الحكومة تستعجل إجراءات استغلال غاز "الشيست" وتباشر مرحلتها الأولى تنظم الشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك ندوة دولية حول الصناعة الغازية في الجزائر يومي من 12 و13 أكتوبر القادم بوهران، بمشاركة كبريات الشركات النفطية والغازية العالمية التي أعربت عن اهتمامها باستغلال الغاز الصخري في الجزائر على غرار ”إيني” الإيطالية و”أناداركو” الأمريكية و”شل” و”تاليسمان”، التي وقعت معها سوناطراك مؤخرا مجموعة من اتفاقيات التعاون. حسب البيان الصادر أمس عن المجمع النفطي سوناطراك، سيتناول هذا اللقاء الذي سينظم بمركز الاتفقيات الدولي بوهران عدة مواضيع على غرار ”الموارد غير التقليدية في الجزائر: قدرات وآفاق” إلى جانب موضوع ”50 سنة من صناعة الغاز الطبيعي المسال”. وسيتطرق اليوم الأول من اللقاء، حسب البيان إلى قدرات الجزائر من الموارد غير التقليدية لاسيما الغاز الصخري وذلك من خلال تقديم تقارير تهدف إلى تعريف ومناقشة آفاق تطويرها في المدى الطويل. وسيخصص اليوم الثاني إلى تثمين التجربة الجزائرية في صناعة الغاز الطبيعي المسال من خلال إحياء خمسينية وضع حيز الخدمة المجمع الغازي بأرزيو أول مصنع للتمييع في العالم. وستشهد هذه الندوة مشاركة العديد من الشركات العالمية وخبراء في المجال حسب بيان الشركة. تأتي هذه الندوة تزامنا مع إعلان الحكومة الجزائرية رسميا عزمها استثمار أزيد من 20 مليار دولار، لتطوير إنتاجها من الغاز الطبيعي والصخري في غضون السنوات القليلة المقبلة، لتضع حدا للجدل الذي يثيره المشروع. ويأتي التصريح في وقت تزايدت فيه الانتقادات للجوء الدولة إلى هذا المورد الطاقوي المثير للجدل. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية أن سوناطراك ستنطلق في عمليات استغلال الغاز الصخري بطاقة إنتاج تقدر ب30 مليار متر مكعب في السنة، كمرحلة تجريبية أي ما يعادل الاستهلاك الوطني الحالي. وتملك الجزائر ثالث احتياطي تقني قابل للاسترجاع من الغاز الصخري في العالم الذي يقدر ب700 تريليون قدم مكعبة حسب الوكالة الدولية للطاقة، كما تتوافر في مناطق البلاد سبعة أحواض رئيسية مهمة تحتوي على الغاز الصخري حسب دراسة أنجزتها وزارة الطاقة الأمريكية. ووقعت مؤخرا شركة سوناطراك اتفاقيات تعاون مع شركات النفط الكبرى ”إيني” و”أناداركو” و”شل” و”تاليسمان”، ورخصت الدولة للشركات القيام بعمليات الحفر التجريبي للبحث عن الغاز الصخري. من جهته كشف الخبير الدولي في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة زهير حمدي على خلفية إعلان السلطات الجزائرية عزمها استثمار أزيد من 20 مليار دولار لتطوير انتاجها من الغاز الطبيعي والصخري في غضون السنوات القليلة المقبلة، أنه بغض النظر عن المضاعفات البيئية السلبية لعملية إنتاج الغاز الصخري من خلال تقنية التفتيت المائي، التي كانت في أغلب الأحيان الحجة الرئيسية في معارضة هذا القرار، وجود أسباب ذات أبعاد اقتصادية وسياسية تجعل من هذا البديل، خياراً غير صائب ولا يصبّ في خانة المصلحة الوطنية على المدى البعيد. وقال الخبير زهير حمدي في تصريح لموقع ”القدس العربي”، ”لتقييم مدى نجاعة وصحة قرار تطوير موارد الغاز الصخري في الجزائر، لا بدّ أن نقوم بتحليل الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء هذا القرار”. ويشير إلى أن السبب الأول يعود في الأساس إلى طبيعة العقد السياسي-الاجتماعي الريعي السائد في الجزائر والذي يرتكز على ثروة المحروقات (النفط والغاز) كمصدر رئيسي لإنتاج الثروة من خلال تصدير النفط والغاز في الأسواق العالمية عامةً، والسوق الأوروبي خاصةً حيث يمثّل الغاز الجزائري 15٪ من الغاز المستهلك في دول الاتحاد الأوروبي، ممّا يمنح الجزائر موقعا جيوسياسيا مهما في إطار مفهوم أمن الطاقة الأوروبي والعالمي. ويؤكد أن الموقع الجيوسياسي للجزائر يعد الورقة الرئيسية التي فاوض بها النظام السياسي الحالي موقعه على الساحة السياسية العالمية واستطاع بفضلها أن يضمن لنفسه قبولا لدى شركائه الأوروبيين والغربيين وعدم المساس بشرعيته، على الرغم من طبيعة النظام السياسي غير الديمقراطي والمبني على تركيبة متكونة من الريع المالي والقبضة الأمنية المغلفة. ويشدد الباحث على أن النظام السياسي السائد في الجزائر منذ الاستقلال يدرك تماماً الأهمية الاستراتيجية الناتجة عن هذه الثروة من النفط والغاز التي تسمح له أن يحافظ على موقعه الجيوسياسي كلاعب مهم على الساحة الدولية وعلى استقرار النظام داخلياً.