ستكون هذه السنة استثنائية بالنسبة للأسر الجزائرية، خاصة على مستوى تدبير وتسيير ميزانياتهم العائلية، التي تتزامن مع مناسبتي العطل الصيفية والدخول المدرسي، والتي تكلف الكثير من التدبير العقلاني والاستعداد المادي بالأساس. ولّى ذلك العهد التي كانت فيه العائلات القسنطينية تقضي هذه الفترة بمنازلها دون أن تغادر مدينتها أو قريتها. وعندما كانت تضطر للسفر في عطلة أو غيرها، يحل أحد اعضاء الأسرة ضيفا على بعض أهله أو أقاربه أو معارفه في المدن السياحية أو الساحلية الجزائرية أو غيرها. أما اليوم فقد تغيرت الأمور كثيرا وأصبحت العائلات متشبعة بثقافة العطل والسفر، وعدم الارتياح لسلوك تلك العادات القديمة. وهذا التحول دفعهم إلى البحث عن موارد مالية ليواجهوا بها مصاريف قضاء فترات العطل خارج بيت الأسرة الاعتيادي، وذلك بلجوئهم للفنادق والإقامة السياحية - كل حسب قدرته - أو لكراء الغرف والشقق المعدة لذلك، لقضاء فترة راحة مع زوجاتهم وأولادهم. وساعدت هذه الظاهرة البعض من مؤسسات القروض المصغرة التي أدخلت هذه الأبواب ضمن خدماتها. ويأتي هذه السنة متزامنا مع ما سبق، الدخول المدرسي وفاتورة التعليم والتمدرس به، ليس فقط في ما يتعلق بواجبات التسجيل وفاتورة المواد والأدوات المدرسية، التي من الصعب الآن وضع سقف محدد لها. وهذا ما يضاعف المصاريف العائلية ويحدث ثقوبا واسعة في ميزانياتها، ويشكل بالنسبة للعديد من الأسر هاجسا يؤرقهم. وعندما تلتقي هذه المناسبات في وقت واحد، فلابد لنا من توقع ما يمكن أن يحدث من مشاكل على صعيد تدبير الميزانيات والنفقات العائلية، في الوقت الذي تعرف نسبة البطالة ارتفاعا مهولا، وهزالة رواتب نسبة عالية من الأجراء والموظفين الصغار والمتوسطين، دون الحديث عمن لا مداخيل لهم، وفي الوقت الذي تعاني عائلات جزائرية من صعوبة تغطية النفقات بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة. فهل أرباب الأسر الجزائرية قادرون على أن يحسنوا تدبير ميزانياتهم لمواجهة كل هذه المصاريف التي يحتاجها الدخول المدرسي وفضاء فصل الصيف لهذه السنة؟ خاصة وقد استنزفت مصاريف الشهر الفضيل جيب المواطن الجزائري؟ يقول محمد، رب أسرة تتكون من 5 أشخاص:”نمر بمرحلة عصيبة من الالتزامات المالية المستمرة التي لا نستطيع التخلص منها، خاصة حينما يفكر رب الأسرة في أن يوفر الحياة المعقولة لأسرته، وليست المترفة. ففي الوقت الذي يحاول أن يمنح فرصة لأولاده للاستمتاع بالعطلة الصيفية بالشكل المعقول، والذي ينسيهم النمط الدراسي الذي اعتادوا عليه في فترة الدراسة، نجد أن التفكير في السفر يحتاج إلى ميزانية تكفي للاستمتاع بسفر جيد، حتى إن كانت تلك السياحة سياحة داخلية، فتحتاج أيضاً إلى مال للسكن والطعام والشراب والشراء، وحينما نفكر بإلغاء فكرة السفر والتخطيط للاستمتاع داخل المنطقة التي نسكنها، فإن ذلك الترفيه يحتاج للمال أيضاً، فالخروج لقضاء وقت الإجازة في المجمعات أو في الحدائق والسواحل البحرية يحتاج إلى ميزانية، ثم نفاجأ بالدخول المدرسي ونفقات التمدرس واللوازم المدرسية جميعها، خاصة أن بعض الأولاد يطالبون أولياءهم بشراء ملابس جديدة للدخول المدرسي رغم أنهم كانوا قد اقتنوا أخرى خلال عيد الفطر!”. فيما أكد مسعود، أب لثلاثة أبناء في سن التمدرس، أن أعباء هذه السنة ستتضاعف، ويشرح ل”الفجر” قائلا:”أحيانا تصل المصاريف إلى 60 ألف دج بالإضافة إلى الملابس وغيرها من الضروريات للدخول المدرسي، وبما أن العطلة الصيفية جاءت تزامنا مع الدخول المدرسي، فالله أعلم كيف ستمر هذه الفترة.. في السابق كنت أطرق باب القروض لمواجهة كل هذه المصاريف لأن الأجرة ”على قد الحال” وتكفي فقط لتلبية الحاجيات الضرورية، أما اليوم فلم أعد أستطيع طرق هذا الباب وأحاول ما أمكن اجتناب اللجوء إلى القروض..”. إبراهيم الذي سيحال على التقاعد بعد سنة، يتمنى أن يجد أبناؤه عملا حتى يستطيع العيش برخاء رفقة زوجته وينسى تكرار عبارته اليومية ”القراية ها هي والخدمة وين راهي”.