ازدحام شديد.. قلق.. مشاحنات وصخب، رسمت ديكور سوق الدلالة بباب الوادي الشعبي، الكل يبحث عن الأجود والأرخص ولا أحد يبالي باشتداد الازدحام بالمكان. الباعة ينادون بسلعهم ويفرضون المنافسة فيما بينهم، وتبقى الأفضلية للنوعية والتكلفة، إنه السيناريو الذي يتكرر كل سنة مع حلول شهر الصيام. اصطف باعة الجمبري والسمك على حافة السوق يناشدون الزبائن اقتناء الجمبري ب500 دج، وسط استغراب الزبائن.. الكل يتساءل، خاصة أن المجمد منه وصل إلى 1000 دج، ولكن الباعة يصرون ويقولون بصوت عال ”إنه رمضان والبوراك المحشي بالجمبري لا بديل له”، هي اللغة الموحدة التي اتفق عليها الباعة، ما جعل الزبائن يتساءلون عن سر السقوط الحر لسعر الجمبري، لكن رائحته الزكية تجعلك ترغب في أكله دون طهي، وهو ما أكده الباعة ”الجمبري طازج”. من جهة أخرى يدخل باعة أنواع السمك الأخرى في صراع مع الزمن للتخلص من سلعتهم في أقرب وقت ممكن نظرا لحرارة الجو. الخضر والفواكه تسيل لعاب الزبون المتردد على سوق الدلالة والساعات الثلاثة بباب الوادي، يجذبه شكل الخضر والفواكه الطازجة، فالطماطم التي وصل سعرها 50دج والجزر 40 دج والبطاطا ب20 دج.. هي أسعار في متناول ”الڤليل”، خاصة أنها طازجة و غير مغشوشة مقارنة مع ما هو متوفر في أسواق أخرى، ناهيك عن أنواع الفواكه التي تجلب الزبائن، منها ”الباكور” ب100دج والخوخ والبطيخ، و غيرها من الخضر و الفواكه التي تشكل فسيفساء تسيل لعاب الزبون. التمور تأثرت بموسم الحر السنة الماضية فارتفعت أسعارها كريم، صاحب محل لبيع التمور بالتجزئة بالسوق، سألناه عن الإقبال وأسعار التمور لهذا العام، حيث قال:”هناك إقبال كبير من المواطنين على شراء التمور بأنواعها، ولكن القليل منهم من يشتري بمبلغ كبير والأغلبية يشترون بالكيلو بينما في العام الماضي كنا نبيع بكميات أكبر بالصناديق أو العرجون، أما هذا العام فالناس غير قادرين على الشراء لأن أغلبهم بسطاء ولم يعد بمقدورهم شراء هذه الكميات إلى جانب غلاء سعر التمور هذه السنة، والواحد يشتري كيلو أو اثنين من الرخيص”. وعن أسعار التمور هذا العام يقول كريم: هناك ارتفاع بسيط في أسعار التمر ولكل نوع سعره، فمثلاً سعر ”دڤلة نور” الكيلو ب 550 دج إلى 700 دج، وهو تمر جيد وأغلب التمور هذا العام لم تكن بنفس هذه الجودة في العام الماضي. وعندما سألناه عن أسباب ارتفاع أسعار التمور هذا العام، قال البائع:”موسم الحر هذه السنة طال كثيرا ما تسبب في إتلاف البعض من أنواع التمور، وهو أيضا ما تعانيه المناطق التي نجلب منها التمر منها، خاصة بسكرة وطولڤة وتڤرت”. فيما كان رأي صاحب محل آخر والذي رفض أن يتجاوب معنا نظرا للضغط الكبير والازدحام الكبير للسوق، قال إن أسعار التمور كان من المفروض أن تكون رخيصة إلا أن بعض التجار ”الكبار” حسب كلامه، احتكروا هذه الكميات وتم إنزال كميات قليلة لكي يتمكنوا من رفع الأسعار، حسبما يريدون، وهذه هي المضاربة التي تعاني منها السوق الجزائرية. المساحات الكبرى سرقت زبائن الأسواق صاحب محل بيع البهارات والمكسرات أكد أن ”قلة إقبال الناس على التسوق هذا العام يعود إلى وجود المحلات الكبيرة، مثل المعارض والمساحات الكبرى التي تقام في رمضان، وهذه بدورها تجذب الزبائن عبر الإعلانات وغيرها من الدعاية، ولذلك نحن تضررنا كثيراً”، ويقول إن بعض البهارات ارتفعت قليلاً وهذا الارتفاع لا يشعربه المواطن لأنه يشتري بمبالغ قليلة فالأغلبية يتبضعون ب 500-200 دج، وهؤلاء أغلبهم من محدودي الدخل، أما أصحاب المداخيل الكبيرة فيذهبون إلى المعارض الكبيرة حيث ”البرستيج”. ويتفق البائع علي، صاحب محل لبيع المكسرات، مع زملائه باختلاف أسعار هذا العام عن العام الماضي، والذي أدى إلى الإقبال المتواضع للمواطنين، حيث قال:”هذا العام يختلف عن العام الماضي نظراً لزيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة كبيرة”. المضاربة تغرق السوق والمواطن البسيط الضحية الأولى ورغم تلك الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للعمل على استقرار الأسعار، إلا أنها عجزت عن تسقيفها وإيجاد حل سريع للالتهاب الذي تعرفه الأسواق في أول أيام رمضان المبارك، رغم أن التحضيرات قد انطلقت منذ شهور. فسعر البطاطا مثلا ارتفع من 15 دج في الجملة إلى 25 و40 دج في التجزئة. نفس الشيء بالنسبة للطماطم التي وصلت إلى 45 دينار فيما تم بيعها في أسواق الجملة ب10 دنانير فقط بحكم أنها منتوج موسمي وعادة ما يغرق الأسواق الجزائرية في بداية شهر أوت. ومن أكثر الأسعار ارتفاعا، والتي أثارت استغراب المواطنين سعر ”القرعة” الذي بلغ 80 دج للكيلوغرام الواحد، فيما لم يزد خلال الأسبوع الفارط عن 25 دج، وذلك لعلم الباعة بأهمية هذه الخضرة في إعداد ”الشربة”، فيما قفز سعر الفلفل الحلو إلى 70 دج. وتبقى أسعار الثوم تعرف أعلى مستوياتها منذ سنوات طويلة بتجاوزه عتبة 600 دج للكيلوغرام الواحد، حيث أكدت لنا العديد من ربات البيوت أنهن مضطرات لشراء هذه المادة باعتبارها أساس العديد من الأكلات التقليدية الجزائرية، على غرار الكباب، المثوم، ومختلف أنواع ”الشطيطحات” التي يهواها الصائم الجزائري ويشتهيها بكثرة.