تعاني بلديات عنابة ذات الطابع الريفي، على غرار بلديات التريعات، شطايبي، العلمة، سرايدي، من الجمود شبه الكلي للتنمية بها منذ سنوات، علما أنه بين الحين والآخر يتم الإعلان عن مشاريع سياحية وأخرى خدماتية عبر هذه البلديات المحرومة، إلا أن أرض الواقع تكذب هذه التصريحات. انجر عن سنوات التهميش التنموي الذي طال البلديات ذات الطابع الريفي في ولاية عنابة، تراجعا فادحا في المستوى المعيشي للسكان الذين عادوا إلى القيام بممارسات جلب الحطب من الغابات والماء من الينابيع نتيجة الحرمان من مد شبكات الغاز، ومياه الشرب والكهرباء في بعض المداشر والقرى المترامية الأطراف ببلدية برحال، دون الخوض في إشكالية النقص الكبير في الهياكل الخدماتية، على غرار المراكز الصحية الجوارية، المدارس والمراكز البريدية، وندرة الهياكل الصناعية التي من شأنها امتصاص النسب العالية للبطالة عبر هذه النقاط المحرومة. فعبر بلدية التريعات يبقى مصنع الآجر الذي يوظف 40 عاملا، الهيكل الصناعي الوحيد الذي يرصده آلاف البطالين من أجل منصب عمل ولو مؤقتا، علما أن تسوية ملكية الأراضي الفلاحية في عين المكان تبقى الشغل الشاغل للمواطنين الذين تشكل الزراعة وتربية المواشي نشاطهم الأساسي. نفس الوضع يعيشه سكان بلدية شطايبي التي سطر فيها مؤخرا مشروع سياحي ضخم لم ير النور بعد، لأن المنطقة بقيت محرومة من المشاريع التنموية لأكثر من 10 سنوات كاملة، عدا بعض الأشغال الترقيعية الخاصة بتهيئة الطرقات المحاذية للكورنيش التي تلتهم الملايير دون جدوى، حيث تبقى أزمة ربط البلدية بوسط عنابة إشكالا لم يتم التوصل إلى حله نتيجة تواضع حظيرة النقل التي لا تتجاوز ال 12 حافلة و20 سيارة أجرة. وإلى جانب هذه المعضلات يبقى إنجاز الثانويات والربط بشبكات الغاز حلما صعب المنال، خصوصا للمداشر والقرى النائية التي عاثت قدم الإرهاب الهمجية فيها فسادا خلال العشرية السوادء المنقضية. وتتكرر ذات السيناريوهات عبر جل البلديات ذات الطابع الريفي التي يتواجد ضمنها بلديات لم تتم عمليات برمجة أي مشاريع تنموية بها منذ أكثر من 15 سنة كاملة، في الوقت الذي يتم تخصيص أغلفة مالية بالملايير لمشاريع سكنية وأخرى اقتصادية تنحصر بين بلديات عنابة وسط، البوني، الحجار، وسيدي عمار. اختلال التوازن الذي لم تمكن مشاريع السكن الريفي من تعديله ظلم فئة واسعة من سكان ولاية عنابة الذين مازالوا محرومين من أبسط شروط العيش الكريم.. لتتواصل معاناتهم مع النقل، السكن، الشغل، والتعليم وغيرها من الأزمات التي تبقى صعبة الحل بالنسبة للجماعات المحلية التي تشكو قلة التمويل المالي الذي لا يتجاوز أشغال تهيئة عمرانية بسيطة، لم تغير واقع الحال المزري منذ سنوات.