الإعلام الجزائري يحقق نصف الطموحات الأوضاع القانونية والاجتماعية الهشة للصحفي وراء تراجع حرية التعبير تحتفل الجزائر، اليوم، بأول عيد وطني للصحافة في الوقت الذي لا يزال فيه القطاع بحاجة إلى مزيد من الإنجازات، سواء على الصعيد القانوني أو الصعيد الميداني، مع غياب المجلس الأعلى لأخلاقيات المهنة، وكذا تأخر إصدار قانون السمعي البصري الذي يعد من أوراق الإصلاحات السياسية والتشريعية التي أقرها الرئيس بوتفليقة. تحتفل اليوم الأسرة الإعلامية بأول يوم وطني للصحافة، كما أقره المرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في وقت حقق فيه قطاع الإعلام العديد من الإنجازات لكن لا يزال يفتقر إلى أخرى بعد 23 سنة من الانفتاح السياسي الذي أقره دستور 1998، فالصحافة بالجزائر قطعت أشواطا كبيرة سواء تلك التي تجسدت في أول قانون إعلام تعددي صادر سنة 1990، أو قانون الإعلام الصادر سنة 2012 بموجب الإصلاحات السياسية والتشريعية التي أقرها الرئيس عبد بوتفليقة في أفريل 2011، خاصة ما تعلق برفع عقوبة السجن عن الصحفي وتسهيل إصدار نشرية أو صحفية بطلب من وزارة الاتصال بدل العدالة، غير أن تطور القطاع برأي أهل الاختصاص لا يزال في بداية المشوار نظير الورشات، خاصة الهامة منها والتي لم تتجسد على أرض الواقع، وهي مشاريع لا تتطلب إمكانيات ضخمة بقدر ما تتطلب حكمة ودقة النظر والتخطيط كحال مجلس أعلى لأخلاقيات المهنة، وهي الهيئة التي كانت ضمن أجندة الاصلاحات السياسية. مشروع قانون السمعي البصري هو الآخر ورشة من ورشات الإصلاحات التي أرادها القاضي الأول في البلاد في قطاع الاعلام، لكن ورغم وضع المشروع في نصه القانوني لكنه لا يزال لم يتجسد بعد ميدانيا رغم مرور سنتين على موجة الإصلاحات السياسية والتشريعية، ففي وقت لا تزال الصحافة المكتوبة بحاجة إلى تنظيم، ولد قطاع غير منظم ببروز أكثر من 10 قنوات جزائرية بالاسم ولكن أجنبية بالقانون، ولا تملك سوى مكتب لها بالجزائر شأنها في ذلك شأن القنوات الأجنبية المعتمدة. وبنظرة تقييمية يمكن أن نقول إن قطاع الصحافة بالجزائر وهو يحتفل بيومه الوطني الأول حقق نصف مشاريعه وطموحات أهل المهنة، في انتظار تحقيق النصف الآخر إلى إشعار لاحق. نسيم. ف
اليوم الوطني للصحافة فرصة للحديث عن مشاكل الصحفيين فوضى.. قلة احترافية.. وابتعاد عن المهمة التنموية والتوعوية يسجل في هذا اليوم الذي تم ترسيمه السنة الماضية من طرف رئيس الجمهورية كيوم وطني للصحافة، أن وزارة الاتصال التي تعد الجهة الوصية إلى أن يثبت العكس، اهتمت فقط بصحافة القطاع العمومي وتجاهلت وضع الصحفيين في الصحف المستقلة والخاصة، خصوصا ما يتعلق بالشبكة الوطنية للأجور، وهو معطى يؤثر سلبا على أداء المهنة ويؤشر عن محاولات لتهميش كل ما هو خارج عن سلطة الدولة، هذا الأمر يدعو الوزارة إلى تحمل مسؤولياتها من خلال توفير الإطار القانوني الذي يمنع تحويل مهنة الصحافة إلى مهنة من لا مهنة له، لكن الكرة توجد أيضا في مرمى الصحافيين الذين لم يتمكنوا من تنظيم أنفسهم ضمن منظمات ونقابات ليسهل عليهم تنسيق مواقفهم للدفاع عن مطالب الصحفيين. لكن السؤال المغيب دوما ونحن نحتفل باليوم الوطني للصحافة، أن هذا القطاع في الجزائر نزل إلى حضيض المجتمع، بعدما تحولت صحف عديدة إلى وسيلة لتمرير الرسائل السياسية أكثر منها إلى وسيلة لنقل الأخبار وتنوير الرأي العام، وبالتالي عوض أن تساهم في رفع مستوى ذوق المواطن العادي تحوّلت إلى مجرد ذيل لهذيانه، تحت شعار ”هذا ما يريده القارئ”، فعلى أي أساس تم تحديد الجمهور القارئ للصحف الوطنية عامة كانت أو خاصة؟ أما الموضوع الذي لا يزال يسيل الكثير من الحبر والمتعلق بحرية التعبير، فإنه من الطبيعي أنّ تكون هذه الحرية قضية نسبية، سواء في الجزائر أو في كل دول العالم، وهي قضية أخلاقية من وجهة نظر الفلاسفة، وبذلك يكون قياسها نسبيا، حتى في الولاياتالمتحدةالأمريكية هناك صحفيون يشتكون من التضييقات التي تفرضها الحكومات، وهذه الحالة موجودة في كل الدول كمصر، الأردن، بريطانيا... في الجزائر لم تبلغ الحرية مستويات متطورة جدّا، ولكنّها في نفس الوقت ليست متدنية، أي هناك هامش محترم من الحرية، وحقيقة وبدون مبالغة هناك هامش كبير من حرية التعبير، لكن لا ننسى أن حرية الصحافة هي جزء فقط من حرية المجتمع، بمعنى أنه لا نتوقع أن تكون صحافة حرّة في بلد يضيّق على العمل السياسي، ولا يمكن أن تكون صحافة حرة في بلد مناخ الأعمال والمال والبزنس فيه مقيد وليس حرّا. وباعتبار أن الإعلام سلطة رابعة ووسيلة من وسائل تنمية الثقافة الديمقراطية، إلا أنه يظهر في الآونة الأخيرة أن هناك تراجعا في مهمة الإعلام التوعوي أو الإعلام التنموي، حيث تحول الإعلام الى تجارة، وبالتالي هذا النوع من الصحافة لا يمكن أن يساهم في البناء الديمقراطي أو التنمية البشرية لأن همّه الأول والأخير هو الربح والهروب من الخسارة، ومادام القانون العضوي يؤكّد على حق الصحافي في الوصول الى مصدر الخبر، فعلى السلطات العمومية أن تلزم قانونا المسؤولين والإدارات والمؤسسات والوزارات والشركات بتقديم المعلومة للصحافي، واذا كان قانون الإعلام يفرض عقوبات مالية على الصحافي عندنا في حالة القذف، فإنّه يتعيّن أيضا على القانون أن يعاقب المسؤول عندما يعطي معلومات خاطئة أو ناقصة أو كاذبة للصحافي. لمياء خلفان غياب تمثيل نقابي شجع على ضياع حقوق الصحفيين وتبخر مكاسب الماضي الأوضاع القانونية والاجتماعية الهشة للصحفي وراء تراجع حرية التعبير أجمعت شهادات صحفيين على أن هشاشة الجانب القانوني والاجتماعي والمهني للصحفيين، هي عوامل تتسبب في تدني المستوى العمل الإعلامي وأثرت كثيرا على حرية التعبير في الجزائر، وأعادتها إلى مسافة غير بعيدة عن نقطة الصفر، فتدني الأجور والقيود العقابية الواردة في قانون الإعلام وغياب نقابة تمثيلية، عوامل أثقلت الصحفي وجعلته مقيدا بمحيط يخدم في نهاية المطاف السلطة وحدها التي تريد الإبقاء على قطاع الإعلام في نفق مظلم وقاتم السواد. على الرغم من مرور سنوات طويلة على الانفتاح الإعلامي في الجزائر منذ دسترته في سنة 1989، غير أنه سرعان ما انطفأ وهج شعلة الانفتاح شيئا فشيئا وأصبحت حرية الإعلام تتراجع وتخمد، وعادت بها الترسانة القانونية التي وضعتها السلطة مؤخرا إلى مسافة غير بعيدة عن نقطة الصفر، ورافق ذلك تدهور كلي للأوضاع الاجتماعية والمهنية للصحفيين بصفة عامة ولدى الأغلبية الساحقة من العناوين الإعلامية. ففي تقدير زملاء مهنة المتاعب ومن عايشوا فترة الانفتاح الأولى إلى غاية كتابة هذه الأسطر، أكدوا أن تراجعا ملحوظا سجل بالقطاع. وأوضح صحفي جريدة الوطن، زين شرفاوي، ل”الفجر”، أن الصحفي الجزائري اليوم مقيد من جانبين، الأول قانوني، تقديرا منه أن قانون الإعلام الحالي هو قانون ضد حرية التعبير، كونه وضع سلسلة من القيود والموبقات التي لا تسمح للصحفي بالاقتراب منها، كالسياسة الخارجية، الدفاع، رئيس الجمهورية والقائمة طويلة، معربا عن أسفه لكون القانون الحالي تراجع عن القانون الأول الذي كان يعتبره الصحفيون مقيدا، فجاء القانون الحالي بقيود أكثر من الحالية بدرجة لا تسمح بممارسة المهنة كما ينبغي. واستشهد المتحدث بسلسلة من النقاط في مقدمتها إلزامية حصول الراغب في فتح جريدة على ترخيص من الوزارة، في الوقت الذي كان فيه القانون السابق يكتفي بالإعلان عن تأسيس المؤسسة الإعلامية فقط. أما الجانب الثاني الذي تناوله صحفي جريدة الوطن، فهو متصل بالجانب الاجتماعي للصحفيين، حيث أكد أن صحفي القطاع الخاص هو ذلك الشخص المنسي من قبل السلطات، وضرب مثالا عن عدم تطبيق الاتفاقيات الجماعية الخاصة بالقطاع الخاص، على غرار ما حدث مع القطاع العام، الأمر الذي أبقى على الأجور متدنية وأوضاعهم غير مريحة مقارنة بالقطاع العام. وألقى الصحفي زين شرفاوي بالمسؤولية على مفتشية العمل التي أكد أنها لم تكشف عن تقريرها لحد الساعة المتصل بالصحفيين غير المؤمنين، وهؤلاء الذين يتلقون أجور دون مستوى الأجر الأدنى المضمون، وقال إن هناك نوعا من التواطؤ بين مفتشية العمل وبعض المؤسسات الإعلامية. وخلص إلى القول أن هذه العراقيل والمحيط غير المناسب تساهم جميعها على عدم تحفيز الصحفي لإنجاز مواضيع مميزة، لأنه غير مؤمّن ضد الرشوة والمظاهر السلبية الأخرى التي من المفروض أن يكون الصحفي محصّن منها، مثلما تنص عليه المواثيق الدولية الخاصة بحرية الإعلام والصحافة. غياب نقابة تمثيلة بقطاع الإعلام ساهم في تغوّل السلطة على الصحفيين وإلى جانب اكتفاء بعض مدراء الصحف بتوظيف صحفيين في الظلام كالخفافيش، دون تأمينهم لدى مصالح الضمان الاجتماعي، تظهر مشكلة الأجور وتدني أدنى شروط الاستقرار، كتوفير السكن أو تخصيص السلطات العمومية لكوطات للصحفيين، وعدم وجود نقابة تمثيلية. وفي تقدير الصحفية نبيلة أمير، فإن غياب نقابة حقيقية للقطاع الخاص، هي التي أثرت مباشرة على استمرار تدهور الأوضاع، خاصة عدم تطبيق الاتفاقية الجماعية الخاصة بشبكة الأجور، وقالت إن القطاع العام أصبح أكثر تنظيما وانسجاما من القطاع الخاص، لأنه يوجد لهم تمثيل قوي هو الاتحاد العام للعمال الجزائريين، استطاع أن يفتح حقوق العمال ويطبقها في ظرف قياسي، فيما بقيت الصحافة الخاصة تراوح مكانها في هذا المجال وبدون نقابة حقيقية. وتبقى هذه الظروف المزرية هي القاسم المشترك بين الأغلبية الساحقة للعناوين الإعلامية الخاصة، باستثناء القلة القليلة جدا. شريفة عابد استنكر استغلال أرباب العمل للصحفيين الحقوقي زهوان: حرية الصحافة خدعة وسجن الصحفي مساس بالديمقراطية أكد أمس، رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، حسين زهوان، أنه لا يمكن الحديث فعلا عن حرية التعبير والصحافة بشكل عام إذا كان رجل الإعلام لا يزال يصطدم بالكثير من العراقيل وهو يؤدي واجبه في الميدان على شاكلة التهديد والشعور بالخوف، في ظل انتشار الفساد بكل أنواعه على مستوى قطاع الاعلام. وجدّد حسين زهوان، في اتصال ل”الفجر”، تأكيد قناعاته بخصوص مسألة سجن الصحفي التي لم يتوان في اعتبارها مساسا بالمكتسبات الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وقال أن ”هذه قناعتي وهو مبدأ لا زلت مؤمنا به، فلا يمكن الحديث عن دولة قانون إذا كان الصحفي يسجن لمجرد إدلائه بآرائه وأفكاره”، وأورد أن أقصى عقوبة يمكن أن يتعرض لها الصحفي بشكل عام، لا يمكن أن تتعدى ما أسماها ”الغرامة المدنية” التي لا تسجل في سجل السوابق العدلية. ولاحظ رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن حرية الإعلام في القانون الجديد مقيدة بمجموعة من الاعتبارات تكيفها السلطة حسب مقاسها، وهي السياسة الخارجية والأمن والدفاع والمصالح الاقتصادية للبلاد، وبهذا فإن الصحفي ممنوع من التعاطي مع تجاوزات مؤسسات الدولة، ما يمثل تراجعا خطيرا عن مكاسب حققها أفراد مهنة الصحافة مقابل تضحيات كبيرة، ويرى زهوان، أن قانون الإعلام يجسد تنكر السلطة لوعود الإصلاح السياسي على غرار بقية القوانين التي زكاها البرلمان. وبشأن ما يراه البعض إيجابيا في القانون، عندما يتضمن فتح الإعلام السمعي البصري على الاستثمار الخاص، أوضح الحقوقي أن ‘'هذا الأمر لا يدعو إلى التفاؤل كثيرا، لأن إنشاء قنوات تلفزيونية وإذاعية خاصة مشروط برخصة تمنحها الإدارة، ونحن نعلم كيف تتصرف الإدارة في خدمة نظام غير ديمقراطي''، مشيرا إلى أنه ‘'في وقت تتفتح بلدان على الحريات، يزداد بلدنا انغلاقا عليها، وهو أمر يدعو إلى القلق فعلا، لأنه يدفع المجتمع إلى مصير لا يحمد عقباه''. أما على المستوى المهني والاجتماعي الذي يعيشه الصحفي، تأسف زهوان لحالة الصحفي وأبرز أنه ”نتألم على الوضعية المزرية التي يعيشها الصحفيون المظلومون من طرف أرباب عملهم بسبب الانتهازية والاستغلال”، مستنكرا تصرفات بعض مدراء الجرائد الذين أصبحوا من أصحاب الملايير في ظرف قياسي، مقابل استغلال الصحفيين بأجور زهيدة، فضلا عن التحرشات الجنسية التي تطال الصحفيات من بعض المدراء، داعيا إلى ضبط هذه المهنة وإعادة الإعتبار للصحفي في أقرب وقت. ل. خلفان مساهل يلتقي ممثلي الصحافة الوطنية ينظم اليوم، وزير الاتصال عبد القادر مساهل، بإقامة الميثاق، لقاء مع ممثلين عن الصحافة الوطنية، حسبما أفادت به أمس الوزارة في بيان لها. وأضاف المصدر أن هذا اللقاء يدخل في إطار الاحتفال لأول مرة باليوم الوطني للصحافة الذي رسمه رئيس الجمهورية يوم 3 ماي 2013، وأوضح أنه سيتم الاحتفال باليوم الوطني للصحافة عبر كامل ولايات الوطن من خلال برنامج يبرز تطور قطاع الإعلام والاتصال.