يعتبر الغناء الشعبي عند مجتمع التوارڤ بمنطقة الطاسيلي أحد أهم مقومات تراثه اللامادي، حيث تحمل مواضيع أغانيه الكثير من الصور المرتبطة بعمق بتاريخ المنطقة، ويعتبر موسى أمشار وفرقته أحد أهم مؤدي فن الإمزاد والتندي في المنطقة، كما يعتبره البعض خليفة الفنان الراحل عثمان بالي، وهو ما أكده الفنان الترڤي موسى أمشار في هذه الدردشة التي جمعتنا به مؤخرا. فرقة موسى أمشار يعتبركم الكثيرون هنا خليفة للفنان الراحل عثمان بالي كيف تردون على الموضوع؟ لقد سبق ووجهنا تحية إلى فقيد الأغنية الترڤية أثناء وصلتنا، ما يعني بالضرورة أننا مازلنا نحمله في قلوبنا، ونحاول أن نحقق ولو جزءا بسيطا من المكانة التي وصل إليها. عثمان بالي كان فنانا عظيما بفنه أولا وبأخلاقه وتعامله مع الآخرين. لقد كان أحد عظماء التوارڤ عن حق، أما أن تشبه فرقتي بفرقة عثمان بالي فمن المجحف في حقه أن أصدق الأمر، أو أتعامل على أساسه، مازال أمامنا مسيرة طويلة علينا أن نكافح، ونتعب لنصل إلى ما وصل إليه بالي من نجاح. ما الذي يميز الطابع الذي تقدمونه عن باقي الطبوع الأمازيغية الأخرى؟ لعل ما يميز النوع الفني الذي نقدمه هو تطرقنا للموروث الشعبي لدى التوارڤ بشكل خاص، وهو الأمر الذي يعد في حد ذاته تميزا عن الفنون الأمازيغية الأخرى، كما تلعب الموسيقى الصحراوية الترڤية عاملا آخر من عوامل تميز هذا الفن عن غيره. ماذا عن مواضيع قصائدكم التي قدمتموها؟ يتميز الغناء الترڤي بتطرقه إلى النشاطات الثقافية الأصيلة ضمن العادات والتقاليد العريقة لسكان الطاسيلي، حيث يضم تراثنا رصيدا هائلا من الأدب الشفهي والفنون الشعبية، لطالما كان التوارڤ مولوعين بغناء تفاصيل حياتهم وترحالهم، ووصف الأحداث التاريخية التي مرت على قومنا، لقد قدمنا مثلا قصيدة تحكي عن آلة ”الإمزاد” التي رويت عنها الكثير من الأساطير النابعة من عمق المجتمع الترڤي، حيث يروى عن الملكة ”تينهينان” أنها صنعت ”إمزاد” بنفسها باستعمال عرف جوادها لتحث فرسانها على القتال. لاحظنا المكانة التي تحظى بها المرأة الترڤية في ثقافتكم، كما لاحظنا استحواذها على مكان هام في الفرقة ما تعليقكم؟ تحظى المرأة في المجتمع الترڤي على غرار المجتمعات الأمازيغية بمكانة هامة. كما هو الحال في فرقتنا، حيث تعزف النساء على آلة ”التندي” التي تصنع من مهراس خشبي مصنوع لأغراض منزلية، ومنها تفتيت التمر الجاف وغيره من المواد الصلبة، ويوضع عليه جلد ماعز مثبت بواسطة قضيبين خشبيين وتؤدي بواسطتهما امرأتان حركات تماشيا مع إيقاعات منتظمة. كما تردد المواويل والأهازيج تماشيا مع القصائد التي تؤديها المغنية الرئيسية، وتمثل المرأة في الموسيقى الترڤية ركيزة هامة وأساسية لا يمكن الاستغناء عنها. في ظل التطور الذي طرأ على المجتمع الترڤي نلاحظ تغير الكثير من ثوابته كيف تتوقعون مستقبل الأغنية الترڤية في ظل هذه التطورات؟ أظن أني جد متفائل بمستقبل الأغنية الترڤية، التوارڤ يفخرون بأصولهم وثوابتهم حيثما حلوا، فكثير من الفنون مازال يحافظ عليها حتى الآن بمنطقة الطاسيلي ناجر، ولا زال المجتمع الترڤي يحتفل بها في المناسبات الدينية والوطنية وفي الأعراس والأفراح، كما أن الدور الاجتماعي للفلكلور الشعبي عند التوارڤ ينعكس في العديد من المظاهر والسلوكيات التي يقوم بها الأفراد داخل المجتمع، والتي تحمل عدة دلالات قد تكون اجتماعية أو ثقافية أو سياسية يتناقلها الأفراد جيلا بعد جيل. كما أن المجتمع الترڤي يتمسك ببعض العادات ومنها فنون قد ترقى إلى مرتبة ”القداسة” بالنظر لما تحمله من معاني واعتقادات يؤمن بها المجتمع مثل ”إمزاد” والتندي.