يبقى تجسيد فكرة تشجيع المنتوج الوطني حبرا على ورق في أوساط المواطنين الباحثين عن التميز والجودة، وآخرون يفضلون الطبيعة والبساطة، وهو الأمر الذي يصعب على الحكومة إنجاح هذه الحملة في ظل غياب منتوجات محلية مائة بالمائة لترضي جميع رغبات المواطنين، في الوقت الذي تعيش الجزائر فترة تقشف، حيث يبقى المنتوج المحلي والمستورد رهينة الأذواق والأسعار. وللتقصي أكثر حول هذا الموضوع، قمنا باستطلاع بعض آراء الشارع الجزائري، أين وقفنا على آراء متباينة فمنها من وجدت استحسانا لهذه الفكرة، لاسيما في ما تعلق ببعض المنتوجات الغذائية التي تحتوي مواد مجهولة أوخطيرة، ناهيك عن ضمان طبيعتها وخلوها من أي مواد كيميائية، وهو ما لمسناه عند عمي حميد، رب عائلة، الذي اختار اقتناء الخضر والفواكه المحلية بناء على طلب عائلته الصغيرة كفاكهة التفاح والعنب، إذ لا يختلف اثنان حول جودة المنتوج الجزائري وتفوقه على المستود في الذوق والجودة. نفس الشيء بالنسبة للخشب المستورد، فعلى سبيل المثال خشب ماليزيا شتان بينه وبين الخشب الجزائري الأصلي، وفي هذا الإطار اجتمعت آراء جل من تحدثنا إليهم على أن ”منتوج بلادنا أفضل بكثير من المنتوج الأجنبي، كالطماطم المصبرة التي تأتي من الصين وتصبر في أمريكا وتعلب في تونس..!”. فيما أبدى الكثير من الناس رفضهم لاستهلاك المنتوج المحلي بحجة أنه لا يرقى إلى نوعية وجودة المنتوج الأجنبي، خاصة الألبسة والأفرشة وبعض مواد التجميل، علاوة على الأجهزة الكهرومنزلية. من جهة أخرى، كان لنا حديث مع بعض أصحاب محلات المواد الغذائية حول إقبال الزبائن في الأيام الأخيرة على نوعية السلع التي يشتريها المستهلك بكثرة، فكشف لنا صاحب محل لبيع المواد الغذائية بشارع بلوزداد ”أن الأمور هي هي لم تتغير، لم نلمس لحد ساعة أي تغيير، فالشخص المعتاد على اقتناء المستورد لايزال كذلك، والشخص الذي يفضل المحلي لايزال وفيا له”. الحملة الوطنية تفتح أبواب المنافسة لعرض منتوجات حصرية كما شجعت الحملة الوطنية بعض المؤسسات على ترويج منتوجاتها بطرق متعددة لكسب الزبائن بحثا عن غايتها المتمثلة في إصابة الهدف بضرب عصفورين بحجر واحد، كما يقول المثل، حيث كان صالون الزواج الرابع الذي نظمته شركة ”كوندور” للأدوات والأجهزة الكهرومنزلية، والذي تم افتتاحه أول أمس، فرصة لعرض مختلف أنواع الأجهزة المحلية، وكذا مختلف ما يحتاجه العروسان من لوازم وتجهيزات. وحسب آراء بعض الزوار والمشاركين في هذه الطبعة، فلا مانع من استهلاك بعض المنتجات المحلية، خاصة إذا كانت جودتها مطابقة للمعايير الدولية، حيث فتحت الحملة الوطنية التي دامت قرابة أسبوع المجال للراغبين في عرض منتوجاتهم، عن طريق التحسيس بأهمية استهلاك المنتوج الوطني في سلسلة من الندوات والمحاضرات لجذب الزبائن وحثهم على اقتناء كل ما هو جزائري للدفع بالاقتصاد الوطني قدما وتقليص فاتورة الاستيراد. غير أن الحكم على نجاح الحملة أو فشلها لا يمكن حصره في بضعة أيام، لأن مثل هذه الحملات التي تمس ذوق المستهلك بالدرجة الأولى، مرهونة بقيمة المنتوجات المحلية ومدى إقبال الزبائن عليها، وذلك من شأنه أن يخلق جوا من التنافس بين جميع المنتجين لتحسين النوعية وتطويرها، وهو الأمر الذي يتطلب قاعدة سليمة مبنية على أسس مدروسة لتطوير الإنتاج المحلي وجعله في قائمة أجود المنتوجات وأكثرها استهلاكا، دون بذل مجهول للضغط على المواطن أوجعله يختار بينه وبين المنتوج الأجنبي.