يعد تقطير ماء الورد ومستخلص الزهر نشاطا أبديا يفتخر به الحرفيون القسنطينيون المتخصصون بمهارتهم فيه، ويعملون جاهدين للحفاظعليه، وهذا ما يهدف له المشاركون في المعرض السنوي لتقطير الورد في قسنطينة، والذي يسلط الضوء على الأدوات المستعملة في التقطير ومنتجاتهم . لقي المعرض إقبالا لا بأس به من طرف الزوار، سواء من داخل المدينة أو خارجها، فالكثير من الزوار الذين قدموا للقيام بجولة بهذا المعرض بدافع الحنين، حسبما يقول محمد، حرفي معتاد على هذه التظاهرة السنوية الموجهة لكشف النقاب عن هذا النشاط الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالتراث القسنطيني. وبالرغم من مرور السنين وحتى إن كانت هذه الحرفة تمارس على نطاق ضيق، إلا أنها لم تفقد شيئا من عنفوانها ومجدها، بل على العكس أضحت تجذب فئة الشباب شيئا فشيئا، مثلما يؤكده فارس 22 سنة، الذي يمارس هذا النشاط منذ 3 سنوات بكل شغف وحب. ويرى الشاب سيف الدين، وهو مشارك بهذا المعرض الذي لديه خبرة 10 سنوات في المجال ويملك حديقة لزراعة الورود المستعملة في التقطير، إن هذه الحرفة لن تندثر مادام هناك شبان ما زالوا يهتمون بها، حيث اعتبر أن المعرض هذه السنة لم يجد إقبالا كما كان عليه الحال في السنوات السابقة لعدة أسباب، حصرها في تأجيل المعرض بسبب الانتخابات الرئاسية، فكان من المفترض أن يكون في أول الربيع، لكنه أجل لغاية هذه الفترة، ولم يكن له الحظ في بيع قارورات ماء الورد بكمية كبيرة بسبب تزامن الفترة مع تحضيرات العائلات القسنطينية لامتحانات شهادة الباكالوريا. وفي سؤالنا عن أنواع الورود التي يقوم بعرضها للزبائن، قال إنه توجد أنواع من مشاتل محلية كالورد المستعمل في التقطير، زهرة المرغريت، زهرة القطيفة، النعناع، التيزان، وزهرة القرنفل. وأضاف نفس المتحدث أنه توجد أنواع أخرى مستوردة من مشاتل أجنبية وهي مطلوبة بكثرة من طرف الزبائن، من بينها شجيرة بوتزاي المستوردة من الصين واليابان، شجيرة الكاكتش من إسبانيا، وشجيرة الحبق ”بازيليك” التي تشتهر باستعمالها في المطبخ الإيطالي. كما يتضمن هذا المعرض المنظم بمناسبة إحياء شهر التراث، عديد الأجنحة التي تسلط الضوء على مختلف المكونات والمعدات المستعملة في هذه العادة التي تميز بها الأسلاف، وأتيحت الفرصة أيضا للزوار للإطلاع على المجموعة التقليدية لماء الزهر وماء الورد التي تداول الزوار على شرائه بغية استعماله في الحلويات التقليدية التي اشتهرت بها مدينة الصخر العتيق، وكذا استخدامه كمادة معالجة لبعض أمراض العيون والجلد. للإشارة فإن السلطات المحلية بقسنطينة قد مددت فترة المعرض إلى غاية جوان القادم، بعد أن كان من المقرر اختتامه في 24 من الشهر الجاري.