02 ألف مستورد في ورطة.. مهددون بمتابعات قضائية وغرامات مالية قدر الخبراء حجم العملة الصعبة المتداولة خارج النظام المصرفي والبنوك في الجزائر ب4 مليار دولار، في ظل انهيار قيمة الدينار، إذ يعادل 1 أورو في السوق الموازية للعملة 150 دج منذ أزيد من 5 أشهر. و اعتبر موقع ”القدس العربي” أن الجزائر تصنع ”ااستثناء” بين دول العالم لعدم إشراف البنوك على مهمة تحديد سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، حيث يتحكم نحو 30 إلى 40 شخصا في تحديد قيمة صرف الدينار الجزائري. وبالرغم من مرور ربع قرن منذ اعتماد الجزائر قانون النقد والقرض لسنة 1990 الذي ينقل البلاد نحو اعتماد نظام اقتصاد السوق، لا تزال الدولة ترفض الترخيص لمكاتب صرف العملة الصعبة لمزاولة نشاطها بشكل طبيعي، رافضة أيضا تنفيذ الإجراءات التطبيقية التي أقرها القانون السالف، ما خلق هذه الوضعية المعقدة. وأكد الخبير الاقتصادي، كمال رزيق، في تصريح ل”القدس العربي”، أن الإصلاحات الاقتصادية والمالية وحتى السياسية التي باشرتها الجزائر منذ إلغاء النظام الاشتراكي، توقفت في الطريق ولم تكمل كل مسارها، ومن بينها ورشة إصلاح سعر صرف الدينار الجزائري مقابل العملات الأخرى، وهو ما ولد وضعا سيئا ساهم في ظهور سوقين موازيتين للعملة، إحداهما رسمية محددة من طرف البنك المركزي، والبنوك التجارية، وهي شبه إدارية يتم تحدد سعر الصرف بأساليب بعيدة كل البعد عن سوق العرض والطلب للعملات. أما السوق الأخرى فهي القطاع الموازي، يتم فيها تحديد سعر الصرف حسب العرض والطلب، ما جعلها سوقا حقيقية مع فروق بين السوقين تصل إلى حوالي 50 ٪ من قيمة الدينار، وهو ما يؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني. وفي تحليله للأسباب التي ساهمت في هذا الوضع، قال رزيق أن غياب الإرادة السياسية يحول دون إصلاح الوضع، فالبنوك التجارية ليست لها الحرية في شراء وبيع العملة، ما شجع ويشجع فئة محددة على احتكار مجال المتاجرة في العملة الأجنبية، لتحقيق أرباح طائلة بالرغم من أنها تلحق خسائر معتبرة بالاقتصاد الوطني الذي تتحكم فيه هذه المافيا السياسية والمالية، بالرغم من عدم وجود عذر مقنع لتسمح الدولة بوجود مكاتب خاصة لصرف العملة بعد 24 عاما منذ صدور قانون يقر باعتمادها. ويواجه أصحاب شركات الاستيراد، التي يقدر عددها بأكثر من 20 ألف شركة، صعوبات عدة في صرف العملة الأجنبية لتحويلها لمورديهم في الخارج وتسديد مستحقات مشترياتهم، في وقت يواجهون عراقيل لتموين احتياجاتهم من البنوك، ما يضطرهم إلى شراء مبالغ معتبرة يقدرها بعض الخبراء بنحو 4 مليارات دولار من السوق السوداء، بشكل مخالف للقانون، وهو ما يعرضهم لعقوبات وغرامات مالية. ويعاني المواطنون، إلى جانب أصحاب الشركات، في الحصول على احتياجاتهم من العملات الأجنبية بسبب تدني المنحة التي تسمح بها الدولة عن طريق البنوك لكل من يسافر إلى الخارج سنويا، وتقدر ب 130 دولارا، وهو ما يضطرهم لأن يكونوا زبائن أوفياء لتجار السوق السوداء. وتشير أحدث التقديرات لخبراء الاقتصاد إلى أن حجم الاقتصاد الموازي أو السوق السوداء في الجزائر تجاوز العام الماضي 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يكبد الخزينة العمومية خسائر معتبرة سنويا، في دولة إيراداتها السنوية من العملة الصعبة تقدر بنحو 70 مليار دولار، و98 ٪ من إيراداتها من قطاع المحروقات.