وتشرف على تنظيم انتخابات برلمانية أخرى، وتنص المقترحات بأن يقوم الوزير الأول بتطبيق البرنامج المصادق عليه من طرف البرلمان، خاصة وأن الوزير الأول يحمل نفس اللون السياسي للأغلبية البرلمانية المشكلة للحكومة، وقد أعطيت صلاحيات الرقابة للبرلمان من خلال حق المساءلة عن تطبيق البرنامج. ودائما في إطار تعزيز صلاحيات السلطة التشريعية أضيف حق التشريع لمجلس الأمة، مع إحالته مجددا للبرلمان للمصادقة عليها، وفي حالة الخلاف يطرح النص على لجنة مشتركة الأعضاء للفصل في الموضوع، وفي حالة وجود انسداد تسحب الحكومة النص. أما استقلالية القضاء فيقترح الأفالان إحالة المسؤولين على محاكم خاصة للمحاكمة عن الجنح والخيانات التي يرتكبونها. وعززت مقترحات الأفالان من سلطة الدولة، ونصت على ضرورة التزام الإدارة بالحياد التام وعدم خضوعها بأي شكل من الإشكال للميول السياسية أو الدينية، كما تتناول مقترحات أخرى أهمية تحديد المناصب السامية في الدولة بقانون، مع منع عدم حاملي الجنسية الجزائرية من تقلد مناصب عليا وسامية في الدولة مع التزام زوجة الشخص أيضا بنفس المنع، ويتم ذلك بقانون عضوي صارم. أما في مجال الحريات فقد جاءت في 26 مقترحا، تتمحور مجملها حول أهم النقاط التي تناولها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولا يسحب حق الشخص في ممارسة حرياته إلا بقرار قضائي بعيدا عن المسار التنفيذي للإدارة، كما وسعت أيضا في هذا الباب جميع الحقوق الخاصة بالأجانب المقيمين على أرض الوطن. كما أوصى الأفالان في مقترحاته بأهمية تحرير القطاع السمعي البصري. وبخصوص المجلس الدستوري، فقد حددت أعضاءه ب 7، ثلاثة منهم بمن فيهم الرئيس يعينهم رئيس الجمهورية، مع تعيين أربعة أعضاء من قبل رؤساء البرلمان ومجلس الأئمة. أما باب الحريات وحقوق الإنسان، فقد تم التركيز على إنشاء مفوض للجمهورية يعنى بمتابعة حقوق الإنسان وتطبيقها عهدته 5 سنوات غير قابلة للتجديد، وإضافة كلمة بيئي للمجلس الوطني الاجتماعي والاقتصادي.