حسنا فعلت السيدات الثلاث من مجلس الشورى السعودي، هيا المنيع ولطيفة الشعلان ومنى آل مشيط، بتقديم مقترح شوروي لقيادة المرأة السعودية للسيارة. المقترح كما قالت صاحباته الثلاث الدكتورات لطيفة وهيا ومنى، يستند إلى مسببات اقتصادية واجتماعية ودينية ونفسية مدروسة بعناية. التشكيل الأخير لمجلس الشورى السعودي، بأمر تاريخي من خادم الحرمين، ضم 30 سيدة من النخب الأكاديمية والطبية والاجتماعية والتربوية، وكان النظر مركزا على أدائهن، ويشهد كثير ممن يقود سفينة الشورى أن كل السيدات العضوات عملن بتفوق على الرجال، لذلك كان تقدم نخبة منهن بهذا المقترح، عبر آلية مجلس الشورى، خطوة ذات مغزى، فهي كما لاحظ الأستاذ عبد الرحمن الراشد، نقلت النقاش حول مسألة قيادة المرأة للسيارة، من إطاره الإعلامي وفضاء الإنترنت، والتراشق الثقافي السياسي بين التيارات، إلى مسارب الدولة وعروق العمل الحكومي. وهذا بحد ذاته عمل تأسيسي، بصرف النظر عن مصير هذا المقترح، خصوصا بعد تصريح الناطق الإعلامي باسم الشورى بأن المجلس لم يتبنَ مقترح السيدات لأنه مخالف للقواعد المسيِّرة لعمل المجلس، وكأن القصة قصة لوائح ومواد، وليست قضية تهم المجتمع والدولة والخارج والداخل! بل كأن نفس هذه الحجة لم تقل في مايو (أيار) 2005 تجاه مقترح شبيه للعضو محمد آل زلفة، وجرى رفضه حينها لنفس الحجة الشكلية هذه. جرى نقل النقاش الآن إلى أفق آخر؛ أفق علني شرعي مؤسسي، وصولا إلى لحظة الحسم المنتظرة من الجميع لمسألة طال أمد الجدل واللت والعجن فيها، وأخذ المجتمع، في تقديري، أكثر من وقته في الحكي عنها من بداية التسعينات الشهيرة إلى 2013، نحو ربع قرن! الدولة قالت مرارا إن المسألة برمتها اجتماعية ولا موقف خاصا للدولة تجاهها. فما جرى في مجلس الشورى من السيدات الثلاث هو جزء من هذا الإعداد المجتمعي، وخصوصا أن المسألة اختيارية، وكثير من فقهاء الدين معها لا ضدها. وعليه، فالتهويل والتشنيع الذي أدمنه البعض تجاه قيادة المرأة للسيارة ليس إلا نشاطا سياسيا معارضا تخفى خلف هذه القضية. لن نتحدث عن الخسائر الاقتصادية والأضرار الاجتماعية على الأسرة، ولا على تشويه العلاقة بين المرأة والرجل، جراء هذا الوضع الغريب. فقط نقول إن اللحظة آنت لطي هذه الصفحة، والثمرة نضجت وتجاوزت حد النضج أيضا.