صدر، مؤخرا، العدد الثامن عشر لمجلة ”بونة للبحوث والدراسات” المجلة العلمية الفكرية التي تصدرها مؤسسة بونة للنشر والتوزيع بعنابة، وتعنى بالأبحاث والدراسات التراثية والأدبية واللغوية، حيث يحرص مجموعة من الأساتذة والباحثين الجزائريين على تقديم دراسات علمية وفكرية وأدبية هامة على الصعيد العربي والدولي. احتفت المجلة في عددها الأخير لهذا الموسم بمختلف القضايا العلمية والفكرية التي تندرج في إطار نظرية الأدب، كون هذه الأخيرة تمثل مجموعة من الآراء والأفكار القوية المتسقة والعميقة والمترابطة، والمستندة أيضا إلى نظرية في المعرفة أو فلسفة محددة، والتي تهتم بالبحث في نشأة الأدب وطبيعته ووظيفته، كما تدرس الظاهرة الأدبية بشكل عام بغية استنباط وتأصيل مفاهيم عامة تبين حقيقة الأدب وآثاره. وقصد توضيح الرؤى وتعميق المفاهيم، تضمنت المجلة عديد المقالات تحت إمضاء باحثين وأدباء ومفكرين من داخل الوطن وخارجه، حيث كتب الدكتور شكري عزيز الماضي، مقالا حول مهام نظرية الأدب المتمثلة في البحث عن نشأة الأدب وطبيعته ووظيفته ،كون اهتمامها يرتكز على مقومات الأدب كحقيقة عامة في أي زمان أو مكان وفي أية لغة كتب بها، ما يعني في نشأة الأدب والعلاقة بين الأديب والعمل الأدبي، وكذا البحث في طبيعة الأدب عن طريق تبيان جوهر الأعمال الأدبية وخصائصها وسماتها العامة مع التركيز على وظيفة الأدب وعلاقته بالقراء. من جهته أرجع مقال للدكتور محمد التونجي نظرية الأدب إلى مساهمات كتاب أرسطو الموسوم ”فن الشعر”، الذي يعد باكورة دراسات نظرية الأدب التي أضحت حاليا من الفنون الأدبية النقدية الحديثة، تدرس أصول الأدب وفنونه ومذاهبه، وتضع القواعد المناسبة لدراسة الأدب، كما تعالج المفاهيم الجمالية ما يميزها عن النقد في أنه يدرس النصوص دراسة فنية ويصدر عليها الأحكام، بينما نظرية الأدب تقنن الأسس النظرية لدراسة الأدب. كما جاء في فحوى مقال بقلم الدكتور عبد الرحيم مراشدة، رئيس قسم اللغة العربية بجامعة جدارا بالأردن، تجلية إشكالية ”الأجناس والأنواع الأدبية”، التي أرقت المبدعين والنقاد، بدلبل وجود عديد الانشغال في مجال توصيف بعض الأعمال، وتوزيعها ضمن هذا الجنس أو ذاك، إضافة إلى أنّ المناهج الحديثة فتحت الباب على مصراعيه لإمكانية التمرد على الأجناس الموجودة، الأمر الذي ساهم في إبراز بعض النصوص الإبداعية على أيدي كتاب بصموا حضورهم الإبداعي في خريطة الأدب المحلي والعالمي على السواء، ما شجع النقاد على الالتفات إليها وعليه إبداء الرأي حولها. واستعرض الدكتور سعد بوفلاقة من جامعة عنابة الخطوط العريضة دراسته المعنونة ”قراءة في شعر ليلى الأخيلية: أميرة شواعر العرب”، حيث تم دراسة شعر ليلى الأخيلية التي شهد لها القدماء بالفصاحة والجزالة، وقدموها على الخنساء، وعلى الفحول من الشعراء. على الصعيد ذاته، ركز مقال الدكتور رشيد وديجي من كلية المتعددة التخصصات بالرشيدية بالمغرب على دراسة ”تقنية التقعير في الخطاب الروائي”، حيث تناول بالدراسة والنقاش تقنية التقعير في الخطاب الروائي. وذكر في مدخل دراسته أن الأساليب والتقنيات التي تعمل على دراسة الجانب الشكلي للنصوص السردية تعددت، ومن تلك التقنيات نجد تقنية التقعير التي تقابله الترجمة ظهرت خلال السنوات القليلة الأخيرة، لتضحى - حسبه - هذه التقنية التي وظفها نخبة من الكتاب والأدباء الفرنسيين كالأديب فيكتور هوقو إجراء في الكتابة الروائية، يؤشر على حداثة نصية، لتتحول الرواية كما قال جون ريكاردو إلى ”مغامرة كتابة لا كتابة مغامرة”. إضافة إلى تضمن العدد مقالات انصبت جميعها في قالب دراسة نظرية الأدب.