وجّهت عدّة تنظيمات على غرار تنظيم ”من أجل أوروبا لائكيه” و”منتدى جامع كاتدرائية قرطبة”، رسائل مرفقة بتوقيعات إلى كل من منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة، اليونسكو، وحكومة الأندلس طالبتهما فيها بالتدخل الفوري لمنع انتقال ملكية جامع قرطبة إلى الكنيسة الكاثوليكية الإسبانية، كما ندّد أكاديميون إسبان وأوروبيون بالأسلوب الذي انتهجته الأسقفية لنقل ملكية الجامع وطالبوا بجعل الجامع ملكا لأهالي قرطبة وللإنسانية قاطبة باعتباره معلما إنسانيا يجسّد التعايش السلمي بين الثقافات وأن تحويل ملكيته يشكل خرقا فادحا للغاية التي صنّف بشأنها من طرف منظمة اليونسكو. كانت أسقفية قرطبة قد استغلت وجود قانون يسمح باقتناء المعابد بأثمان رمزية في عام 2006، فسارعت إلى نقل ملكية الجامع إلى موروثها في صمت مقابل مبلغ 30 يورو أي 36 دولارًا. وبالنظر إلى قوانين المملكة سيصبح الجامع مع حلول العام 2016 ملكا للكنيسة بصفة رسمية مالم يتم وقف سيران مفعول القانون. ويرجع تأسيس جامع قرطبة، الذي كان يسمى قديما بجامع الحضرة أي جامع الخليفة، إلى سنة 92 ه عندما اتخذ بنو أمية قرطبة حاضرة الخلافة الأموية في الأندلس، وحينذاك كان المسلمون يشاطرون المسيحيين قرطبة، فبنوا في شطرهم مسجدهم وبقي الشطر الآخر للروم. ولمّا عجّت قرطبة بالمسلمين وجيوشهم اشترى عبد الرحمن الداخل شطر الكنيسة العائد للروم مقابل إعادة بناء ما تمّ هدمه من كنائسهم وقت الغزو، فأمر عبد الرحمن الداخل بإنشائه سنة 785 م وكانت مساحته آنذاك 4875 متراً مربعا.ً ويعتبر الجامع قمّة فريدة في الفنّ المعماري العالمي على مرّ العصور والأزمان، باعتراف مؤرخي العمارة الأوروبية، فهو يدلّ على براعة العرب المسلمين في فن الهندسة والمعمار. ويطالب مسلمو الأندلس منذ القدم بتقاسم فضاء هذا المعلم التاريخي والديني مع المسيحيين، بتخصيص حيز منه لهم من أجل ممارسة الشعائر الدينية والأنشطة الفكرية، حيث تقدموا بطلب للكنيسة الإسبانية والفاتيكان، لكنّ طلبهم لم يجد ردًا.