في تصوري أن كلمة تفتيش بكل مدلولاتها لا تتناسب ومهمة اللجنة الآسيوية لكرة القدم، التي وصلت يوم الخميس الماضي للقيام بجولة تفقدية واسعة للاطلاع على إمكانات السعودية لاستضافة منافسات كأس آسيا الأولمبية الثانية لكرة القدم، لكن مفردة ”تفتيش” هي التي نعبر بها عن هذه المهمة التي تعني ”تقييم” الملف وتقديم تقرير متكامل عن إمكانيات الاستضافة. أكتب هذه السطور، في وقت لا يزال فيه أعضاء اللجنة في الضيافة السعودية، لأن الزيارة تشمل مدن الرياض، وجدة، والدمام، لتدوين تقارير عن الاستادات، وملاعب التدريبات، والمطارات، والفنادق، وأماكن الإقامة، والطرق، والمسافات، وحركة السير. وكانت السعودية خسرت فرصة تنظيم نهائيات كأس آسيا للكبار التي ستقام، وهي هذه المرة تقام في أستراليا التي كلفت بتنظيمها، ويأمل اتحاد الكرة السعودي الفوز بالاختيار علما أن سباق التنظيم تتنافس عليه دول قطر، وإيران، وأوزبكستان، مع أن هذا الفوز لن يسجل على أنه ظفر بتنظيم أكبر بطولة في تاريخ كرة القدم السعودية، وذلك أن السجل حافل بتنظيم بطولات أقوى من أهمها بطولة القارات على مستوى منتخبات أبطال القارات، وبطولة العالم للشباب، ولكن شتان ما بين إمكانات كانت موجودة قبل 3 عقود، وإمكانات في الوقت الحاضر لا تجاري متطلبات المرحلة، وأخص بالذكر الاستادات والملاعب. عندما نتحدث عن الإمكانات الرياضية عموما نقصد التمويلية، والبشرية، والمادية، والطبيعية، كما يقول أساتذة الرياضة وخبراؤها، وأعتقد أن مشكلتنا تكمن في الإمكانات المادية تحديدا، وهي المعروفة بالمنشآت، والأجهزة، والأدوات الرياضية، وهي التي وقفت حجرا عثرة، ولم تعد تتناسب ومتطلبات المرحلة؛ حيث تراجعت كرة القدم السعودية فنيا بسبب نظام الأندية القائم والمنشآت غير الملائمة، علاوة على ضعف قاعدة الممارسة، والخلل الكبير في الاكتشاف والبناء وصناعة البطل. تراجعت فنيا لأسباب لا مجال لذكرها في هذه السطور مع بقاء الإمكانات نفسها المادية التي ساعدتنا في وقت مضى على تحقيق إنجازات تاريخية. وقد جاء إنشاء استاد الملك عبد الله وقرار إنشاء استادات جديدة في مختلف المدن دعما للكرة التنافسية، لكن اللعبة بكل ما نملكه من طموح وإمكانات تمويلية تحتاج للمزيد بلا شك. صحيح أن منحنا حق استضافة بطولة آسيوية هي الثانية من ناحية الأهمية، أمر جيد، لكنه لا يعني الكثير إن قورن باستضافات سابقة منذ وقت طويل. كنا نتمنى أن نكون الأكثر جاذبية بمجرد دخولنا سباقا من هذا النوع، وألا يكون قمة الطموح والسعادة أن ننظم بطولة كروية على المستوى الأولمبي، وأن نقف على أرض صلبة، وأن تكون البنية التحتية أفضل بكثير من الواقع الحالي. لا أبالغ إن قلت إن تنظيم بطولات كروية على هذا المستوى في الملاعب السعودية تعد مكسبا للكرة الآسيوية، لأن العشق السعودي للعبة يمنحها ألقا ورونقا وإثارة؛ حيث يتصدر السعوديون آسيويا بهذا الحب الجارف، وفي المقابل ثمة أهمية كبيرة لضمان قاعدة صلبة، وإمكانات أساسية، لأن الزخم الإعلامي والجماهيري وحده لا يحقق النجاح.