جدّد الرئيس المصري المنتخب عبد الفتّاح السيسي أمس الاثنين، الثقة في رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب وكلفه بتشكيل الحكومة الجديدة. وكان محلب الذي عيّن في 25 فبراير 2014 من طرف الرئيس المؤقت علي منصور، قدم استقالة حكومته إلى الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي غداة تسلمه مهام منصبه رسميا، بحسب بيان رسمي أصدره مجلس الوزراء. هذا ويتوقع أن يعلن الرئيس السيسي خلال الساعات القادمة، وفق وسائل إعلام مصرية، عن تعيين مساعدين له في شؤون الأمن والاقتصاد وغيرهما. وقال السيسي، مساء الأحد، في خطاب ألقاه خلال احتفالية تنصيبه اليوم رئيسًا لمصر بقصر القبة الرئاسي، إنه يتطلع إلى ”التسامح والتصالح مع أبناء وطننا باستثناء من أجرموا في حقه واتخذوا العنف منهجًا”. وأضاف ”إن من أراقوا دماء الأبرياء وقتلوا المخلصين من أبناء مصر ليس لهم مكان في تلك المسيرة”. ومضى قائلاً: ”لا تهاون ولا مهادنة مع من يريدون تعطيل مسيرتنا نحو المستقبل، مع من يريدون دولة بلا هيبة”. وقال السيسي بصوت عالي: ”قيادة مصر واحدة، ولن أسمح بوجود قيادة موازية تنازع الدولة هيبتها وصلاحياتها”، مكررًا ذلك مرتين قبل أن يضيف: ”أتمنى تكون الرسالة وصلت”. ورغم أن السيسي لم يحدد الجهة التي يقصدها بكلامه، إلا أنّ كل المؤشرات تقول بأنّ المقصود هم جماعة الإخوان المسلمين، حيث لم يكف هذا التنظيم منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسى في جوان الماضي، عن نشر العنف، ما استدعى الحكومة المصرية إلى إدراجها ضمن التنظيمات الإرهابية المحظورة مع نهاية العام الماضي. كما تعهّد السيسي ب ”دحر الإرهاب” وتحقيق الأمن، وأكد بأن هذا المسعى سيكون على رأس أولويات المرحلة القادمة، بجانب العدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر والحفاظ على الحقوق والحريات. وفى نهاية كلمته منح السيسي الرئيس السابق عدلي منصور ”قلادة النيل”، وهو وسام رفيع يُمنح لمن قدموا خدمات جليلة للوطن. أكّد التزام بلاده بجميع معاهداتها وأنّه يسعي لإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية كما جدّد الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي التزام مصر بجميع معاهداتها التاريخية والمعاصرة، وأضاف أنّ أي تعديل على هذه المعاهدات يجب ان يتم بالتوافق بين الأطراف المتعاقدة بما يحقق المصالح المشتركة. وبشأن القضية الفلسطينية، قال السيسي خلال احتفالية تنصيبه في قصر القبة بالقاهرة ان بلاده ستعمل على تحقيق إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وأكد أن الوقت قد حان لان تستعيد مصر دورها القومي والإقليمي والحفاظ على الأمن العربي، وفي غضون ذلك أكدت حماس أنها تسعى إلى إقامة علاقات إيجابية مع مصر أيّا كان رئيسها، وقال المتحدث عن حماس حسام بدران في الخارج إن المرحلة الراهنة تحتم على الحركة ومصر إعادة تقييم العلاقات بينهما. قادة خليجيون يؤكدون دعمهم للسيسي وعلى هامش احفل التنصيب الرسمي، عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أول أمس، لقاءات ثنائية مع عدد من قادة ومسئولي عدة دول خليجية، وذكرت وكالة الأنباء الكويتية أن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح التقي اليوم الأحد السيسي في المقر الدائم لرئاسة الجمهورية بالعاصمة القاهرة، وذلك قبيل مغادرته القاهرة. وتم خلال اللقاء بحث العمل على تعزيز مسيرة التعاون بين البلدين في المجالات كافة بما يخدم مصالحهما المشتركة. ومن جهتها أفادت وكالة الأنباء السعودية أن نائب العاهل السعودي، الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود، عقد جلسة مباحثات رسمية في مقر قصر الاتحادية بالقاهرة، قبيل مغادرته مصر. وأكد الأمير سلمان خلال اللقاء على ”مواقف بلاده الثابتة لدعم مصر والحفاظ على أمنها واستقرارها”. وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أكد خلال لقائه السيسي ”إن دعم ومساندة دولة الإمارات العربية المتحدة لمصر هومبدأ ثابت وراسخ”. وقال آل نهيان إن بلاده ”ستظل على عهدها وفية لمصر وسندا قويا لها”. وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية، بحث آل نهيان والرئيس المصري العلاقات الثنائية والتعاون المشترك، وأكدا أهمية تنويع وتوسيع نطاق التعاون بينهما في الجوانب الاقتصادية والاستثمارية والتنموية. يذكر أنه بعد الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي، يوم 3 جوان 2013، أعلنت السعودية والكويتوالإمارات تقديم مساعدات لمصر بقيمة 15.9 مليار دولار، منها 4 مليار دولار في شكل مشتقات نفطية. الإخوان يتوعدون... ومن جهتها، أكدت جماعة الإخوان المسلمين المصرية، عقب تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن الشعب المصري ”سيظل مستمرًا في حراكه الثوري السلمي ليسترد حريته وكرامته ووطنه من الانقلابيين الدمويين”، مشددة على أنه ”لن يفرط في دينه ولا هويته وسينتصر الشعب وستحاكم الثورة السفاح وأدواته”، على حد قولها. وأضافت الجماعة في بيان لها: ”قبل أن يتم تنصيب السفاح الغادر عبد الفتاح السيسي في منصب الرئيس الذي اغتصبه بالباطل والغش فوق الجماجم والأشلاء بيوم واحد ؛ أصدر قضاة العسكر الدمويين قراراً بإحالة أوراق عشرة من أحرار مصر وعلمائها إلى المفتي تمهيداً للحكم بإعدامهم، منهم عميد كلية الدعوة وعميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، ونائب رئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، وأستاذ للتاريخ الإسلامي”. وشدّدت على أن ”هذا الطاغية لا حرمة عنده للحياة ولا للدم ولا للدين، ولا كرامة عنده للعلم ولا للعلماء”، مؤكدة أن هذه الأحكام المجرمة، والتي صدرت عشية عملية التنصيب الباطلة لتثبت بوضوح مدى العلاقة الآثمة بين العسكر وقضائه والتي تعكس مواقف السفاح تجاه الشعب والعدل والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان”، على حد تعبيرها. وقالت جماعة الإخوان ”إن القضاء المنبطح الذي أصدر أحكام الإعدام بحق علماء الأمة المدافعين عن هويتها وحريتها واستقلالها هو الذي أصدر في نفس اليوم أحكام البراءة لضباط الشرطة الذين قتلوا بدم بارد سبعة وثلاثين شاباً من معارضي الانقلاب في سيارة ترحيل (أبو زعبل)”، متابعة القول: ”فليعلم الطاغية وأذنابه أن هذه الأحكام لن ترهب الشعب المصري الذي قدم آلاف الشهداء والمصابين والمعتقلين للتصدي لظلمه وبطشه”، حسب قولها.