ناقشت محكمة بئرمرادرايس بالعاصمة، أول أمس، قضية معنونة بالنصب الاحتيال والتأثير على الخبرة باستعمال مناورات احتيالية، التي توبعت فيها عائلة بأكملها إلى جانب خبير لدى العدالة والمدعو ”حوا احمد”، الذي توبع بشهادة الزور في خبرة قضائية. وحسب ما دار في جلسة المحاكمة التي دامت 4 ساعات، فإن هذه العائلة البورجوازية المتكونة من الوالد المدعو ”خ. رشيد.عبد المجيد”، وهو صاحب عقارات ومطاعم بحيدرة، زوجته السابقة ”ب.دليلة”، ابنته المدعوة ”خ.سارة”، ابنه ”خ. عادل فهد اسلام” وهو طيار بجنوب إفريقيا، وابنه ”خ.رياض” المتواجد في حالة فرار من العدالة الجزائرية، إلى جانب والده الذي لايزال مختفيا عن الأنظار. وجاء في معرض الشكوى التي سردتها القاضية على مسامع الحضور أن العدالة كانت قد أقامت حجزا على منزل هذه العائلة، وهي عبارة عن فيلا تحتوي على مطعم تقدر ب 86 مليار سنتيم وتتربع على مساحة 1175 متر مربع، حيث كانت ستباع هذه الفيلا في المزاد العلني كون هذه العائلة كانت عليها ديون بقيمة 14 مليار سنتيم، وقبل أن يتم بيعها بالمزاد العلني اتفق أفراد هذه العائلة، وعلى رأسهم الوالد، على إبرام عقد مبادلة مع رجل أعمال، والذي تضمن أن يستلم هذا الأخير هذه الفيلا مقابل دفع الديون المترتبة على هذه العائلة المقدرة ب14 مليار سنتيم لرفع الحجز عنها وتسليمهم شقتين بسعيد حمدين ومحلا تجاريا، بالإضافة إلى مبلغ مالي مقدر بملياري سنتيم، وهي الصفقة التي أعدت مربحة بالنسبة لهذا التاجر الذي دفع - حسب تصريحاته في جلسة المحاكمة - 33 مليار سنتيم لقاء فيلا بحيدرة تقدر قيمتها المالية ب86 مليار سنتيم. وعندها أبرم عقد المبادلة معهم لدى الموثق بعد أن رفع الحجز عن الفيلا، وقدم لهم مهلة 9 أشهر لإخلاء الأماكن. رجل الأعمال يروي للقاضية.. ”أبرمت معهم عقد مبادلة بحضور محاميهم ودفعت ديونهم المقدرة ب14 مليار سنتيم، وقدمت لهم شقتين بسعيد حمدين ومحل، ومبلغ مالي قدره ملياري سنتيم، ناهيك عن المصاريف القضائية المقدرة ب 37 مليون سنتيم”. وبعد أن قدم لهم مهلة 6 أشهر لإخلاء الأماكن ارتأى بعد انقضائها أن يضيف لهم مهلة أخرى مقدرة ب3 أشهر، حيث تضمنت تصريحاته ”.. بعد انقضاء 9 أشهر كاملة توجهت للمنزل ففتحت لي والدتهم المنزل وسألتني من تكون؟ فأجبتها بأنني صاحب المنزل، ثم قالت لي أنت الذي دفع 14 مليار لإلغاء الحجز عن المنزل، فأجتها بنعم، وعندها قالت لي زوجي مجنون وأقمنا عليه الحجر، وهذا المنزل ملك لنا وأغلقت الباب في وجهي”. وعندها اتصلت بزوجها الذي كان خارج الوطن وأخبرته أن أبناءه لا يريدون إخلاء المنزل، فطلب مني أن أرسل له مبلغا ماليا بالعملة الصعبة ليدفع مستحقات الفندق الذي يمكث فيه حتى يعود لأرض الوطن ليحل المشاكل العالقة بيننا، وهنا وقعت ضحية نصب للمرة الثانية بعد أن اختفى عن الأنظار من جديد”. المتهمون استعملوا خبيرا عقليا لدى المحاكم لاستعادة منزلهم وجاء في معرض مرافعة دفاع الضحية أن هذه العائلة استغلت المهلة التي قدمها لهم الضحية لإخلاء الأماكن، وقاموا بإقامة الحجر على والدهم، حيث اتصلوا بالدكتور ”حوا احمد”، وهو خبير لدى المحاكم منذ 25 سنة، ودفعوا له للسفر إلى سويسرا لمعاينة والدهم بمصحة صحية، حيث جاء في تقرير الخبرة أن والدهم غير مؤهل عقليا للتصرف في ممتلكاته، لتستفيد بذلك هذه العائلة من إقامة الحجر على والدهم، وعينوا ابنه الطيار مقدما على والده، أي أنه ينوب عن والده للتصرف في ممتلكاته، وبذلك رفعوا دعوى لإبطال عقد المبادلة وبالتالي استعادوا منزلهم بقوة القانون.. العدالة تجند الأنتربول للتأكد من شهادة الخبير قاضي التحقيق قرر التأكد من شهادة الخبير ”حوا احمد” بعد فتح تحقيق في قضية النصب والاحتيال هذه، ليتم بذلك تجنيد الأنتربول للتحري في القضية، حيث أسفرت التحريات على أن الخبير تنقل إلى سويسرا لمعاينة الوالد بتاريخ 8-9 ديسمبر 2011، في حين أن الوالد كان متواجدا ببريطانيا في هذا التاريخ بالذات وليس بسويسرا، وهنا تمت متابعة الخبير بشهادة الزور في محررات قضائية. القاضية: ”لم أشاهد وقائع مماثلة في حياتي” وحسب ما جاء على لسان القاضية التي استغربت كيفية حياكة المتهمين لخطتهم المحكمة باستعمال خبير في العدالة، تقاضى أتعابه من الأطراف عوض تقاضيها من العدالة، حيث جاء على لسانها بالحرف الواحد:”لم أشاهد وقائع مماثلة في حياتي”. كما أكدت للوالدة أن العقد شريعة المتعاقدين وأن ابنها كان شاهدا في العقد لدى الموثق ولو كان والده غير مؤهل عقليا للتصرف في ممتلكاته لما وقع للشهادة في العقد بتاريخ إبرام عقد المبادلة. الوالدة:”كل ملفاتي القضائية كانت لدى النقيب سيليني عبد المجيد ولم أوكل يوما هيئة الدفاع الماثلة أمامكم اليوم” الوالدة أصرت على إنكار التهم الموجهة لها، حيث راحت تصرخ بأعلى صوتها قائلة:”كل ملفاتي القضائية كانت لدى النقيب عبد المجيد سيليني ولم أوكل هيئة الدفاع الماثلة أمامكم”، وأنكرت كل ما نسب إليها من تهم، حيث غيرت أقوالها أكثر من مرة في جلسة المحاكمة، وبمجرد سماعها لالتباسات النيابة أغمي عليها وتم نقلها على جناح السرعة للمستشفى. النيابة تؤكد أن بن حوا يشكل خطرا على المهنة وبعد المناقشات القانونية التمس ممثل الحق العام تسليط عقوبة تراوحت بين 5 سنوات وسنتين حبسا نافذا على المتهمين، مع إصدار أمر بالقبض على المتهمين الفارين. وبخصوص خبير العدالة فالتمس وكيل الجمهورية تسليط عقوبة 5 سنوات حبسا نافذا و100 ألف دج غرامة نافذة كعقوبة أصلية مع منعه من مزاولة المهنة، وتكون مشمولة بالنفاذ المعجل.