شكّل ملف تأمين الحدود أكبر تحدي للمؤسسة العسكرية في الجزائر، حيث رفعت من درجة استنفار قواتها لحماية حدودها الجنوبية والشرقية من مخاطر أمنية أكيدة باتت تمثلها عصابات إرهابية استفادت من الظروف الإقليمية غير المستقرة ومن فقدان السيطرة على أجزاء واسعة في جنوب غرب ليبيا وفرار العناصر التي كانت تسيطر على شمال مالي إلى أماكن بعيدة عن سيطرة الجيش المالي والفرنسي فضلا عن تصاعد النشاط الإرهابي في تونس وليبيا والمتاعب التي صارت تواجهها دول مثل النيجر بسبب تدفق السلاح إلى المنطقة. وحسب تحليلات خبراء أمنيين، فإن المستهدف الأول والأخير مما يحضر له إقليميا في المنطقة، هو الجزائر البلد المستقل في قراراتها، التي استطاعت الخروج من أزمتها الأمنية المريرة، فقد أصبحت الجزائر بمثابة الجزيرة العائمة في محيط هائج تتقاذفها الأمواج من كل جانب، باعتراف من أعلى هرم في السلطة ومن الوزير الأول الذي قال أننا نعيش بمنطقة جد مضطربة وأن الجزائر تواجه أيضا إرهاب دولي مرتبط بالمخدرات الذي مازال يكثف من نشاطاته الإجرامية. هذه التهديدات الأمنية على الحدود، شكلت أكثر من اجتماع عقده الرئيس بوتفليقة مع قائد الأركان قايد صالح وهو في فترة نقاهته حيث أصدر الرئيس بوتفليقة تعليمات لقائد أركان الجيش الجزائري من اجل اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بحماية حدود الجزائر من المخاطر الأمنية التي تتهددها. وقالت بعض المصادر إن الأمر يتعلق بإطلاق عمليات تمشيط واسعة وتشديد حراسة الحدود من خلال نشر 20 ألف جندي من قوات الجيش بمهمة منع تسلل العناصر الإرهابية إلى الأراضي الجزائرية. ملف الحدود الجزائرية مع دول الجوار شكل مادة دسمة للأحزاب السياسية لانتقاد المؤسسة العسكرية حيث نددت أحزاب ومنظمات المجتمع المدني، بمواقف السلطة التي سمحت باستعمال المجال الجوي للجزائر من طرف الطيران الحربي الفرنسي لشن حملة عسكرية في مالي ضد المتمردين في الشمال. ومنها أبدت تخوُّفَها من انفلات الأمن على مستوى الحدود بسبب عدم الاستقرار الذي تشهده دول الجوار، مؤكِّدة أن الجزائر تملك إستراتيجية فعّالة مضادة للحفاظ على أمنها.