تستلم هياكل دعم تشغيل الشباب بمختلف أنواعها بولاية عنابة يوميا أكثر من 200 ملف يطلب أصحابها الموافقة على إنشاء وكالات كراء سيارات أو دراجات نارية، أو شاحنات نقل، تطمح كلها للعمل مع كبريات مؤسسات الأشغال العمومية، على غرار “ كوجال” وغيرها من المؤسسات الصناعية العملاقة، الأمر الذي جعل الإقبال على الاستثمار في مجالات أخرى أكثر حيوية، استنادا للثروات التي تزخر بها عنابة، مثل الصيد البحري، الفلاحة والصناعات الغذائية، ضعيفا جدا رغم توجه نسبة لا بأس بها من الشباب إلى إنشاء مقاولات للبناء، التي تزايد عددها بالنظر إلى كمية المشاريع العمرانية الهائلة والهامة التي ستعرف الانطلاق في إنجازها قريبا. وتجدر الإشارة، أن السلطات الولائية كانت قد أشارت إلى الضعف الكبير المسجل في عدد المشاريع المقترحة من الشباب في المجالات الإنتاجية الهامة، في إطار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي تعد رسميا بعنابة 9311 مؤسسة صغيرة ومتوسطة، خلقت 52 ألفا و954 منصب عمل، 2226 منها مسجلة بالضمان الاجتماعي. وتنقسم مجالات الأنشطة التي تمارسها هذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بين الصناعة التقليدية، التي تعد 3929 شابا ناشطا بها، إضافة إلى ميادين الهندسة المعمارية، وفئة جد محدودة قررت ممارسة نشاطها في الميدان الفلاحي، بالبلديات التي تتميز بتوفر عوامل فلاحيه ممتازة، على غرار بلديات الشرفة والعلمة، وغيرها من البلديات الواقعة بمحيط مدينة عنابة. وحسب ملاحظة أغلب هيئات التشغيل، فإن توجه المستثمرين الشباب بدا يميل مؤخرا، بعد تحديد نسبة فائدة القروض البنكية ب1 بالمائة، لممارسة نشاطات تجارية عادية مثل النقل والخدمات، في الوقت الذي يعزف فيه الكثيرون منهم عن خوض مغامرة إقامة مؤسسة صغيرة أو متوسطة، بالنظر إلى صعوبات إنشاء وتسيير مثل هذه المؤسسات واحتمال تعرضها للخسارة والفشل نتيجة جهلهم لميكانيزمات السوق، الأمر الذي يطرح إشكالية كبيرة لهيئات التشغيل التي لا تتوفر حاليا على مرافق مخصصة لتكوين ومرافقة هؤلاء الشباب في مسار إنشاء المؤسسات وضمان استمرارها. ورغم التسهيلات المقدمة، يبقى بناء مؤسسة صغيرة أو متوسطة، بالنسبة للكثيرين من الشباب البطالين، مغامرة غير مضمونة العواقب، قد تنجح وقد تبوء بالفشل، خاصة إذا صادفت عراقيل إدارية من شأنها العودة بالمستثمر الشاب إلى نقطة الصفر. حيث سبق وأن شهدت ولاية عنابة نفور العديد من المستثمرين الجزائريين والأجانب، من الذين بادروا بإنشاء مؤسسات تجارية وصناعية لكنهم انسحبوا بسبب غياب محيط استثماري ملائم وتعرضهم لمنافسة غير نزيهة ناجمة عن بعض النشطاء بعدد من المجالات الصناعية والاقتصادية الحيوية، التي بقيت حكرا على فئة معينة من المستثمرين الخواص دون غيرهم.