معركة قضائية لا تنتهي دفاع الخليفة للشروق: أمامنا شهر للاستئناف المحامون: ينبغي تسليم كل الهاربين المطلوبين في الفضيحة سارع دفاع الملياردير الجزائري الفار رفيق عبد المؤمن خليفة الى الاعلان انه سيستأنف الحكم ضد قرار القضاء البريطاني في لندن الخميس الماضي بالسماح بتسليم الخليفة الى الجزائر، أين صدر بحقه حكم غيابي بالسجن المؤبد في مارس 2007 بعد ما أدانته محكمة جزائرية بتهم "تأليف عصابة أشرار والسرقة الموصوفة واختلاس الأموال والتزوير" في قضية افلاس بنك خليفة. * واعتبر تيموثي ووركمان القاضي في محكمة وستمنستر بوسط لندن ان تسليم خليفة لا يتعارض مع الاتفاقية الدولية لحقوق الانسان، واكد القاضي، بعد نطقه بالحكم، ان الحكم الغيابي الصادر بحق خليفة في الجزائر سيسقط فور عودته الى الجزائر، وسيخضع لمحاكمة جديدة، وسارعت وكيلة الدفاع عن خليفة المحامية "آنا روثويل" الى الاعلان على الفور عزمها استئناف الحكم. * ولجأ الملياردير الجزائري الى لندن في 2003 بعد انفجار الفضيحة المالية لبنك خليفة والعديد من الشركات التابعة لمجموعة خليفة. واعتقل خليفة في 27 مارس 2007 على الأراضي البريطانية بموجب مذكرة توقيف اوروبية صادرة عن محكمة في نانتير قرب باريس، والتي كانت نيابتها العامة قد قتحت في أواخر 2003 تحقيقا حول خليفة حول تهم تتعلق بإساءة للأمانة والافلاس باختلاس اصول، وتبييض اموال عصابة منظمة، لكن السلطات الجزائرية سارعت الى المطالبة بتسليمها الخليفة لمحاكمته في الجزائر، واعتبر ملاحظون في لندن أن قرار القضاء البريطاني أمس بتسليم الخليفة للجزائر برغم مسارعة دفاع الخليفة لاستئناف الحكم وتأكيد أن تسليمه لا يتعارض والاتفاقية الدولية لحقوق الانسان انتصار كبير للسلطات الجزائرية. * * مصادر في الداخلية البريطانية ل"الشروق": * سنحوّل ملف الخليفة للخارجية وله حق الاستنئاف مرتين * * أكدت مصادر من وزارة الداخلية البريطانية ل"الشروق" أنها ستحوّل ملف الملياردير الجزائري السابق رفيق عبد المؤمن خليفة إلى وزارة الخارجية البريطانية للنظر في إمكانية تسليمه إلى الجزائر بعد قرار محكمة "وستمنستر" بوسط لندن السماح بتسليم الملياردير السابق الفار إلى بلاده، غير أن متحدثة باسم وزارة الداخلية البريطانية أكدت أن خليفة، المطلوب في الجزائر في قضايا أبرزها الفساد وتبيض أموال له حق الاستئناف أمام المحكمة العليا في بريطانيا وإذا استنفذ ذلك، من حقه الاستئناف أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان (مقرها مدينة ستراسبورغ الفرنسية). * وقد رفض فريق دفاع خليفة الذي تقوده المحامية آنا روثويل من مكتب المحاماة "ويلسون وشركاؤه" في اتصال مع "الشروق" في لندن الدخول في أي تفاصيل حول القضية مكتفيا بتأكيد أنه سيستأنف الحكم ضد موّكله خليفة قبل الفترة القانونية المسموح بها والمقدرة بأربعة أسابيع. * واعتبر خبراء قانونيون دوليون ل"الشروق" في لندن أن موضوع تعارض تسليم خليفة مع الاتفاقية الدولية لحقوق الانسان وضمان إعادة محاكمته محاكمة عادلة في الجزائر سيكونان حجر الزاوية في "المعركة القانونية" المقبلة بين دفاع السلطات الجزائرية ودفاع خليفة. * وأكد الخبراء أن تأكيد القضاء البريطاني أن تسليم الخليفة للجزائر لا يتعارض والاتفاقية الدولية لحقوق الانسان انتصار كبير للسلطات الجزائرية، وكان تيموثي ووركمان القاضي في محكمة وستمنستر أكد الخميس أن تسليم خليفة لا يتعارض مع الاتفاقية الدولية لحقوق الانسان. وأكد القاضي، بعد نطقه * بالحكم، أن الحكم الغيابي بالمؤبد الصادر بحق خليفة في الجزائر سيسقط فور عودته إلى الجزائر وسيخضع لمحاكمة جديدة. * * الكرة في شباك المحكمة العليا ببريطانيا، والمحامون يطالبون: * تسليم رفيق عبد المومن ينبغي أن يستمر بتسليم كل الهاربين المطلوبين في الفضيحة * * أجمع المحامون المتأسسون للدفاع عن المتهمين في قضية "الخليفة بنك" على أن استلام عبد المومن خليفة وحده غير كاف، وأنه لابد على العدالة الجزائرية أن تطالب الدول الأجنبية التي يتواجد فيها باقي المتهمين بتسليمهم لها جميعا أو على الأقل المتهمين الذين يمكنهم الإجابة على التساؤلات والألغاز التي ماتزال غامضة في قضية الخليفة، وقال المحامون في اتصال أمس مع "الشروق" أن على العدالة الجزائرية أن لا تكتفي باستلام عبد المومن خليفة فقط، بل يجب عليها أن تطالب باستلام محافظ بنك الجزائر السابق كيرامان عبد النور وشقيقه وزير الصناعة السابق كيرامان عبد الوهاب مع ابنته الموجودة في حالة فرار هي الأخرى، وخال عبد المومن خليفة وشريكه في آن واحد كباش غازي الموجود في فرنسا، وزوجة عبد المومن خليفة عمروشان نادية، وذلك لضمان مثول أكبر عدد من المتهمين الفارين قبل صدور الحكم النهائي، وفك جميع الألغاز التي ماتزال مبهمة، وتحقيق اكبر قدر من العدالة في القضية، التي سيعاد طرحها أمام محكمة الجنايات بمجلس قضاء البليدة لاحقا بعد استئناف المتهمين والنائب العام في الحكم الصادر عن المحكمة الإبتدائية. * صرح المحامي زبير علوش الذي كان متأسسا في قضية الخليفة للدفاع عن المتهم "ب. محفوظ" أحد مديري المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية، وكذا في حق المتهم "إ. أرزقي" مدير شركة الطيران "إيغل أزور"، وأن الحكم الصادر من طرف المحكمة البريطانية قابل للإستئناف، وأن القانون البريطاني يسمح للمتهم الفار من العدالة الجزائرية عبد المومن له بإستئناف الحكم لدى المحكمة العليا البريطانية، التي ستعيد النظر في القضية بأكملها، وهو ما سيستغرق وقتا. * وأضاف المحامي علوش في اتصال مع "الشروق" أن الطلبات التي ستعرض أمام المحكمة العليا البريطانية هي نفس الطلبات التي عرضت أمام المحكمة الإبتدائية بلندن، والكرة في شباك المحكمة العليا البريطانية، إذا أيدت المحكمة العليا البريطانية الحكم سيتم تسليم عبد المومن خليفة وإذا رفضته ورأت أن الحكم الصادر بتسليمه غير قانوني فإنها سترفض ترحيله. * وأضاف علوش: "في حال ما إذا المحكمة العليا البريطانية أيدت الحكم سيرحل للجزائر وعندها ستعاد محاكمته من جديد حضوريا، لأن القانون يسمح له بمعارضة الحكم الذي صدر ضده غيابيا من طرف محكمة الجنايات بمجلس قضاء البليدة، والقاضي بالسجن المؤبد، شرط أن يكون عبد المومن خليفة متواجدا في الجزائر كشرط أساسي لكي يتمكن من معارضة الحكم". * وهو ما ذهب إليه المحامي جيلالي حماني الذي كان متأسسا في حق الأمين الرئيسي لخزينة بنك الخليفة "أ.يوسف" الذي حكمت عليه المحكمة ب 10 سنوات سجنا نافذا زائد غرامة مالية بمليون دينار، مؤكدا أنه في حال استلام العدالة الجزائرية للمتهم الرئيسي في قضية الخليفة رفيق عبد المومن خليفة ستعاد محاكمته حضوريا، غير أنه استدرك قائلا أن "في حال ترحيل عبد المومن خليفة للجزائر يحق له رفع دعوى قضائية ضد عمال البنك، لأنه وظفهم ليعملوا في البنك، لكنهم خدعوه وخانوا الأمانة، كلهم كانوا موظفين في بنك الخليفة ولم يطبقوا القوانين رغم أن العديد منهم صرحوا بأنهم كانوا يتلقون تعليمات فوقية بالتنفيذ". * * جمعية زبائن الخليفة: * مستعدون لمواجهة الخليفة أمام العدالة * * قال عمر عابد، رئيس جمعية زبائن "الخليفة بنك" المنهار أن زبائن البنك الذين لم يسترجعوا أموالهم وودائعهم لن يستفيدوا شيئا من قرار تسليم عبد المومن خليفة للجزائر، لأنه لن يستطيع أن يعيد لهم أموالهم الضائعة، مؤكدا أن الدولة هي التي تتحمل المسؤولية، لأن عبد المومن خليفة هو "محتال" فتحت له الأبواب على مصراعيها أو بالأحرى محتال معتمد من طرف بنك الجزائر، ومن ثم فإن المسؤول الأول على ضياع أموالنا بنك الجزائر، لأنه هو الذي أعطاه الإعتماد، ولم يحاسبه طيلة ثلاث سنوات بدليل أن بنك الخليفة لم يودع أي حصيلة لنشاطه على مستوى بنك الجزائر مثلما كانت تفعل كل البنوك العمومية. * وقال عابد في اتصال مع "الشروق": "علاقتنا كزبائن بعبد المومن خليفة تأتي في الدرجة الثانية مع عبد المومن خليفة، لأن قضية عبد المومن في العدالة هي مع الدولة وليست معنا كزبائن، وقد وعدنا الرئيس في 2004 بتعويضنا، ولكن لم يتم تعويضنا إلى يومنا.. ولكن مع ذلك إذا تم تسليم خليفة عبد المومن للجزائر ومثل أمام العدالة فسنكون في الموعد وسنقف معه أمام العدالة". * وقال عابد: "لو قامت كل مؤسسات الدولة بعملها كما يجب لما وصلنا لهذا المشكل، متسائلا لماذا لم يلق القبض على الوزير السابق للصناعة كيرامان عبد الوهاب وشقيقه محافظ بنك الجزائر السابق كيرامان عبد النور، رغم أن الإثنين محكوم عليهما غيابيا مثلهما مثل عبد المومن خليفة، لماذا يتم الإصرار على ضرورة ترحيل عبد المومن خليفة للجزائر في حين مازال الإخوة كيرامان يعيشان في أمان وراء البحار ولم يطاردهما أحد ولم يبحث عنهما أحد، رغم أنهما مطلوبان مثلهما مثل عبد المومن". * وقال عمر عابد أن عدد زبائن الخليفة الذين تتولى الجمعية الدفاع عنهم يقدر ب 1700 زبون، غير أن العدد الحقيقي لمجموع زبائن الخليفة بنك يقدر حسب الحصيلة التي توصل إليها مصفي بنك الخليفة منصف بادسي يقدر بأكثر من 11 ألفا. * الخليفة.. قصة أغرب وأكبر احتيال في تاريخ الجزائر * * لم يكن رفيق عبد المؤمن خليفة قبل سنة 1997، سوى مجرد صيدلي يعمل بصيدلية ورثها عن أبيه الوزير الأسبق، خليفة لعروسي، غير أنه سرعان ما دخل عالم المال والأعمال في ظرف وجيز، وفي ظروف لازال يلفها الكثير من الغموض. * فقد أنشأ خليفة سنة 1997 بنكا أسماه باسمه برأس مال مجموعة صيدلانية كان يترأسها هو نفسه، وخلال سنوات قليلة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة أصبح "بنك خليفة" أحد أكبر البنوك الجزائرية الخاصة يوظف أكثر من 7000 آلاف موظف وقيمة أصول ب 1.5 مليار دولار ورقم معاملات بلغ 400 مليون دولار سنويا. * وبعد أن سيطر على قطاع البنوك وسخر البنك المركزي لصالح أهدافه، انتقل إلى قطاع آخر هو قطاع النقل الجوي، وأسس شركة للطيران أسماها "الخليفة للطيران"، تبين من خلال التحقيقات القضائية واعترافات مسؤولي المجمع المنهار، أنها كانت مجرد غطاء لتهريب أموال الجزائريين المودعة لدى بنكه الخاص للخارج لتصب في حسابات شخصيات منها من تمت متابعتها ومنها من لازالت طليقة. * وعليه فلا غرابة أنه عندما نسمع بأن رفيق عبد المؤمن خليفة كانت لديه 30 فيلا فخمة في أرقى أحياء مدينة كان الفرنسية، وفيها كان يقيم حفلات باذخة يعزم فيها نجوم السينما والمال والأعمال والفنانين والمشاهير، وكان يقدم لهم خليفة الهدايا بسخاء لتلميع صورته داخل المجتمع الفرنسي. * ففي سنة 2002 مثلا أقام حفلا ضخما دعا له 300 من نجوم الفن ومشاهير العالم في الفن والسينما والرياضة ونخبة المجتمع، ورقص مع أشهر الممثلات في حفل تدشين انطلاق قناته التلفزيونية "خليفة تلفزيون".. ولعل الجميع لازال يتذكر تردد "جيرارد دوبار ديو" و"كاترين دونوف" وغيرهم على قضاة التحقيق الفرنسيين، بسبب الأموال التي تلقوها من رئيس مجمع الخليفة، الذي كان يوظف أزيد من عشرين ألف مستخدم. * لم يكن مجمع الخليفة في واقع الأمر سوى إمبراطورية من ورق، بل علقة تعيش من امتصاص دماء الغير، ولذلك فبمجرد أن انتشر خبر قلة السيولة لدى فرع بنك الخليفة، انهار المجمع بالكامل، فانكشف أمر عجزه عن محافظته على أصوله المالية، فما بالك بودائع المواطنين والشركات العمومية والخاصة، التي دفعت لتغيير ودائعها من بنوك عمومية باتجاه بنك الخليفة. * وأمام الواقع الكارثي، لم يجد خليفة من حل أمامه سوى الهرب إلى فرنسا، ثم إلى بريطانيا هاربا بجلده، بعد ما صار المطلوب رقم واحد في تاريخ القضاء الجزائري، إلى جاني 104 متهم كانت لهم علاقة بالمجمع المنهار، جرجروا إلى محكمة الجنايات بالبليدة، التي قضت في أمر الخلفية وأصدرت عليه حكما غيابيا بالسجن مدى الحياة في قضية إفلاس "بنك خليفة"، وهي أسوأ فضيحة فساد مالي تشهدها البلاد.