ألقى أول أمس بالمركز الثقافي الفرنسي الدكتور مصطفى شريف الحائز مؤخرا على جائزة اليونيسكو-الشارقة للثقافة العربية، وجائزة الدوتشي من أجل ثقافة السلم محاضرة حول موضوع ”الأمير عبد القادر الجزائري وحوار الأديان” حيث تكلم الدكتور عن أخلاقيات مؤسس الدولة الحديثة و زعيم المقاومة وأحد الأقطاب الروحية والذي اعتبره شخصية مرجعية في الحوار العالمي للثقافات والأديان والحضارات مستدلا بقوله الشهير ”أرى نفسي في الأخر وأجتمع مع الآخر في رؤية العالم” . كما أشار الى ان الأمير كان رجلا حكيما يعرف الرجال الآخرين، وتحدث الحائز على جائزة اليونيسكو عن المبادئ الإسلامية السمحة التي فهم الأمير حقيقتها كمبدأ ”أكرمكم عند الله أتقاكم” وفي قوله تعالى ”وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا” حيث كان الأمير يعترف بحق الآخر في الإختلاف و يحترم تفرده للعيش معا حيث يرى أنه شرط هام من الشروط للعيش معا في العدالة، و تطرقت المحاضرة كذلك الى تطور الحضارة الإنسانية حيث شبهها بالإنسان في تطوره خلال مراحل حياته وذلك بالكلام عن مجيئ الديانات السماوية الأولى لتذكر الإنسان بالنواهي والمسموحات الأولية لا تقتل ،لا تسرق ...الخ ثم جاءت المسيحية لتدعو الى المحبة والتسامح ليتم الإسلام الرسالة بعد وصول البشرية الى درجة من النضج ما جعل الخطاب يدعو الى العقلنة ويتم رسالة الأديان الأخرى بالدعوة الى احترام كل الرسالات، والأنبياء الذي بعث الله بهم لهداية أقوامهم، ويرى مصطفى شريف أن الثقافة الإسلامية هي الوحيدة التي أنجبت في القرون الماضية حضارة عالمية لأنها جمعت بين القطبين المتقابلين العقل والقلب أو الظاهر والباطن. وقد تجلى الظاهر في التفكير العقلي المبني على المنطق أو العلوم النقلية” أما الباطن فيمثل كل ما له علاقة بالروحانيات والصلة الرابطة بين المخلوق والخالق” واعتبر المحاضر أن امتزاج هذين القطبين بالطريقة المنسجمة أعطى العلم النافع لتقريب وجهات النظر بعيدا عن الإصطدامات الحضارية كما أرجع سبب ابتعاد صورة الأمير عبد القادر كنموذج يقتدى به عن التسامح والحوار الحضاري يعوض استيراد نماذج من الخارج الى الإستغراق الأشخاص في المذاهب المتعارف عليها دون الإلتفات الى النماذج الروحية الهامة.