تميزت مداخلات المثقفين والادباء الذين شاركو في الملتقى الوطني الأول حول فكر بختي بن عودة، والذي يعد اطلالة واستشراق عن مسيرة هذا الكاتب الكبير من خلال تحديد عوالم هذا المثقف والفيلسوف، رغم دوره التنويري في مرحلة انحطاط القيم منتصف التسعينيات وغياب مشهد ثقافي واضح في الالفية الحالية سارع الى اندثار الجانب الفني للاعمال الابداعية لمختلف المثقفين الجزائريين الذين اصبحوا اليوم يعيشون حالة من الابهام والغموض جراء التهميش الذي طالهم. احميدة العياشي: ”بختي كان فيلسوفا ما قدمه يبقى خالدا وصالحا لكل زمان” كشف احميدة العياشي مدير جريدة ”الجزائر نيوز” خلال افتتاح اللقاء الفكري بمناسبة إحياء الذكرى ال18 على رحيل الكاتب بختي بن عودة مساء الأربعاء ”بفضاء بلاستي” إن الهدف من هذا اللقاء هو السعي لتحقيق راية مقربة لأعمال الراحل بن عودة من خلال الملتقى الأول الذي نظم تخليدا لأعماله وأيضا الشروع للتحضير لإنشاء أول كتاب يضم شهادات أصدقائه من أدباء ومفكرين وأساتذة الذين عايشوه وكذا الإعلان عن جائزة بختي بن عودة تخليدا لأعماله وعرفانا لما قدمه من أعمال أدبية بقيت راسخة إلى يومنا هذا، خاصة وأن أعمال بن عودة إتسمت بأنماط فكرية فريدة، كما تعد هذه المبادرة بمثابة عرفانا بأعماله ودوره كمثقف جزائري ومبدع من نوع خاص بالإضافة إلى مؤتمر ينظم سنويا وفاءا لروحه. لم يستثني احميدة العياشي القدرات الإبداعية لهذا الكاتب بختي بن عودة والذي إغتالته أيادي الغدر في 22 ماي 1995 كتكريم له خاصة وأن المفكر والمثقف الجزائري يعيش اليوم التهميش والا مبالاة، مضيفا أنه لا يمكن أن نحول يوم الإحتفال بذكراه للنواح والبكاء على الأطلال بقدر ما يكون مناسبة لإعادة إعتبار لأعماله خاصة وأان رحيله كان في سن مبكرة وهي 34 سنة ويمكن أن نقول إنه رحل في عز عطائه إلا أن ما قدمه يبقى خالدا وصالحا لكل زمان، لذا وجب ان نحول الإحتفالية الخاصة بالراحل بن عودة إلى مناسبة فكرية وثقافية نستذكر أعماله ونتصفح في مغزاها لما تحمله من معان عميقة وكبيرة. هدى.ح الشاعر عبد الله الهامل: ”بن عودة هو نموذج للمثقف الجزائري المستقل” أكد الشاعر عبد الله الهامل من خلال مداخلاته أن إسترجاع فكر بن عودة، بعد 18 عاما من إغتياله، هو فرصة لقراءة شوط من الأشواط التي قطعتها الجزائر منذ التسعينيات إلى يومنا هذا، محطة للتساؤل: من يذكر بختي الشاب المثقف المغتال في ربيعه ال 34؟ كم شخص يعرف أن بختي كان شاعرا وكاتبا وصحفيا وقارئا مهما وناشطا بلا كلل، بن عودة هو نموذج للمثقف الجزائري المستقل، المتحرر من كل تبعية قد تحجب عنه أفق الحقيقة التي بحث عنها في الكتب الكثيرة، فالملتقى الأول كان للبحث عن ما كان يشغل فكر بن عودة وعن الأسئلة التي كان يطرحها بن عودة والذي يعتبر خسارة للثقافة الجزائرية فقد كان مشروع مفكر وفيلسوف إلا أن القدر أراد أن يرحل في ال34 من عمره ويضيف عبد الله لهامل أن الحديث عن بن عودة لا يسجل في خطاب السرد بل يجب أن يكون مجالا للبحث بطريقة أكاديمية لمستوى الكتابات التي أظهرت مسيرته الأدبية. فهو مفكر من طراز حيوي أسئلته كانت سباقة، هي كوفاء للمرحوم والإرهاصات الأدبية التي يحملها بن عودة الذي كان منخرطا في تيار الحداثة مستشرقا كبيرا وكان أيضا متنبا لواقع الأدب والفكر الجزائري الذي طغت عليه عدة تناقضات فلسفة التاريخ، النقد الادبي، العمر القصير. قدم الكثير من الكتابات وطرح العديد من الأسئلة صالحة لوقتنا الحالي وكأنه كان متنبئ لحال المشهد الأدبي الجزائري ولذا نقول إنه كان سابق لزمانه باعتبار إنه لامس إشكالات فلسفية كان له السبق فيها كاشكالية القرن الحالي وبالنظر إلى المشهد الأدبي الحالي ندرك أن الأمور غامضة و”مرتبكة” في ظل الأحداث التي نعيشها وفي ظل التهميش الذي يعيشه المثقف في الوقت الحالي اننا نعيش لحظة انحلال -يقول الشاعر الهامل- لكل القيم الأن نتحدث عن مرحلة السقوط الحر للمشهد الثقافي الجزائري، وكان رحمه الله ملهما في مرحلة كان فيها الكتاب عملة نادرة بالجزائر، ولعل أهم ما كان يميزه أنه كان كثير الاطلاع على كل ما له علاقة بالأدب ويضعه بين يدي المثقفين، وأكثر من هذا كان يبقي باب منزله بعمارة سان شارل بوهران مفتوحا لكل باحث عن مرجع علمي أو أدبي . الباحث محمد عبو:”أعترف أن الجامعة لم تنصف بن عودة برغم عطائه” أثنى الأستاذ محمد عبو مدير جامعة وهران السابق على روح المبادرة التي كانت تميز هذا الكاتب المميز خاصة وأنه عايش المرحوم بن عودة في حياته الجامعية حيث كان يرأس أنذاك جامعة وهران، حيث يقول: ”كنت من أشد المعجبين بالراحل، حيث كانت لدينا العديد من المشاريع العلمية ولكن القدر أراد أن يطفئها في لحظة باعتبار أن الراحل بن عودة كان شديد الحرص على دعمها بأفكاره في مجال الأدب وأعترف اليوم أن الجامعة لم تنصف بن عودة خاصة وأنه كان شديد الحرص على دعمها فكريا وأدبيا. ”. مضيفا أنه كان من بين الأشخاص الذين عايشه قبل إغتياله بدقائق: ”خاصة وأنني ودعته على أمل اللقاء به خلال اللقاء الدولي حول الترجمة في اليوم الموالي إلا أن أيادي الغدر كانت في انتظاره وأطفأت شمعته التي كانت تضئ بنور الامل والعطاء بكل جوانبه، إنه فعلا من خيرة المثقفين الذين أنجبتهم الجزائر.”. كما تم بالمناسبة عرض الكتاب الوحيد الذي أصدره والذي يحمل عنوان ”رنين الحداثة”.