تطرح تضاربات الآراء بين رئيسة الهلال الأحمر الجزائري سعيدة بن حبيلس، ووزيرة التضامن مونيا مسلم، حول آلية العملية التّضامنية الخاصة بتوزيع قفة رمضان، هذه السنة، تساؤلات عدة بين مناداة تعويض المواد الغذائية بمبلغ مالي تجنبا لإهانة المحتاجين واستبدال المواد الغذائية بمبالغ مالية للحد من التلاعبات، والتحايل في توزيع مساعدات الدولة من قبل الأميار، حيث انتهت أخيرا من قبل مؤسسة الهلال اعتماد مشروع بطاقية الوطنية للمحتاجين، والتي تراها كافة الجهات المعنية الحل الوسيط لمسح نسبة المعوزين ووضع حد للتلاعبات في عملية التسيير، خاصة إذا تم اعتماد مبالغ مالية بدل مواد غذائية.. فهل ستنجح البطاقية في الحد من تلاعبات الأميار؟ وهل تتبنى وزارة مسلم مشروع رئيسة الهلال الأحمر الجزائري بتجريد ”الأميار” وتكليف الأئمة لتعميم المبادرة التضامنية ”المناسباتية؟ تحدث قفة رمضان، ككل سنة، زوبعة وسط السلطات المعنية التي احتارت في اختيار الجهة التي تقوم بتوزيعها بعد أن طفت فضائح ”الأميار” على السطح، خاصة بعد الفوضى التي أحدثتها العائلات المعوزة السنة الماضية نتيجة تماطل السلطات المحلية في توزيعها على المحتاجين، وكذا عدم تساوي المبالغ المالية بين البلديات، والتي يتم دائما تبرير الفارق بالإمكانيات المادية التي تحوزها كل بلدية، في حين تبحث بعض الجهات عن الثغرة من أجل منحها لغير مستحقيها، الأمر الذي أحدث فوضى كبيرة في بيت وزارة مونيا مسلم التي لازالت تبحث عن الحلول للمشكل العويص. يتجدد اختلاف السلطات المسؤولة حول آلية العملية التضامنية في شهر رمضان بإطلاق تعليمات متناقضة تكشف فوضى التسيير بدل ضبط وتحديد فجوة التلاعبات المحلية، بعد أن اعتبرت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري سعيدة بن حبيلس، قفة رمضان أكبر إهانة للمحتاجين وأطلقت النار على ”الأميار”، متهمة إياهم بالتلاعب بها وتكريس الطبقية في المجتمع، معلنة عن إمكانية تعويضها بمبلغ نقدي بمليون سنتيم، ستصل للعائلات المحتاجة في السر. في حين ترى وزيرة التضامن مونيا مسلم عكس ذلك، لأنها ستفتح المجال للمتلاعبين وحتى لأرباب الأسرة بعدم صرف هذه المبالغ على عائلاتهم، أين انتهى الأمر بالجهة الأولى إلى تطبيق استراتيجيتها حسب منظورها وقناعتها، في حين انتهى الأمر بالجهة الثانية إلى توجيه تعليمات تحذر منّ تقديمها على شاكلة مبالغ مالية بل مواد غذائية بعد أن تم خلال السنوات الماضية توزيع مبالغ رمزية، وهو ما دفع أميار البلديات ”البرجوازية” إلى التحضير المسبق لأغلفة مالية تتعدى 10 آلاف دج للمستفيد الواحد، وعدم انتظار الأوامر الفوقية - التي أتت متأخرة - رغم جهلهم لها. مشروع البطاقية مولود الهلال.. ووزارة مسلم مطالبة بتبنيه يبدو أن مشروع البطاقية مقترح لم يلق استحسان المسؤولين المحليين الذين رفضوا اعتمادها لتغيير الوضع الاجتماعي، غير أن التجاوزات التي تحدث بالبلديات، والتي وصلت انعكاساتها إلى زعزعة الاستقرار الأمني في مناطق العاصمة، أجبر الوزارة على التفكير في هذا المشروع الذي رفضه أغلب رؤساء البلديات بالنظر إلى سلبياته، في حين تجدها الوسيلة الوحيدة لتحقيق النزاهة. وبين هذا وذاك لازالت الجهات الوصية في حيرة من أمرها. وأكدت سعيدة بن حبيلس، رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، ل”الفجر”، أن الهلال وضع نصب عينيه إعداد بطاقية وطنية للمعوزين، وهو الهدف الذي تسعى الهيئة لتجسيده على أرض الواقع، لأنه - حسبها - الوحيد الذي سيضمن الشفافية والمصداقية للعمل الذي يقوم به الهلال الأحمر الجزائري تجاه المحتاجين والمعوزين، حيث باشرت مصالحها العمل الميداني بالتنسيق مع أئمة المساجد والجمعيات الناشطة لإعداد القوائم ”القابلة للتجديد” على المستوى الوطني، خاصة أن المؤسسة تنشط على مدار السنة بدل ”التضامن المناسباتي” الذي يقتصر على شهر الصيام فقط. وأكدت أن موضوع تجديد البطاقية لابد منه في ظل عدم ثبات الوضعية المادية للأسر الجزائرية، ما يستدعي إعادة التجديد كل سنة، مشيرة إلى أن الهلال الأحمر الجزائري بعد طرح الفكرة، تم التحضير للمخطط والقيام بكافة الاتصالات اللازمة والتنسيق بين وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، التي فتحت الباب ورحبت بالمشروع عن طريق تكليف أئمة المساجد، خاصة بالمناطق القروية والنائية، أين تجد مكانة الإمام أكثر فعالية من ”المير”، وتم إعداد القوائم الخاصة بالمعوزين ب 48 ولاية، وهم يعتمدون في إعداد هذه القوائم على أشخاص محل ثقة وعلى دراية كافية بالمحتاجين والمعوزين ممن لا يمكلون أي مدخول، كما لا يستطيعون ممارسة أي عمل، وهن النساء الأرامل والمطلقات والمعوقين، وغيرها من الفئات التي تعاني كثيرا خاصة في المناطق والبلديات النائية المنتشرة في الجزائر. قفة رمضان.. عندما تتحول إلى إشعال نار الاحتجاجات وكشف فضائح ”الأميار” تعرف مختلف مناطق العاصمة مع بداية شهر رمضان، حالة من الغليان والفوضى من طرف المواطنين الناقمين على طريقة توزيعها، وكذا محتواها الذي ظل يشكل عائقا لدى المسؤولين المحليين، بالنظر للتعليمة التي تتغير كل سنة وفق تغير المعطيات، والتي عادة ما تكون السبب في الاحتجاجات التي تعرفها مناطق العاصمة بسبب المحتويات والطريقة المتبعة في توزيع المساعدات الغذائية التي تقدمها السلطات الوصية سنويا على العائلات الفقيرة وضعيفة الدخل، ويطلق على هذه المساعدات اسم ”قفة رمضان” التي تحتوي بعض المواد التي تتراوح القيمة المالية للقفة الواحدة بين 15000 دج و7000 دج تبعا لاختلاف المستوى المعيشي للبلدية؟!. صراع السلطات يفتح باب للتلاعب ساهمت المخططات الفردية للجهات المسؤولة المخولة بتوزيع قفة رمضان وتحديد الميزانية الخاصة، إلى فتح مجال لجل الأطراف المتداخلة لاستغلال تجاذبات توحيد القرار، الذي أثبت مرة أخرى عدم التنسيق والتخطيط بين وزارة التضامن والشؤون الدينية والهلال الأحمر الجزائري، حيث لم يتم إرسال تعليمة واضحة للولاة إلا بعد الدخول بفترة العد التنازلي للشهر الكريم، وهو الأمر الذي ترجمته الجهات المحلية المشرفة على عملية التوزيع بعصيان أوامر الداخلية، فيما لجا البعض الآخر إلى اعتماد قوائم السنوات الماضية والتصرف بطريقته الخاصة.. اختلاس مبالغ مالية وتحويلها بأسماء وهمية يبدو أن عدم الحسم في صيغة الإعطاء كان سببا في التجاوزات المسجلة ببعض البلديات، والتي اتهم خلالها العديد من المسؤولين بالتلاعب بقفة رمضان، من خلال اختلاس مبالغ الإعانات وتحويلها بأسماء وهمية، لاسيما أمام غياب الرقابة. في وقت تتأخر أغلب البلديات عن جرد وضبط العائلات المستحقة للإعانة الغذائية. تعليمة توزيع القفة بدل الصك تضع ”الأميار” بين المطرقة والسندان أفاد بعض رؤساء البلديات عبر مناطق العاصمة، في تصريح ل”الفجر”، خبر تلقيهم تعليمة شفهية من الولاة المنتدبين، تطبيقا لتعليمة المسؤول التنفيذي الأول عن العاصمة، مفادها”أن القفة لسنة 2015 توزع على شكل قفة بمحتويات غذائية بدل صك بريدي كما اعتاده البعض السنة الماضية، غير أن الاختلاف أجبر الوالي بالتنسيق مع الوزارة الوصية، على توحيد القرار عبر كافة المناطق، وهو ما جعل بعض الأميار، على غرار مير بلدية برج الكيفان قدور حداد، الذي أحصى خلال السنة الجارية ما تعداده 3800 معوز بحاجة إلى مساعدة غذائية على شكل قفة التي قدرت قيماتها 7500 دج، والتي تختلف من منطقة إلى أخرى حسب ميزانية البلديات، على غرار الغنية منها التي قد تصل إلى 15 ألف دج. غير أن الصعب تحقيقه في كل هذا هو قرار توزيع القفة على شكل مواد غذائية، الذي جعل الكثير من ”الأميار”، على غرار مير برج الكيفان، يرفضون توزيعها كون العملية تتطلب وقتا قد يستغرق - حسبهم - 6 أشهر، بالإضافة إلى مكان تخزين السلع الذي لا تتسع له البلدية.. هي إجراءات دفعته إلى توجيه مراسلة عاجلة يطالب فيها باستثنائهم من القرار الذي لا يمكن تطبيقه على بلدية بحجم بلدية برج الكيفان!. الهلال يعمل على إلغاء قفة رمضان وتعويضها بمبلغ مالي وعرجت سعيدة بن حبيلس على قرار إلغاء الهلال الأحمر الجزائري لقفة رمضان، حيث أكدت على أفضلية إلغاء القفة وتعويضها بمنح مبلغ مالي للعائلات المعوزة، وهذا لصون كرامة المواطنين المستفيدين منها، لأنها بكل بساطة مساس بالكرامة الإنسانية للجزائريين والجزائريات المستفيدين منها، على حد تعبيرها، خاصة أن نشاط الهلال الأحمر لا يقتصر على التضامن المناسباتي، لأن المؤسسة تعمل على التوزيع المتكرر للمواد الغذائية على مدار السنة حسب مساهمات المحسنين و”ناس الخير” التي تصل بصفة دائمة وتوزع بالتنسيق مع المصالح المحلية المختصة لضبط قوائم المستفيدين، موضحة في السياق أن إلغاء قفة رمضان بالرغم من الجدل الكثير الذي أحدثته، ستبقى قناعة شخصية منها بأن قفة رمضان هي مساس بكرامة الانسان الجزائري، وهي متمسكة ومتشبثة برأيها. الجمارك تمنح البضائع المحجوزة للهلال.. وعود مكتوبة فقط؟! أعلنت بن حبيلس عن موافقة المدير العام للجمارك الجزائرية، عبدو بودربالة، على منح كل السلع والمحجوزات المهربة أوالتي استغنى عنها أصحابها في الموانئ من مواد غذائية وألبسة للهلال الأحمر الجزائري، من أجل استغلالها ودعما للعمل الإنساني الذي يقوم به الهلال. وأضافت أنها تعمل على تدعيم الشبكات المحلية في مختلف أنحاء الوطن والتنسيق مع العديد من الوزارات، كوزارة التضامن والداخلية والشباب، لدعم الهلال الأحمر الجزائري. وبالرغم من حصول الهلال على وثيقة رسمية للاستفادة من محجوزات السلع، إلا ان الهلال لم يتحصل لحد كتابة هذه الأسطر على هاته الإعانات، مرجعة الأمر إلى المشاكل الإدارية وعمليات المراقبة التي تشرف عليها وزارة التجارة للتحقق من صلاحية السلع وتوجيهها للمستهلك البسيط. وقالت إنه بالرغم من العد التنازلي لشهر رمضان إلا أن مصالح بودربالة لم تحرك ساكنا، وإثبات بنود الاتفاقية التي أمضت عليها من أجل وضع الترتيبات اللازمة لإيصالها لأصحابها في الوقت المحدد، خاصة المناطق النائية التي تستدعي نقلها إليها أياما طويلة.