تحدثت الباحثة أمال شواطي ورئيسة نادي أصدقاء آسيا جبار، في المحاضرة التي نظمت أول أمس بالمركز الثقافي الفرنسي تكريما للأديبة الجزائرية المرشحة لنيل جائزة نوبل للآداب، حيث تطرقت الباحثة إلى خصائص الكتابة لدى الروائية بمختلف أجناسها، والتي اعتبرتها انعكاسا ثقافيا للمجتمع، بحيث صورت وصيغت أحلامه وانكساراته، من هذا المنطلق تعتبر أعمال جبار المرآة العاكسة لمجتمعها بحيث حملت على عاتقها مسؤولية إخراج صورته للآخر. في هذا السياق تنخرط تجربة الكاتبة والروائية الجزائرية آسيا جبار التي استطاعت أن تكون أول أستاذة جامعية في الجزائر، ما بعد الاستقلال، في قسم التاريخ والآداب، وأول امرأة جزائرية وأول كاتبة عربية تفوز بجائزة السلام التي تمنحها جمعية الناشرين الألمانية. وفي بداية الثمانينات عرفت الكتابة عند جبار منحى آخر بعد أن قررت الإقامة بباريس بعد أن أدركت تصاعد ”العنف المبيّت” ضد النساء، الذي صاحب موجة النزاع الدامي بين الأمن والإسلاميين المتطرفين في الجزائر، وما فتئت الروائية الجزائرية تسجيل حضورها باستمرار في المشهد الثقافي الفرنسي، من خلال مؤلفاتها العديدة ومن خلال السجالات والنقاشات التي فجرتها فيما يخص القضايا التي تؤمن بها، ومنها قضية الهوية، والاستعمار والمرأة، وعن اختيارها للكتابة باللغة الفرنسية، قالت شواطي أنها لم تتعدى كونها أداة إبداعها، حيث لم تجعلها تبتعد عن القضايا الجزائرية التي تملأ ضميرها، والتي تتعلق بالجانب الاجتماعي، والإنساني للمواطن الجزائري، فواصلت تسليط الضوء في رواياتها على تفاصيل ونضالات المرأة الجزائرية في حياتها اليومية بحلوها ومرها، وهي تطرح ذلك في سياق أشمل يضم القضايا الإنسانية عموما ومنها إشكاليات التحرر، والاستقلال والثقافة واللغة والانتماء، واعتبرت شواطي رواية ”لا مكان في بيت أبي” خير مثال على خصائص الكتابة لدى الروائية التي طالما تناولت مواضيعها من منظور عاطفي نفسي، فتروي لنا جبار في كتابها ”لا مكان في بيت أبي” قصة فتاة تعيش في الجزائر العاصمة، تخرج من الثانوية وتتابع دروسها وتتجول في الشوارع فرِحَةً بما ترى، غير أنّ هذه الحياة العذبة جاءت قبل عام واحد من انفجار كبير هزّ البلد بأكمله، حيث تقول الكاتبة بنفس شعري:”أكتب ضدّ الموت، أكتب ضدّ النسيان، أكتب على أمل أن أترك أثرا ما، ظلا، نقشاً في الرمل المتحرّك، في الرماد الذي يطير وفي الصحراء التي تصعد”. ويرى الأدباء والنقاد المتابعون لكتابات آسيا جبار أن نصوصها لا تخلو من الطابع الإنساني المتوفر بكثافة في مختلف الأشكال الأدبية التي كتبت فيها من مقالات صحفية، رواية، مسرح، وأفلام وثائقية، كما خاضت آسيا جبار الكتابة الأدبية والمسرحية والإخراج السينمائي بنجاح، فنشرت أول أعمالها الروائية سنة 1953 وهي لم تبلغ العشرين عاما بعد، وكانت بعنوان ”الظمأ”، ثم رواية ”نافذة الصبر” سنة 1957، وقد ركزت في أغلب رواياتها، وأفلامها على الشخصيات النسائية المكافحة أو المناضلة في سبيل التحرير فمزجت بين الذاكرة والتاريخ، كما هو الحال في رواية ”نساء الجزائر”، ورواية ”ظل السلطانة” ثم ”الحب والفنتازيا” ورواية ”بعيداً عن المدينة” و”شاسع هو السجن”، واختتمت المحاضرة بقراءة من نص جبار”ضد الموت، ضد النسيان ” ليضرب المركز الثقافي الفرنسي موعدا لنقاش آخر حول أعمال الروائية في 27 من الشهر الجاري.