تعد هذه الجولة امتدادا لتلك التي عقدت في 25 سبتمبر الماضي، بنفس المدينة، بين أعضاء مجلس النواب الليبي وبرلمانيين يمتنعون عن الجلسات، حيث تمت الدعوة خلالها إلى وقف إطلاق النار، والاعتراف بشرعية المؤسسات المنتخبة، واحترام الإعلان الدستوري وحقوق الإنسان والقانون الدولي والنبذ الصريح للعنف. وتلتها جولة أخرى في أكتوبر، بطرابلس، لكن حكم المحكمة العليا الليبية مطلع نوفمبر الماضي، ببطلان انتخاب مجلس النواب، أربك عملية الحوار وأدى إلى إيقافها، وهو ما رفضه برلمان ”طبرق” واعتبره ”قرارا سياسيا اتخذ تحت تهديد السلاح”. ... الأممالمتحدة تدفع نحو الحوار وأطراف ترحب دعوة مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا، برناردينو ليون، الفرقاء الليبيين إلى نبذ العنف والجلوس إلى طاولة الحوار، تأتي من منطلق أن حل الازمة في ليبيا ”لن يكون إلا عبر الحوار السياسي الذي يجمع كل الفرقاء الليبيين باستثناء المتشددين، وان الأممالمتحدة لن تقبل بهذا الاقتتال”، معتبرا أن ”غدامس2” يشكل الحل الأمثل نحو حلحلة الأزمة الليبية. وقال ليون، في تصريح صحفي إن ”مهمتي كمبعوث أممي خاص إلى ليبيا، تقتضي مني الحياد والمساهمة في الوصول إلى حل سلمي”، مشيرا إلى أن ”الحل السياسي في ليبيا هو الكفيل بإخراج البلاد من دوامة الاقتتال والصراع، خاصة وأن لدينا فريقا يعمل في بنغازي وآخر في نفوسة شرقي ليبيا”. وعشية انطلاق الجولة الثانية من الحوار بين الأطراف الليبية برعاية الأممالمتحدة، أصدر مجلس النواب الليبي بيانا جدد فيه دعمه وتأكيده على الحوار الهادف الذي يقود إلى حل الأزمة الليبية الراهنة، وكشف عن شروطه أو ”ثوابته” التي تسبق مشاركته في أي حوار، ومع أي طرف كان، وأهمها إبلاغه مسبقا بالجهات والأشخاص الذين سيشاركون في الحوار مع الاحتفاظ بحقه في رفض ”أي شخصية كانت سببا في نشوب الأزمة وعرقلة المسار الديمقراطي والعملية السياسية في ليبيا”. وأبرز المجلس التأكيد أن ”السلطة الشرعية الوحيدة للشعب الليبي”، مضيفا أنه ”يؤيد ويدعم كافة الجهود والمبادرات الرامية لإنهاء الأزمة الليبية وفق الثوابت التي أرساها ضمن قراراته الصادرة”. من جهتها، رحبت ميليشيات ”فجر ليبيا” بجولة الحوار، وقالت إنها ”ليست ضد الحوار، بل هي أول من دعت اليه، لكن لا بد أن يكون على أساس ثوابت ثورة 17 فبراير، ومكتسباتها، بدءا باحترام سيادة وحكم القضاء، وانتهاء باحترام وتقدير تضحيات شباب ليبيا”، لافتة إلى أن ”هناك خطوطا حمراء لا يمكن بأي حال من الأحوال التفاوض أو الحوار أو مجرد النقاش فيها”. ووضعت ”فجر ليبيا” أربعة شروط لإجراء الحوار، وفي مقدمتها احترام حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، و”عدم الانقلاب على حكومة الحاسي والمؤتمر الوطني المنتهية ولايته، وعدم تعديل أو إلغاء قانون العزل السياسي”. ومن ناحية أخرى أوضحت الناطقة باسم الممثلة العليا للسياسة والأمن في الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، في تصريحات لها، أن الاتحاد الأوروبي يحث مجددا كافة الأطراف و”بشكل عاجل” للبدء في الحوار، ووجه ما اعتبره ”النداء الأخير” لكافة الفرقاء في النزاع في ليبيا للقبول بالحوار كحل للصراع الدائر. ... مساعي دول الجوار تصب في مصلحة مبادرة الجزائر وفي إطار المساعي الرامية إلى إيجاد تسوية لاحتواء الفوضى واللااستقرار في ليبيا، دعت دول الجوار وعلى رأسها الجزائر، في اجتماع وزراء دول الجوار المنعقد في الخرطوم، على ضرورة الوقف الفوري لكافة العمليات المسلحة، وإعلاء أسباب الحوار الشامل، وصولا إلى تحقيق السلام والاستقرار والمصالحة، ووضع دستور جديد في ليبيا. وناشد الوزراء إلى جانب الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، عبد القادر مساهل، الذي مثل الجزائر في هذا الاجتماع، كافة الأطراف والفعاليات السياسية النابذة للعنف، للجلوس الفوري على طاولة حوار شامل، تحقيقا للأهداف المبتغاة، وفقا لمبادرة المبعوث الأممي. وحيا الوزراء المشاركون بالمناسبة الجهود التي تبذلها الجزائر بالتنسيق مع الأطراف الليبية ودول الجوار لتقريب مواقف الفرقاء الليبيين، وإرساء حوار شامل يفضي إلى حل سياسي للأزمة الليبية، ودعوا إلى ضرورة إشراك دول الجوار في كافة الجهود باعتبار ”دول الطوق”، التي يتأثر أمنها القومي بشكل مباشر بالتطورات على الساحة الليبية، مع ”ضرورة إحداث التنسيق اللازم بين المبادرات بما يؤمن نجاح جهود ومرجعيات دول الجوار”. وسبق هذا اللقاء، اجتماعا لدول مجموعة الاتصال من أجل ليبيا، بأديس أبابا، بمشاركة الجزائر، مثلها الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية، عبد الحميد السنوسي بريكسي، يهدف إلى خلق إطار تنسيقي من أجل تعزيز الجهود الرامية إلى البحث عن حل سياسي مستديم للأزمة الليبية، حيث وفي تدخله ركز بريكسي على ”جهود الجزائر الحثيثة” الرامية إلى مرافقة الأطراف الليبية في مسار سياسي يحبذ الحوار الشامل من أجل سلم مستديم ومصالحة وطنية. واعترف المشاركون ب”نجاعة” الحل السياسي كسبيل وحيد للخروج من الأزمة، معربين عن دعمهم ”التام” للجهود التي تبذلها الجزائر لفتح حوار شامل يجمع كل الليبيين بهدف استتباب السلم والأمن والاستقرار المؤدية إلى المصالحة الوطنية.