المجلس الشعبي الوطني: التوقيع على اتفاقيتين في مجال الرقمنة    شايب يتباحث مع الوزيرة المحافظة السامية للرقمنة حول سبل تفعيل آليات عصرنة ورقمنة الخدمات القنصلية    بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية: سايحي يستقبل بأنتاناناريفو من قبل رئيس مدغشقر    مجلس الأمن: عطاف يترأس اجتماعا رفيع المستوى حول مكافحة الإرهاب في إفريقيا    بوغرارة: وقف إطلاق النار هو بداية مسار جديد للقضية الفلسطينية    شرفة يترأس لقاءا تنسيقيا مع أعضاء الفدرالية الوطنية لمربي الدواجن    مجلس الأمة: مولوجي تعرض نص قانون يتعلق بحماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وترقيتهم    شايب يلتقي المحافظة السامية للرقمنة    الآلية الإفريقية لمراجعة النظراء: منصوري بجوهانسبرغ لترأس أشغال اجتماع لجنة توجيه ومتابعة نقاط الاتصال    وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية في زيارة عمل وتفقد إلى ولايتي سطيف وجيجل    وزير التجارة الداخلية و ظبط السوق الوطنية "الطيب زيتوني" تعبئة كافة الإمكانيات لضمان استقرار السوق الوطنية خلال رمضان    العدوان الصهيوني على غزة: انتشال جثامين 58 شهيدا من مدينة رفح جنوب القطاع    دعوات أممية لتوسيع نطاق الإغاثة الإنسانية في غزة    إصابة عدد من الفلسطينيين في هجوم للمستوطنين على منازل ومنشآت تجارية ومركبات شرق قلقيلية بالضفة الغربية    عطاف يترأس اجتماعا وزاريا لمجلس الأمن حول القضية الفلسطينية    ضرورة أن تخلص الجلسات الوطنية للسينما إلى مخرجات وتوصيات    هل فلتت منا صناعة التاريخ..؟!    الاحتلال المغربي يطرد ثلاثة إسبان من مدينة الداخلة المحتلة    سوسطارة في الصدارة    كرة القدم/كأس الكونفدرالية: ''مباريات مثيرة منتظرة في الدور ربع النهائي''    رئيس الجمهورية ينهي مهام والي بشار    الرئيس تبون يواصل سنّة التشاور السياسي تمهيدا للحوار الوطني    الجزائر لا ترضخ للمساومات والابتزاز    بوجمعة يجتمع ببن مولود    الجزائر ملتزمة بدعم تحقيق أهداف الطاقة النظيفة إقليميا ودوليا    دومينيك دي فيلبان ينتقد بشدة الحكومة الفرنسية    مواقف شجاعة في مناهضة الفكر الاستعماري    كرة اليد الجزائرية "مريضة" منذ سنوات    استشارة الأبناء تأسيسٌ لأسرة متوازنة    الدرك الوطني.. انتشار في الميدان لفك الاختناق وتأمين السياح    ارتفاع في منسوب المياه الجوفية والأودية والينابيع    أولياء تلاميذ متوسطة "جعبوب" بقسنطينة يناشدون الوزير التدخل    "الكناري" لتعزيز الصدارة وبلوزداد للتصالح مع الأنصار    توقع داربي جزائري ومواجهة بين المولودية وبلايلي    تعزيز آليات التمويل وترقية الإطار التنظيمي والرقمنة والتكوين أهم توصيات الجلسات الوطنية للسينما    البطولة الوطنية العسكرية للعدو الريفي : تألق عناصر مديرية الإدارة والمصالح المشتركة لوزارة الدفاع    العاب القوى/ البطولة الافريقية 2025 لأقل من 18 و20 سنة : مدينة وهران مرشحة لاحتضان الحدث القاري    ممر الهيدروجين الجنوبي: السيد عرقاب يشارك غدا الثلاثاء بروما في اجتماع وزراء الطاقة المعنيين بالمشروع    الحماية المدنية: اجتماع اللجنة الثنائية المشتركة الجزائرية-تونسية بولاية الوادي    بورصة الجزائر: انطلاق عملية فتح رأسمال بنك التنمية المحلية ببيع 44.2 مليون سهم جديد    صحبي: خطاب رئيس الجمهورية التاريخي في الجلسات الوطنية للسينما يؤسس لثورة ثقافية حقيقية للفن السابع    الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري    رئيس الجمهورية يستقبل الأمين الوطني الأول لجبهة القوى الاشتراكية    الجوية الجزائرية: المسافرون نحو السعودية ملزمون بتقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بداية من 10 فبراير    فاتورة استيراد زيوت المحركات تتراجع    الجزائر تخسر أمام تونس    الجزائر تشهد حركة تنموية رائدة    رئيس الجمهورية: كل رموز المقاومة والثورة التحريرية المجيدة يجب أن ينالوا حقهم من الأعمال السينمائية    سينمائيون يشيدون بعناية رئيس الجمهورية لقطاع السينما    صحافيون وحقوقيون يتبرّؤون ويجدّدون دعمهم للقضية الصحراوية    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    المتحور XEC سريع الانتشار والإجراءات الوقائية ضرورة    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    ثلاث أسباب تكتب لك التوفيق والنجاح في عملك    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة وحكم القانون
نشر في الفجر يوم 07 - 12 - 2014

الثورجية في مصر - الذين يمتلكون حقوق ملكية ثورة 25 يناير (يعلم الله من أعطاهم هذا الحق وتحت أي مشروعية) أثاروا ”هوجة” في وسائل الصحافة، ومواقع التواصل الاجتماعي، وطبعا الفضائيات المدعومة بسخاء من الأقزام الذين بدوا للحمقى كبارا. الهوجة تدعي أن الثورة راحت وسُرقت من المصريين.
السبب؟
إسقاط المحكمة التهم عن الرئيس المخلوع حسني مبارك، في قضية موت المتظاهرين في ثورة ال18 يوما.
وجدت نفسي مشاركا في أكثر من برنامج في فضائيات باللغة الإنجليزية تناقش القضية من منظور سياسي لا قانوني. أدمن معدو البرامج على إشراك الإخوانجية والإخوانجيات الهستيريات ومعلقين عرب (لا مصريين) من الفيلق الناصري العروبجي، وغاب القانونيون عن برامج مناقشات حكم قضائي. حاولت أن أركز على النقاط القانونية والقضائية، ومقدمو البرامج مصرون على أنها لعبة سياسية لإجهاض الثورة وإعادة المباركيين.
القضاء عادة لا يعطي وزنا للاعتبارات السياسية أو الآيديولوجية أو حتى الأخلاقية، بل يتعامل في إطار القانون (ما يعد أدلة قانونية وما ينظمه القانون من عقوبات أو غرامات) في إطار عرف القضاء وتقاليده.
الرئيس السابق مبارك يقضي بالفعل عقوبة الحبس في قضايا تتعلق بسوء الإدارة والتفريط في المال العام وإهداره.
القضية الثانية أكثر خطورة، لأنها تتعلق بمسؤولية قتل متظاهرين. المحامون، سواء في النيابة كادعاء (مكتب المدعي العام في تسمية أخرى)، أو في الدفاع أو هيئة القضاء، والمحلفين (في البلدان التي تتبع هذا النظام) يقدمون الأدلة ويفحصونها كأدلة لا تدع مجالا للشك. أدلة مادية كالبصمات وعينات من الحامض النووي DNA للمتهم في مكان الجريمة، وأدوات القتل وملحقاتها، كأداة حادة أو أسلحة نارية (وتشمل أدلة طب شرعي، كمطابقة طلقات رصاص في جسم الضحية للسلاح الذي أطلقت منه في حوزة المتهم، وحجم الثقب الذي نفذت منه الطلقات إلى جسم الضحية) وأدلة مادية - ظرفية كصور للمتهم يصوب سلاحه نحو الضحية أو يهدده به، أو صور فيديو كاميرات الحراسة، ومكالمات مسجلة للمتهم يحرض على القتل أو يأمر به، أو وثائق إصدار أوامر إطلاق النار على الضحايا بتوقيع المتهم. ثم أدلة الشهود بعد حلف اليمين بأنهم شاهدوا المتهم يطلق النار أو يعطي الأوامر محرضا على إطلاق النار. وعادة ما يحاول الخصم (الدفاع أو الاتهام) إعادة استجواب الشهود ومقارنة أقوالهم ومدى دقة حاستي السمع والبصر لديهم، وإذا كانوا محايدين أو يحملون ضغينة. وعادة لا يأخذ القضاة بشهادة الشهود وحدهم أو حتى اعتراف متهم كأدلة منفصلة، بل كمكمل للأدلة المادية والظرفية.
تفاصيل ضرورية لفهم لماذا صعب على هيئة المحكمة أن تجد أدلة كافية للحكم بإدانة رئيس أسبق، أو وزير سابق في تهمة قتل المتظاهرين. وقد يكون مبارك ووزراؤه مذنبين فعلا، وقد يكونون في براءة الذئب من دم ابن يعقوب، لكن ما قدمه الاتهام من أدلة لم يكن كافيا للإدانة من الناحية القضائية. وحتى لو وجدت الأدلة بالفعل، فإن مبارك يكون مذنبا فقط في تهمتي التحريض على قتل المتظاهرين أو التآمر على قتل المتظاهرين، وليس قتل المتظاهرين، لأن ذلك، من وجهة نظر الأدلة القانونية، يعني إثبات أنه أمسك بسلاح ناري بنفسه وأطلق الرصاص على الناس.
للأسف، يصر الثورجية المصريون - ومحللو الفضائيات غير المصريين (لدوافع أخرى) - على أن محاكمة رئيس سابق لا بد أن تكون سياسية. ولا أعرف بالضبط معنى المحاكمة السياسية أو محاكم الثورة (الفرنسية والصينية والبلشفية والإيرانية) سوى أنها غطاء لتشريع مهرجانات القتل الجماعي الهمجية التي يتخلى فيها الأفراد عن إنسانيتهم وإيمانهم بالعدالة، فتذوب هويتهم في كتلة غوغائية متعطشة للدماء بدوافع الانتقام، عائدين لا شعوريا لبدائية إنسان ما قبل العصر الحجري. وإذا كنا نريد لمصر التقدم والازدهار (أو العودة للماضي القريب فيما قبل أزمة مارس ”آذار” 1954) أليس من الأفضل إعلاء حكم القانون وكلمته وتساوي الجميع أمامه؟ ألا يعني ذلك المحافظة على استقلال القضاء وتعصب العدالة بقناع العمى؟
العدالة عمياء ممسكة بميزان حساس؛ فهي لا ترى مراكز قوة أو ضعف، لا ترى ظروفا سياسية أو آيديولوجية، وإنما تزن الأدلة في ميزانها.
وإذا كانت ثورة 25 يناير اندلعت للإصلاح وإنهاء الفساد والتقدم بالمصريين، فإن ثورة 30 يونيو كانت بالضرورة لإعادة حكم القانون، ومنع ”الإخوان” وإرهابهم من القضاء على القانون ومؤسساته.
ألم يصرخ هؤلاء الثورجية: ”يا للهول”، عندما أقال الرئيس محمد مرسي النائب العام والقضاة (لأن النيابة طلبت استدعاءه في تهمة قتل حراس سجن وادي النطرون أثناء هربه بمساعدة مسلحين من حماس)؟
ألم يحتج الثورجية ويشاركون في وثيقة العشرين مليونا مطالبين مرسي بالاستقالة، عندما حاصر بطلجية ”الإخوان” وإرهابيو جهازهم السري المحكمة الدستورية لمنع القضاة من النظر في قانونية الأوامر الجمهورية التي صدرت ضد استقلال القضاء؟
احتجاجات اليوم تناقض مواقفهم السابقة، وتشكل سابقة جد خطيرة في سحب مصر بعيدا عن طريق الاستقرار - ومصابيح إنارة هذه الطريق هو حكم القانون واستقلال القضاء - والانحدار نحو الفوضى ومحاكم الغوغاء، ونصب المشانق على أعمدة الكهرباء، كما شاهدنا في بلدان الاضطرابات، وهو ما لم تشهده مصر قط.
الأفضل أن يوجه الثورجية المصريون طاقاتهم نحو اليقظة لما يحيط بمصر من أخطار، وها هم إرهابيو البغدادي والظواهري و”داعش” من حلفاء ”الإخوان” يقيمون معسكرات التدريب على حدود مصر في صحراء ليبيا.
على الثورجية وموجهي الرأي العام في مصر إعداده لمرحلة جد خطيرة، وعليهم أن يطالبوا الجيش والطيران المصري بشن أعنف الغارات المستمرة على هذه المعسكرات لتدميرها تماما، واجتثاث هذا السرطان الخبيث، قبل أن يتسلل عبر الحدود إلى مصر. القانون الدولي واضح؛ المادتان 51 و52 تمنحان مصر الحق الكامل في شن الغارات، بل ودخول الأراضي الليبية لاستئصال المعسكرات والقبض على مجرمي ”داعش” وتقديمهم للمحاكمة. القانون نفسه الذي وظفته أميركا والتحالف لتشريع غزو أفغانستان، والتدخل في الصومال وبلدان الكاريبي وأميركا الوسطى، واستخدمته كذلك إسرائيل في غارات متعددة على معسكرات الفدائيين الفلسطينيين في لبنان والأردن.
فالقانون والالتزام به، سواء قانون البلاد أو الدولي، يعني الاستقرار، ويعني أيضا التعامل بحزم وقوة مع الأخطار التي تهدد أمن الوطن، مثل حق مصر في تدمير معسكرات الإرهابيين في ليبيا أو في أي بلد مجاور، إذا كان وجودها يشكل تهديدا لأمن مصر، وهو حق مشروع في القانون، إذا تذكر المصريون احترام القانون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.