نشرت صحيفة “لوبوان” الفرنسية، أمس، خبرا تقول فيه إن منظمة العفو الدولية انتقدت الوضع الكارثي لحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية التي لم تلاحظ بها أي تحسن. لا أدري إن كان تقرير “العفو الدولية” جاء كرد فعل على قرار رفض المملكة شغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن، خاصة وأنها استعملت نفس الأسلوب الذي استعملته المملكة في بيانها، حيث قال بيان المنظمة إن “السلطات السعودية لم تنجح في تطبيق التوصيات الرئيسية التي تم توجيهها إليها”. وقال مدير المنظمة إن “السعودية لم تتحرك فقط، وإنما زادت من القمع“. فهل جنت السعودية على نفسها برفض المقعد؟ خاصة وأن المنظمة الأممية بدأت تبحث في سجل المملكة، في المعاملة السيئة للعمال الأجانب، إذ لا يوجد قانون يحميهم، وكثيرا ما تتعرض شغّالات البيوت الآسيويات إلى أبشع الاستغلال، بما في ذلك الاستغلال الجنسي، وتعرضت الكثيرات منهن إلى السجن وأحيانا القتل، هذا دون نسيان العقوبات الجسمانية القاسية كالجَلد وبتر الأطراف. تقرير منظمة العفو الدولية، تزامن مع جريمة إنسانية أخرى وقعت في قطر، ولا أدري إن كان تقريرها سيشمل هذا البلد، الذي يبدو أنه يحظى بحماية خاصة. فقد أصدرت محكمة التمييز القطرية حكما نهائيا أمس، ضد الشاعر بن ذيب، حكما غير قابل للطعن أو النقض، وهذا بعدما حكم عليه سابقا بالمؤبد. والتهمة قصيدة شعرية هنأ فيها تونس بثورتها وتمنى أن تصل هذه الثورة إلى بلدان أخرى، بما فيها بلاده، لكن الأمير وجد في القصيدة عملا تحريضيا ضد نظام الحكم. ويا للمفارقة والإمارة أكبر محرض على الثورات العربية، ليس بالتحريض الإعلامي فقط، وإنما بالتمويل والتسليح، فهي من سلح “الثوار” في ليبيا، إذ صرفت أزيد من 3 ملايير دولار، وهي الممول والمسلح والراعي الرسمي لما تعيشه سوريا من فوضى تسميها القناة القطرية بالثورة. وما قضية الشاعر بن ذيب إلا قطرة من بحر الدوس على كرامة الإنسان في هذه الإمارة، فقد تحدثت تقارير إعلامية كثيرا عن استغلال العمال الآسيويين أبشع استغلال، في بناء ملاعب كرة القدم تحضيرا لمونديال 2022 الذي ستحتضنه قطر، بحيث يجبرون على العمل تحت حرارة تفوق ال50 درجة مئوية، وهو ما يخالف قانون العمل الدولي، ما يؤدي بالكثير منهم إلى موت محتم، حتى أن بعض المنظمات الإنسانية طالبت بسحب تنظيم مونديال 2022 من قطر، حيث لا تزال العبودية واستغلال البشر قائمة. زد إلى ذلك أن الديمقراطية التي تدعي قطر أنها تدعم نشرها في العالم العربي، غير مطبقة في قطر، وأين التداول على السلطة يمر عبر الانقلابات والاغتيالات. فهل سينفض أصدقاء قطر أيديهم منها؟ خاصة الفرنسيون منهم، إذ كشف كتاب: ”Le vilain petit Qatar, cet ami qui nous veut du mal“ كشف مدى تورط الطبقة السياسية الفرنسية في التستر على التجاوزات القطرية، ودوسها على حقوق الإنسان، مقابل الكرم الزائد الذي تغدق به الإمارة على السياسيين والإعلاميين الفرنسيين، كرم لم يسلم منه حتى رؤساء الحكومات والجمهورية؟ فمتى وقف الكيل بمكيالين من قبل المنظمات الأممية، والبلدان التي تدعي أنها داعمة للديمقراطية وحقوق الإنسان، في حين أنها تلتزم الصمت عندما تأتي المظالم والتجاوزات من دول ثرية مثل قطر والسعودية؟!