توجت فعاليات الطبعة الثامنة للمهرجان الوطني لشعر وغناء أهلليل، التي اختتمت فعالياتها الأسبوع الماضي بمدينة تيميمون ولاية أدرار، بإصدار كتاب جديد من الحجم المتوسط، يضم 320 صفحة، جاء تحت عنوان “من ديوان الأهلليل”، من تأليف الجمعية الثقافية “تيفاوت نتزيري” (ضوء القمر) للحفاظ على الأصالة والتراث بأدرار. ويحتوي الجزء الأول من المؤلف “من ديوان الأهلليل” الذي يأتي في مبادرة من الجمعية لتوثيق هذا التراث العالمي اللامادي، على ثمرة جهود ميدانية تواصلت على مدى خمس سنوات، بذلها أعضاء الجمعية لنقل شعر وغناء أهلليل من الصفة الشفهية إلى حالة التدوين، وهذا من خلال جمع قصائد “إيزلوان” أهلليل عبر مختلف مناطق إقليم قورارة بمساعدة أكبر الشيوخ والمهتمين بهذا التراث الذي صنف سنة 2005 من طرف اليونسكو ضمن التراث اللامادي العالمي. واعتمدت الجمعية في جمع المادة العلمية من هذا التراث، على الدراسات السابقة التي أقيمت حول شعر وغناء اهلليل، إلى جانب محاولتها إبراز المجالات والأغراض التي يتناولها التراث الأصيل “أهلليل”، على غرار المدائح الدينية و التغني بفضائل ومناقب الأولياء الصالحين، إضافة إلى سرد مختلف شؤون الحياة اليومية ومناسباتها المعروفة بمنطقة ڤورارة. وفي ظل ما لاحظته الجمعية من تناقص للذاكرة الحية حول هذا التراث نتيجة رحيل أو مرض عدد من شيوخ أهلليل، قامت الجمعية بالتقرب من الشيوخ المتبقين على قيد الحياة لجمع ما حفظوه من شعر وغناء وطريقة رقص “اهلليل”، على غرار الكثير من المعلومات التي قدمها الشيخ الحاج بركة فلاني، الذي ساهم بقدر كبير في إنجاح هذا العمل الثقافي، حيث تم تدوين ما حفظه من قصائد أهلليل، كمرحلة أولى ليتم بعدها وضع عدة فصول لهذا الكتاب. وتناول الكتاب الذي نشر في شكل حوارات وصور وسير ذاتية لشيوخ وأعلام أهلليل، نبذة عن الخصوصية الجغرافية لمنطقة قورارة ودراسة عامة لتراث أهلليل من حيث المصطلح، إلى جانب التطرق إلى المدارس الشعبية المهتمة بتلقين هذا التراث، ونقله عبر الأجيال وتنوع أساليبه حسب كل مدرسة تبعا لانتشارها عبر إقليم ڤورارة. كما تطرق المؤلف إلى الجانب الكوريغرافي والأشكال الوضعية لأداء أهلليل، حيث سرد على القراء، وضعية الوقوف وكذا الجلوس (تقرابت)، كما عّرف بالآلات الموسيقية المستعملة في أدائه، إضافة إلى إبراز السيرة الذاتية وجهود الشيخ بركة فلاني في المحافظة على تراث أهلليل، باعتباره أحد أهم الشيوخ الممارسين لغناء اهليل. ولقيت هذه المبادرة التوثيقية استحسانا من طرف المهتمين من أساتذة وباحثين وطلبة، ما يشجع على مواصلة الجهد في الإلمام بشكل أوسع بهذا التراث العالمي وإرساء نظرة علمية أكاديمية للمحافظة عليه، وكذا لإثراء ما كتب ودوّن حول هذا التراث، كالمحاولة التي قام بها السنة الماضية الأستاذ بن زايد محمد سالم من منطقة قورارة، بتأليفه كتابا تضمن العديد من قصائد أهلليل، أوبعض البحوث التي قاما بها الكاتبان مولود معمري ورشيد بليل حول تراث أهلليل.