تحمل عادة الرئيس أوباما الممثلة في الظهور في البرامج التلفزيونية الكوميدية نوعا من الجاذبية، وقد شارك في حديث مازح بعض الشيء مؤخرا مع جاي لينو عن تقدم العمر والشعرات الفضية التي تسللت إلى رأسه وزواجه. لكن عندما تحولت المناقشة إلى موضوعات أكثر جدية، مثل إدوارد سنودن ووكالة الأمن القومي والمراقبة المحلية، جاءت تعليقات أوباما مخادعة على أفضل تقدير، بل وربما تبدو مضللة. طمأن أوباما لينو وجمهوره بقوله: ”لا نملك برنامج تجسس محليا”. ولو كان أوباما يعني بذلك أنه لا توجد مروحيات سوداء تحلق فوق منزلك أو عملاء يتسللون خلسة إلى مزرعتك، فربما يكون محقا في أنه ليس لدينا برنامج تجسس محلي. بدا أوباما أيضا يبرر عملية تعدين البيانات التي قامت بها وكالة الأمن القومي بإشارته إلى كونها لازمة للتحقيقات الجنائية. ”كنت أتحدث إلى الكونغرس والليبراليين المدنيين وآخرين عما إذا كانت هناك وسائل إضافية يمكننا من خلالها أن يضمن الناس عدم قيام أي شخص بالتنصت على مكالماتهم الهاتفية، لكننا نرغب بكل تأكيد، بعد تفجير بوسطن على سبيل المثال، في ضمان أننا نملك أرقام هواتف هذين الشقيقين – نرغب في أن تكون لدينا القدرة على معرفة ما إذا كانوا قد اتصلوا بشخص آخر أم لا؟ هل هناك شبكات في نيويورك، وهل هناك شبكات أخرى يتعين علينا أن نصل إليها”؟ إن ذلك النوع من عمليات ما بعد الحقائق لا يرتبط بالجدال الذي بدأ منذ أن سرب سنودن وثائق سرية عن جهود المراقبة المحلية من قبل وكالة الأمن القومي لصحيفة ”الغارديان” البريطانية. وأظهرت تلك الوثائق، التي بدأت في عهد الرئيس بوش واستمرت في عهد الرئيس أوباما، أن الوكالة كانت توظف عملية إعادة تفسير سرية لقانون ”باتريوت” للتنقيب في بيانات الهواتف – وليس في تطوير تحقيقات بعينها، ولكن كمسألة روتينية. تثير حملة فحص بيانات المكالمات الهاتفية تساؤلات دستورية خطيرة. طمأن أوباما لينو إلى أننا ”وضعنا بعض الإجراءات الوقائية للتحقق من وجود مراقبة من المحاكمة الفيدرالية، إضافة إلى إشراف من الكونغرس، لضمان عدم التجسس على المواطنين الأميركيين”. لكن أجد نفسي غير مقتنع. لا يمكن اعتبار أن هذا ”إشراف”، عندما يقدم محامون تابعون للحكومة حججا سرية لمحكمة تنعقد سرا – محكمة مراقبة الاستخبارات الخارجية – من دون أن يقدم أي شخص حجة مضادة. لقد حالف الحظ بعض أعضاء الكونغرس بالدرجة الكافية للاطلاع على وقائع الدعاوى، والتي لا يسمح لهم بالقطع بالكشف عنها، لكن غالبية مشرعينا يجري إبقاؤهم بمعزل. أتفق مع أوباما على أن تسريبات سنودن كانت غير قانونية، لكنها خدمت مصلحة عامة. ذكر الرئيس – وأكرر، على نحو مخادع – أنه كان بمقدور سنودن انتهاج إجراءات كاشفي الانتهاكات والتجاوزات، إذا ما رأى خرقا للقانون أو إساءة استغلال لسلطات حكومية. وبما أن محامي أوباما أعلنوا سرا أنه لم يتحقق أي من هذين الأمرين، وحصل على تصديق سري من محكمة سرية على موقفهم، فإنه كان سيجري تجاهل أية شكوى تقدم بها سنودن.