يعزف غالبية أصحاب المؤسسات المصغرة في ولاية عنابة، عن تتبع دورات تنشيطية تمكن من رفع مستوى تسيير مؤسساتهم لدى مكاتب نصبت على مستوى الملاحق التابعة لمديرية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وغرف الصناعات التقليدية. تم إحصاء 9 مستثمرين فقط يتابعون دورات تكوينية لزيادة معرفتهم بالمجالات الاستثمارية التي ينشطون بها، رغم أن الولاية تحصي 9022 مؤسسة مصغرة تنشط عبر مجالات استثمارية عديدة، مكنت من توفير مناصب شغل لآلاف البطالين، إلا أن أصحابها يفضلون اتباع مهاراتهم الخاصة في متابعة تغيرات السوق، والحرص على تنمية العلاقات التجارية لإنجاح مشاريعهم بوسائلهم الخاصة، غير مهتمين مطلقا بما يسمى المرافقة التقنية التي يجهل تواجدها غالبية أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإن علموا بها فلا يلجأون إليها. وأفرز عدم الإقبال على الدورات التكوينية لأصحاب المؤسسات المصغرة على الخصوص في ولاية عنابة، عديد المشاكل والمعضلات التي أغلقت أبواب الكثير من هذه المؤسسات بعد بلوغها درجة الإفلاس، بسبب جهل الشبان بالأنظمة التسييرية وكيفية ضبط العجلة الإدارية لهذه المؤسسات. ومن جانب آخر أصبح غالبية المقبلين على وكالات دعم و تشغيل الشباب يفضلون الحصول على أموال تمويل المشاريع لاستثمارها في إنشاء مؤسسات خدماتية غير منتجة، لا يمكنها استيعاب أعداد واسعة من البطالين، حيث يختارون أسهل المجالات وأكثرها ربحا، وهو مجال النقل، عن طريق فتح وكالات تأجير السيارات أو اقتناء شاحنات ذات المطاعم المتنقلة، لتبقى المجالات الفلاحية والصناعية بعيدة المنال عنهم، بسبب جهل ميكانيزماتها وكيفية تسييرها، إلى جانب جملة العراقيل التي تواجههم، حسب تصريحات العديد من صغار المستثمرين، من بينهم البحارة الطامحين لإنشاء مؤسساتهم الخاصة في مجال الصيد البحري أوالفلاحي. وأكد هؤلاء وجود ممارسات وتجاوزات يكرسها كبار المستثمرين لمنعهم من النشاط في هذه المجالات كبحا جماح المنافسة و منعا لوجود مستثمرين جدد قد يقومون بقلب السوق رأسا على عقب، ما شكل عقبة كبيرة في وجه النشاطات الاستثمارية التي فتحت أبوابها مؤخرا للتعامل مع مؤسسات الدولة في صيانة الإنارة العمومية، تهيئة المساحات الخضراء، جمع وفرز ومعالجة النفايات الصلبة والسائلة، صيانة العقار الحضري، وغيرها من الأنشطة المتعلقة بالري، الغابات والصيد البحري، وهي النشاطات التي تبقى محتكرة من طرف كبار المقاولين وعمالقة الاستثمار عبر ولاية عنابة وشرق الوطن، الأمر الذي تسبب في تجميد حركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تعجز عن مواجهة هكذا ظواهر مكرسة في ولاية عنابة بشكل واسع و مخيف في نفس الوقت. فشل كثير من المؤسسات الشبانية المصغرة في عنابة فسح المجال لخروج البطالين وعودتهم لممارسة الأنشطة التجارية الفوضوية، التي حولت أرصفة عنابة إلى بازار للمنتوجات الصينية المقلدة لم تتمكن الجهات المسؤولة من كبح جماحه، أووضع حد له نتيجة احتقان الوضع الذي صنف عنابة بالمراتب الأولى للولايات التي تشهد أكبر نسبة احتجاجات شهريا، حيث يتجاوز عددها 30 احتجاجا، ما يعني وجود أزيد من احتجاج يوميا، ضد الحڤرة والتهميش والتجاوزات التي تتم ممارستها من قبل المسؤولين وأصحاب الشكارة بشكل يومي.