سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحكومة ترتكب "خطئا فادحا" بإعلانها الرسمي لاستغلال الغاز الصخري في الجزائر" قال أن أبعادا اقتصادية وسياسية تجعله لا يخدم المصلحة الوطنية، الخبير حمدي زهير:
كشف الخبير الدولي في مجال الطاقات الجديدة والمتجددة زهير حمدي على خلفية إعلان السلطات الجزائرية عزمها استثمار أزيد من 20 مليار دولار لتطوير انتاجها من الغاز الطبيعي والصخري في غضون السنوات القليلة المقبلة، أنه بغض النظر عن المضاعفات البيئية السلبية لعملية إنتاج الغاز الصخري من خلال تقنية التفتيت المائي، التي كانت في أغلب الأحيان الحجة الرئيسية في معارضة هذا القرار، وجود أسباب ذات أبعاد اقتصادية وسياسية تجعل من هذا البديل، خياراً غير صائب ولا يصبّ في خانة المصلحة الوطنية على المدى البعيد. والخبير زهير حمدي في تصريح لموقع ”القدس العربي”، أنه ”لتقييم مدى نجاعة وصحة قرار تطوير موارد الغاز الصخري في الجزائر، لا بدّ أن نقوم بتحليل الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء هذا القرار”. ويشير إلى أن السبب الأول يعود في الأساس إلى طبيعة العقد السياسي-الاجتماعي الريعي السائد في الجزائر والذي يرتكز على ثروة المحروقات (النفط والغاز) كمصدر رئيسي لإنتاج الثروة من خلال تصدير النفط والغاز في الأسواق العالمية عامةً، والسوق الأوروبي خاصةً حيث يمثّل الغاز الجزائري 15٪ من الغاز المستهلك في دول الاتحاد الأوروبي، ممّا يمنح الجزائر موقعا جيوسياسيا مهما في إطار مفهوم أمن الطاقة الأوروبي والعالمي. ويؤكد أن الموقع الجيوسياسي للجزائر يعد الورقة الرئيسية التي فاوض بها النظام السياسي الحالي موقعه على الساحة السياسية العالمية واستطاع بفضلها أن يضمن لنفسه قبولا لدى شركائه الأوروبيين والغربيين وعدم المساس بشرعيته، على الرغم من طبيعة النظام السياسي غير الديمقراطي والمبني على تركيبة متكونة من الريع المالي والقبضة الأمنية المغلفة. ويشدد الباحث على أن النظام السياسي السائد في الجزائر منذ الاستقلال يدرك تماماً الأهمية الاستراتيجية الناتجة عن هذه الثروة من النفط والغاز التي تسمح له أن يحافظ على موقعه الجيوسياسي كلاعب مهم على الساحة الدولية وعلى استقرار النظام داخلياً. ويرى الإطار السام السابق في شركة سوناطراك أنّ حقل حاسي الرمل الذي يمثّل لوحده 60٪ من احتياطات الجزائر من الغاز قد دخل ومنذ عدة سنوات مرحلة النضوب وأنّه من الصعب جداً تعويض هذه الخسارة من خلال اكتشاف حقول أخرى تقليدية نظراً لطبيعة الجيولوجيا الجزائرية، لهذا كان البديل الوحيد المتاح جيولوجياً هوالغاز الصخري ويبدومن خلال الدراسات الأوّلية أنّ حجم هذه الموارد ضخم وقد يتجاوز حجم حقل حاسي الرمل (التقديرات الحالية تتراوح ما بين 400 و800 تريليون قدم مكعّب من الغاز الذي يمكن استرداده تقنياً، والمصنف الثالث عالمياً). وفي تحليله لسياق القرار الأخير للحكومة يشير الباحث إلى أنه لا بديل للنظام السياسي الحالي في الجزائر عن تطوير الغاز الصخري من أجل البقاء في السلطة والمحافظة على موقعه الجيوسياسي على الرغم من عدم جديّة هذا القرار بالنسبة للجزائر على المدى البعيد، اذ انه لن يوفّر له المداخيل التي يجنيها من إنتاج الغاز التقليدي نظراً للتكلفة العالية لإنتاج الغاز الصخري مقارنةً بالتقليدي المنتج من الحقول الحالية كما هوالحال بالنسبة لحقل حاسي الرمل، لكون الدراسات تشير إلى أن إنتاج الغاز الصخري لا يوصف بالريع بحسب التعريف الاقتصادي. ويتساءل الدكتور زهير حامدي عن سبب امتناع السلطات الجزائرية عن استثمار الموارد المالية الحالية النائمة، من الصرف، (حوالي 200 مليار دولار) من أجل الشروع في عملية انتقال في منظومة الطاقة في البلاد من المحروقات نحوالطاقات البديلة والمتجددة التي تشير جميع الدراسات أنّ تكلفتها في انخفاض مستمر وأنّها سوف تكون منافسا للمحروقات والطاقة الأحفورية عامةً في خلال 15 أو20 سنة على أقصى تقدير. ويؤكد الخبير الدولي أنه من الأجدر بالنسبة للجزائر أن تنطلق في مشروع تنموي شامل مبني على الطاقات المتجددة من أجل التحضير للانتقال إلى منظومة اقتصادية جديدة، لكون القرار يعتبر حتميا، وأي تأخير سوف يضاعف من التكلفة وسوف يساهم في إبقاء الجزائر في خانة الدول التابعة التي تشتري التكنولوجيا من سوق عالمي غير مستعد لتقاسمها أونقلها إلاّ بشروط وبتكلفة عالية.