عادت الحياة إلى قسنطينة ليلا بعد أن دأبت منذ سنوات طويلة عاصمة الشرق على النوم مبكرا، حيث كان من الصعب ارتشاف فنجان قهوة أوتناول وجبة العشاء في إحدى مطاعمها بعد تجاوز السابعة مساء. أبانت الجولة التي قادتنا ليلة السبت إلى وسط مدينة قسنطينة عن نشاط كبير وتواجد ملحوظ للعائلات بغرض التنزه وأخذ صور تذكارية مع المرافق العمومية المنجزة لفائدة تظاهرة عاصمة الثقافة العربية، والتي زادتها الأضواء الذكية جمالا. ومن خلال لقاءاتنا مع عدد من المواطنين أجمعوا أن تظاهرة عاصمة الثقافة العربية نشطت الأجواء ليلا، خاصة مع توفر الأمن بوجود عشرات كاميرات المراقبة في شوارع وأزقة وسط المدينة، يضاف إلى ذلك التواجد المكثف لرجال الأمن بالزيين المدني والرسمي، فالعائلات والأزواج صاروا يتجولون دون خوف، وهو ما زاد في خروجهم من بيوتهم، خاصة الذين يقيمون في وسط المدينة بشوارع عواطي مصطفى (طريق سطيف) وعبان رمضان (لابيراميد) والعربي بن مهيدي وزعبان، أوبالنسبة للقادمين من الضواحي على متن مركباتهم. كما أن إشعال الأضواء الذكية بعد السادسة مساء جلب الكثير من المواطنين وحتى مواكب الأعراس لأخذ صور للذكرى. محلات وسط المدينة مفتوحة إلى غاية العاشرة ليلا تبقى النقطة السلبية المسجلة منذ انطلاق التظاهرة هي عدم تجاوب التجار مع هذه الحركية والنشاط الليلي، حيث القليل فقط من المحلات يواصل العمل إلى غاية التاسعة أوالعاشرة ليلا، والأمر سيان بالنسبة لصحاب المقاهي، فباستثناء مقهى الفتح بشارع عواطي مصطفى فكل مقاهي وسط المدينة مغلقة. غير أن نداء إتحاد التجار وجد صداه مؤخرا، حيث من المنتظر أن تفتح محلات وسط مدينة قسنطينة أبوابها للزبائن ليلا ابتداء من يوم غد، استجابة للحملة التحسيسية التي نظمها الاتحاد الولائي للتجار نهاية الأسبوع، والتي دعا خلالها إلى تمديد ساعات العمل إلى العاشرة مساء لمواكبة نشاطات تظاهرة عاصمة الثقافة العربية. وحسب المنسق الجهوي لاتحاد التجار لولاية قسنطينة، فقد تم الخميس الماضي توزيع مناشير على تجار مختلف أحياء وسط المدينة، على غرار شوارع بلوزداد والعربي بن مهيدي وديدوش مراد، لدعوتهم إلى فتح محلاتهم إلى غاية الساعة العاشرة ليلا، لمواكبة حركية المواطنين التي أصبحت تشهدها المدينة ليلا منذ بداية التظاهرة الثقافية. وقد سجلنا إقدام العديد من أصحاب المحلات في قلب المدينة على إعادة طلاء محلاتهم بغرض إعطائها وجها مشرفا يتماشى وما شهدته العمارات والأرصفة من عمليات تهيئة. ووجد المواطنون ضالتهم في حديقة بن ناصر التي أعيد لها الاعتبار، ولو أنها مازالت بحاجة على تأهيل أكثر، ورغم ذلك تستقطب في النهار كما في المساء والساعات الأولى من الليل مئات المواطنين لتبادل أطراف الحديث أو لارتشاف فنجان شاي والتجول رفقة الأولاد على وجه الخصوص.