لم تنفذ نساء سعوديات، أول أمس، تهديداتهن بقيادة سيارات، تحديا للقوانين التي تحرم المرأة السعودية من هذا الحق البديهي، مع أنه صار ضرورة ملحة للحياة العصرية، خاصة بالنسبة للنساء العاملات ومحدودات الدخل ممن لا تسمح لهن رواتبهن بالاستعانة بسائق. يأتي هذا بعد أسبوع فقط على البيان الذي أصدرته المملكة رافضة المقعد غير الدائم في مجلس الأمن احتجاجا على الطريقة التي يسير بها مجلس الأمن، ومنها عدم احترام الحقوق. وهكذا تبرز مرة أخرى المملكة في واجهة وسائل الإعلام كنظام مهرب من القرون الوسطى، خاصة بعدما أفتى علماؤها بأن قيادة المرأة للسيارة تضر برحمها مما يؤثر على الإنجاب، حتى لايقول إن قيادة المرأة ستضرب نظامه الذكوري في الصميم، وتهدد مستقبله وسيطرته على الأسرة والمجتمع، وما هي إلا خطوة في طريق مطالب أخرى. فلماذا لم تتأثر أرحام الأوروبيات والأمريكيات بالقيادة، ولماذا لم تتأثر أرحام الجزائريات وأعدادهن تتضاعف يوميا خلف المقود، بل إننا نعاني من انفجار ديمغرافي أثر على برامجنا التنموية؟! لماذا لم تتأثر أنوثة التونسيات؟! فالتونسية التي حاول نظام الغنوشي الممول من أمراء الخليج أن يسلبها حقوقها، ها هي اليوم تشارك في الحوار الوطني الذي حتما سيخرج ترويكا الغنوشي والمرزوقي من خرم الإبرة. فالمرأة التونسية لا تزال تملأ الحقول في ربوع تونس، وتتصدر مدرجات الجامعات، والمعامل، بل ولا تزال الأكثر حضورا في شوارع المظاهرات والاحتجاجات، يكفي أن “صفعتها” التي سمع دويها في كل البلدان العربية أسقطت ثلاث حكومات في تونس ومثلها في مصر وليبيا واليمن وغيرها. وما زالت التونسية مصرة على استرجاع ثورتها المسلوبة من قبل أتباع آل سعود وآل ثاني، وستنتصر حتما. فقد أصبحت حكومة الغنوشي ورئاسة المرزوقي المؤقتة خارج الشرعية. ولم يعد أمامها إلا الاستعانة بإرهاب جبان لتفرض منطقها على المجتمع التونسي، هذا المجتمع الذي للمرأة فيه ضعف وزنها من ذهب. فهل ستصدّر التونسية ثورتها بعد تحريرها من قيود الإسلاميين إلى المملكة التي تخيفها امرأة خلف مقود؟ المفارقة أن هذه المملكة التي تعيب على مجلس الأمن عدم جديته في التعامل مع القضايا الإنسانية، ولم تسمح من جهة أخرى إلا مؤخرا لامرأة لتكون محامية تدافع عن بنات جنسها، ما زالت تدعي دعمها للثورات الديمقراطية في العالم العربي، وخاصة في سوريا، وما زال وزير خارجيتها، الذي تولى هذا المنصب لما كان الرئيس السوري طفلا صغيرا، يطالب بشار الأسد بالتنحي بحجة الديمقراطية والتداول على السلطة؟! نعم لله في خلقه شؤون؟!