براءة، نعم براءة، هكذا قرات الأحكام الصادرة أول أمس ضد المتهمين في قضية الطريق السيار. كلهم أبرياء إلا نحن، فهل يعقل أن ينهب شخص، ثبتت إدانته أمام القضاء، مئات الملايين من الدولارات والعملات الأخرى ويعترف أنه سرقها وأن الجماعة تقاسمتها فيما بينها كرشاوى ثم يحكم لهم كأقصى عقوبة عشر سنوات سجنا أمضى بعضهم أكثر من نصفها وبالتالي لن تطول مدة اقامته في السجن لأن دفاعه سيطلب إطلاق سراحه لأنه كان مؤدبا في السجن وسيخرج ويتمتع بالملايير التي يكد المؤدبون مثلنا طوال سنوات عمرهم ولا يجمعون مقدار ذرة منها. لنفرض أن أحدهم نهب 250 مليون دولار على أقل تقدير ما يعني إنه سيكسب 25 مليون دولار على كل سنة سجنا يقضيها وراء القضبان معززا مكرما يسهر باقي السجناء على خدمته لأن لديه من الملايير ما يمكنه من شراء كل شيء وسيسهر أهله على حمل كل ما لذ وطاب ليعينه على الصبر على حياة السجن، سيكون الكل في خدمته أليس هو ولي نعمهم من وفر لهم الحسابات ببنوك أجنبية والاقامات. نعم هم الأبرياء ونحن المجرمون لأننا سكتنا وتركناهم ينهبون بلادنا ويرهنون مستقبل أبنائنا ويدمرون حلما ضحى من أجله الآلاف، حلم بناء دولة بين الأمم وشعبا يستحق أن يكون وريث الشهداء. سيكون هناك “شاني مجدوب” وآخرين وعشرات “شكيب خليل” ورفيق الخليفة وأمثالهم من عمار غول، لن يخافوا شيئا ما دامت هكذا تسير المحاكمات وما داموا يتخفون وراء لصوص كبار ليس هناك من يجرؤ على ذكر أسمائهم، شيء مثل العصابة التي، وفي غياب الرجال وحتى النساء، عاثت في البلاد فسادا. ستكون محاكمة الخليفة مجرد مسرحية مثل تلك التي تفرجنا على فصولها الأسبوع الماضي وسميت طريق شرق-غرب. لم يعد يهزنا شيئا مثلما لم تعد جرائم القتل لا تعني شيئا بالنسبة لنا غير التساؤل عن أرقام ضحاياها ونقلب الصفحة ونترك المكان للمزيد من الجرائم والمزيد من الفضائح. الفضائح هي التي نعيش فيها نحن، أما هم فسيعيشون في القصور وفي جنات النعيم بأموال الأغبياء نحن، هم لهم الإقامات في العواصم الأخرى فتحت لهم البنوك وتعطيهم الأمان وسنعيش نتجرع الهزيمة ونرى كيف تنهار بلادنا نصب أعيننا ولا نحرك ساكنا. بورك لشاني مجدوب وعصابته البراءة والملايير وبئس لمن كنا نعتقد أنهم رجال يغارون على هذا الوطن وأبصق في وجه جميع الخونة مهما علت مراتبهم لكنهم أوطى من الحظيظ.