يقول المثل الشائع: ”الكرش كيف تشبع تقول للراس غني”، ما يعني أن الغناء يحلو عندما يكون المغني يعيش راحة بال وطمأنينة، فينطلق طربا. لا أدري إن كان هذا المثل ينطبق على الشاب الفلسطيني ”محمد عساف”، الذي برع صوته الجميل في برنامج ”آراب أيدول” الذي اكتشف مواهب وأصوات أجمل حتى من أصوات عناصر فرقة التحكيم. لا أبخل على الفلسطيني أن ينطلق صوته صداحا بالغناء، فأجمل الأشعار تأتينا من هناك، من هذا الشعب الذي يعيش ظلما غير مسبوق على يد الاحتلال. بل لا أقول كيف تفاعل الشارع العربي مع هذا المطرب الفلسطيني، الذي عرف كيف ينسي العرب قضيتهم الأولى، تعاطفا لم تلمسه القضية الفلسطينية نفسها. وكأن المشرفين على البرنامج أرادوا تحويل أنظار العرب عن الأزمة الفلسطينية، لينسوا أن فلسطين ما زالت محتلة، وأن إسرائيل ما زالت تستحوذ يوميا على المزيد من الأراضي، وتبني المزيد من المستعمرات، وتبتعد يوميا عن مسار السلام الذي ورطت فيه السلطة الفلسطينية، فلم تجن لا السلام، ولا اعترافا لها بدولة قائمة بذاتها!؟ لينسوا أن حماس استولت على غزة وسلختها من القضية، وأن زعماءها اليوم يعيدون نفس الأخطاء التي وقع فيها قبلهم عرفات، عندما ساند صدام حسين في احتلاله للكويت، فما كان من الكويت إلا طرد مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في أمان ونعيم في الكويت!؟ نفس الشيء تعيده المعارضة بانقلابها على نظام بشار ولجوئها إلى قطر معلنة الجهاد ضد النظام السوري ناسية كرمه ووقفته بجانبها! وها هي اليوم أخبار غير موكدة تنبئ بقرب نهاية الملجإ الآمن القطري لمشعل وجماعته الذين يكونون أجبروا على الهجرة إلى إسطنبول، في انتظار أزمة أخرى والبحث عن ملجإ آخر. المصيبة أن حتى الصحفيين الفلسطينيين في غزة والضفة، نسوا هذه الأيام مهمة الدفاع عن القضية الفلسطينية، وراحوا يرافقون ”النجم” الفلسطيني، وكأنه ناجي العلي جديد، أو درويش أو إدوارد سعيد، أو ربما نايف حواتمة أو غيرهم من الأسماء التي كرست حياتها للدفاع عن قضية شعب. من حق الفلسطيني أن يغنيَ ويُطرَبَ ويُطرِبَ العرب ويتذكروا معه كم هي معطاءة أرض فلسطين، شرط ألا تكون هذه لعبة أخرى لإبعاد الشباب عن قضيتهم الأولى، فلا شيء بريء من الإعلام السعودي القطري هذه الأيام؟