في إطار المشاورات التي يقودها أحمد أويحيى حول التعديل الدستوري المرتقب، التقى نهاية الأسبوع عدد من جمعيات المجتمع المدني لتقديم اقتراحاتها بشأن التعديلات المطروحة. وقد شهدت جلسات النقاش التي ضمت مختلف الجمعيات الناشطة في مختلف الميادين الجمعوية نقاشات حادة، خاصة ما تعلق بالمادة السادسة التي تقترح تعديل المادة 31 مكرر من الدستور القديم، وتحرر كالتالي”تعمل الدولة على تجسيد المناصفة بين الرجال والنساء كغاية قصوى، وكعامل لتحقيق ترقية المرأة وازدهار الأسرة وتلاحم المجتمع وتطوره، وفي هذا الإطار يعمل على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع تمثيلها في المجالس المنتخبة. يحدد قانون عضوي كيفيات تطبيق هذه المادة”. وقد أثارت هذه المادة نقاشا بين المجتمعين الذين رأوا أن إقرار المناصفة الكاملة بين النساء والرجال لا يعطي صورة واضحة عن مساهمة وحضور النساء في الحقل السياسي، واقترح الحضور أن يكون تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة مساويا لحضورها في الأحزاب والهيئات السياسية، غير أن جمعيات نسائية رأت في هذه الدعوة استعدادا لإجهاض المسعى الدستوري الذي اعتبرته النساء تتويجا لسنوات من النضال المطلبي للناشطات في الحقل النسوي. كما نبّهت الجمعيات الناشطة إلى ضرورة التفطن والحذر من مبادرة بعض الأحزاب التي تسعد لخوض معركة من أجل إجهاض وإسقاط هذه المادة، ولهذا الغرض تستعد هذه الجمعيات النسائية الناشطة في المجال، أمثال شبكة وسيلة، جمعية المرأة في اتصال و”سيداف”، لمباشرة سلسلة من الاتصالات مع الناشطين في الحقوق من أجل تقديم مبادرة مكتوبة للجنة المكلفة بالمشاورات من أجل الإبقاء على المادة 31 مكرر والعمل على دعم الآليات التي ستعمل مستقبلا على تطبيقها في إطار القانون العضوي المنتظر. من جهة أخرى، دعت الجمعيات المشاركة في اللقاءات التشاورية إلى ضرورة أن يكون رئيس المجلس الدستوري منتخبا من بين أعضاء المجلس عوض تعيينه من قبل الرئيس طبقا لمقترحات المادة 164 من التعديلات، فيما دعا البعض الآخر إلى إنشاء محكمة دستورية عوض مجلس دستوري. كما دعت الجمعيات في سلسلة اقتراحاتها إلى إضافة مادة تمنع أي رئيس من المساس بمبدأ تحديد العهدات المقترح بعهدتين رئاسيتين، إضافة إلى مطالبتها بالعمل على توسيع المادة 41 القاضية بحرية التعبير وإنشاء الجمعيات والاجتماع والتظاهر والتجمهر سلميا، والعمل على رفع المبدأ الذي يمنع على جمعيات المجتمع المدني تمويل نشاطاتها عن طريق المنظمات الدولية، خاصة أن تلك المنظمات أغلبها معتمدة في الجزائر وتربطها اتفاقيات شراكة وتعاون مع المؤسسات الرسمية الجزائرية، الأمر الذي اعتبرته الجمعيات إجحافا في حقها وتضييقا عليها، خاصة أن الجمعيات تتهم السلطة بتجفيف منابع تمويلها ومنع المساعدات المالية وفي نفس الوقت تحضر عليها التعاون الخارجي، ما يدفعها إلى الجمود في حين ان السلطة دائما تركز على ضرورة مساهمة المجتمع المدني وإشراكه في صناعة القرار السياسي. وهنا تتساءل الجمعيات كيف يمكن للمجتمع المدني أن يكون ناشطا بدون إمكانيات؟.