ينتظر أن يصدر عن الكاتب الراحل، بختي بن عودة، الذي اغتالته أيادي الغدر يوم 22 ماي 1995، كتاب عبارة عن شهادات حية لرفقائه الذين عايشوه. وتكريما لمآثره يجري العمل لتأسيس جائزة تحمل اسمه تخصص للإبداع النقدي والفكري، من خلال مؤتمر ينظم سنويا في ذكرى وفاته. قال احميدة العياشي، مدير جريدة "الجزائر نيوز"، بمناسبة إشرافه على تنشيط لقاء فكري بمناسبة إحياء الذكرى ال18 لرحيل الكاتب بختي بن عودة، أمس، بمقر الجريدة بالجزائر العاصمة، أن الهدف من تنظيم اللقاء هو السعي لتحقيق هدفين أساسيين يتعلق الأول بإنشاء أول ملتقى باسم الكاتب الراحل ومن ثمة إصدار أول كتاب له يضم شهادات أصدقائه ومن عرفوه، ويتمثل الهدف الثاني في تأسيس جائزة بختي بن عودة كتكريم لهذا الكاتب، الذي زاوج بين الفكر والممارسة بعيدا عن كل ذاتية، وعرفانا بأعماله ودوره كمثقف لاسيما في ظل ما يعيشه المثقفون الجزائريون من تهميش. وأضاف المتحدث "حقيقة بختي رحل جسديا إلا أن أعماله لا تزال شاهدة على قدراته الإبداعية، وإن كانت أيادي الغدر والإرهاب قد قتلت مفكرا ومبدعا، فإن أصدقاءه سيظلون أوفياء له من خلال إحياء ذكراه وتحويلها إلى احتفالية فعلية وفكرية وثقافية". وحضر اللقاء التكريمي، جمع غفير من الأدباء والكتاب، والشعراء من رفقاء الفقيد الذين اعتبروا المناسبة فرصة لاستذكار مآثره، وكان من بين الشهادات التي قدمت شهادة الأستاذ محمد عبو المدير السابق لجامعة وهران والذي قال "كنت واحدا من أشد المعجبين بالكاتب بن عودة، حيث عشت معه كرئيس جامعة لمدة طويلة، وكانت لدينا العديد من المشاريع العلمية التي لم يكتب لها أن ترى النور"، موضحا أن جامعة وهران لم تنصف الكاتب الذي كان شديد الحرص على دعمها بكل ما يملك من أفكار في مجال الأدب. وأضاف المتحدث قائلا "أُعتبر واحدا من الذين عايشوا الراحل في ساعاته الأخيرة قبل اغتياله وأذكر أنني أوصلته إلى منزله، حيث طلب منه والده إدخال أمتعته، ليلتحق هو بأصدقائه بالحي للعب كرة القدم وودعته على أن ألتقي به في اليوم الموالي للاتفاق حول أمور تخص اللقاء الدولي حول الترجمة الذي كنا بصدد التحضير له لأفاجأ بخبر اغتياله في صباح اليوم الموالي، في تلك الأثناء أدركت أننا فقدنا واحدا من خيرة المثقفين الجزائريين". ومن بين الشهادات التي قدمت أيضا، شهادة الشاعر عبد الله الهامل الذي قال بأن الكاتب الكبير بختي بن عودة كانت لديه قناعة بأن النقد هو الحوار، وكان أيضا من الأدباء القلائل الذين اتجهوا نحو الفلسفة، وكان رحمه الله ملهما في مرحلة كان فيها الكتاب عملة نادرة بالجزائر، ولعل أهم ما كان يميزه أنه كان كثير الاطلاع على كل ما له علاقة بالأدب ويضعه بين يدي المثقفين، وأكثر من هذا كان يبقي باب منزله بعمارة سان شارل بوهران مفتوحا لكل باحث عن مرجع علمي أو أدبي ولعل من أهم صفاته التي كان ينفرد بها هي روح المبادرة وعدم الاستسلام على الرغم من أنه عاش حياة صعبة. من جهته، أثنى الكاتب عز الدين ميهوبي على المبادرة التي جاءت لإحياء ذكرى الفقيد بن عودة، حيث قال "كان بن عودة من خيرة المثقفين الجزائريين وكان حاملا لمشروع حقيقي وكان شخصا متفائلا يتطلع دوما إلى المستقبل"، واسترسل قائلا "تعود علاقتي بالفقيد بن عودة إلى الثمانينات وكان آخر لقاء لي معه في أفريل من سنة 1995، حيث التقيته وعرضت عليه بعض القصائد الشعرية وطلبت منه أن يرشح الأفضل منها، كوني كنت مشرفا على مسابقة الثامن ماي للشعر، غير أن أيادي الغدر اغتالته ولم تمنحنا فرصة النهل من قدراته الفكرية، وعقبها مباشرة كتبت فيه قصيدة شعرية أداها محمد بوليفة ومن بين ما أذكر من أقواله التي لا تزال راسخة في مخيلتي أن مكانه ليس بوهران لأنها لم تعد تسع ما يملكه من أفكار وأنه كان يتطلع لزيارة العاصمة". للإشارة، عرف اليوم التكريمي حضور أرملة الفقيد وابنته، كما تم بالمناسبة عرض الكتاب الوحيد الذي أصدره عنوانه "رنين الحداثة".