يحاول حزب جبهة التحرير الوطني العودة إلى الواجهة السياسية من خلال التطرق لمشروع تعديل الدستور، وهذا رغم الفراغ المؤسساتي الذي يخيم على الحزب، حيث من المنتظر أن يعقد الحزب، اليوم، ندوة يشرح فيها أهم مقترحات الحزب بشأن التعديل الدستوري، والتي تنحصر مثلما أكدته مصادر ”الفجر” في حصر العهد الرئاسية في عهدتين، والمرافعة لصالح نظام شبه رئاسي بصلاحيات واسعة للرئيس”النموذج الفرنسي” وحكومة تمثل الأغلبية البرلمانية التي ليست شرطا أن تحمل نفس اللون السياسي للرئيس. حسب مصادر ”الفجر” الحزبية، فإن أغلبية مقترحات الأفالان تمنح صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، تزيد عن تلك التي يتمتع بها الآن، حيث سيتم الإبقاء على رئاسته للدفاع، مع صلاحيات أخرى في اتخاذ القرارات بشأن القضايا المصيرية، في الحالات الاستعجالية كما هو الشأن في الحروب والظروف الاستثنائية دون الحاجة إلى موافقة البرلمان. وفضلا عن هذا تصب المقترحات، مثلما أكدته مصادرنا في خانة الفصل بين السلطات الثلاثة أي التنفيذية القضائية والتشريعية، حتى وإن ضمن الدستور استقلاليتها، غير أن مقترحات الأفالان تضع السلطتين الأخيرتين في ترتيب أدنى من ترتيب السلطات التنفيذية التي يكون فيها الرئيس هو الآمر الناهي. وتقترب المقترحات التي يرافع عنها الأفالان، فيما يتصل بصلاحيات الرئيس من النظام شبه الرئاسي المطبق في فرنسا، رغم أن البعض يعتقد أنها تشابه النظام الرئاسي الأمريكي، الذي يمنح سلطات يمكن اعتبارها مطلقة للرئيس مقارنة بالسلطات الأخرى، ولا يستطيع إسقاط قرارات الرئيس إلا بواسطة نظام خاص بمجلس الشيوخ وهي حالات نادرة جدا. وحتى وإن كانت مقترحات الأفالان في الوقت الراهن في شكل مفاهيم عامة، وليس مواد مجزءة لأنها مجرد مسودة سيقدمها لرئاسة الجمهورية علها تؤخذ بعين الاعتبار. وحافظ الأفالان في مسودته على مبادئ جاء بها دستور 1989، ومتمثلة في حرية التعبير، حق الممارسة النقابية والتظاهر، الحقوق المدنية والحريات الفردية الأخرى. ويحرص الأفالان في نظرته على تحديد المسؤوليات بدقة بشكل لا يسمح بتمييع المسؤوليات في الدولة، وبشكل لا تكون فيه الحكومة مستقلة عن الرئيس وأيضا غير مخالفة للأغلبية البرلمانية، أي عكس ما هو عليه الآن، أي تكون الحكومة تمثيلية للأغلبية البرلمانية ، وهو ما يعني أن اللون السياسي للرئيس لا يحتم أن تكون الحكومة من نفس تياره بل للبرلمان صاحب الأغلبية، وهو الأمر المغيب الآن في الدستور الحالي وعلى أرض الميدان حيث لا توجد مواد بعينها تؤكد إلزامية أن تكون الحكومة أي الوزراء وحتى الوزير الأول من نفس لون الأغلبية البرلمانية. ولا تختلف مقترحات الأفالان في هذا الشأن عن المسعى العام للتعديلات الدستورية التي شرعت فيها الجزائر منذ سنة 1989 ثم 1996 وأخيرا في 2008، في المواد الخاصة بتعزيز المشاركة السياسية للمرأة، ومنصب الوزير الأول، باستثناء فتح العهدات الرئاسية التي يريد الحزب حصرها في عهدتين وهو الاقتراح الذي أدخله الرئيس السابق اليمين زروال في دستور 1996. وفيما يتصل بصيغة تمريره، يريد الأفالان أن يمر عبر البرلمان وليس عن طريق استفتاء شعبي، بالنظر للأغلبية المريحة التي يتمتع بها في المجلس في الوقت الراهن رفقة تشكيلات أخرى تدعم رئيس الجمهورية، والتي سوف لن تخالف ما يقترحه القاضي الأول للبلاد. ويدافع الأفالان، عن هذا المقترح الجديد، باعتبار أن ذلك يكرس صيانة الخيار الشعبي وإرادة المسودة في تنفيذ مشاريع الحزب الذي صوت على نوابه في الانتخابات التشريعية.