أنهى رئيس الجمهورية مهام الوزير محمد تهمي على رأس وزارة الرياضة بعد ثلاثة سنوات من العطاءات، ليتم تعيين الوزير عبد القادر خمري ليواصل المهمة في قرار كان منتظرا منذ مدة، ولا علاقة له بخسارة الجزائر لتنظيم كأس أمم إفريقيا 2017، ما دام أن قرار تعيين خمري وإقالة تهمي قد اتخذ قبل أشهر من الآن وتم ترسيمه أول أمس. كان رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، قد اختار الوزير عبد القادر خمري لتمثيله شخصيا في عدد من المحافل الدولية والقارية، أبرزها حفلي افتتاح واختتام كأس أمم إفريقيا 2015 التي جرت مؤخرا بغينيا الاستوائية، بدلا من تهمي، وهو الأمر الذي جعل الكثيرين يستغربون من التهميش الذي يطال تهمي، والذي كان هو الأجدر بتمثيل الجزائر في الكان، غير أن القرار أكد في المقابل، أن اختيار المسؤولين قد تم، وأن خمري سيكون الوزير الجديد للرياضة، وأن قرار إقالة تهمي قد اتخذ قبل انتخابات الكاف لاختيار البلد المنظم لكأس أمم إفريقيا 2017، والتي جرت في الثامن أفريل الفارط بالعاصمة المصرية القاهرة. وقامت الحكومة بإيفاد خمري إلى غينيا الاستوائية من أجل اقناع حياتو وبقية أعضاء الكاف بملف ترشح الجزائر لاحتضان الجزائر لكأس أمم إفريقيا 2017، في حين أن تهمي لم يلتقي بحياتو خلال زيارة رئيس الكاف إلى الجزائر على هامش كأس السوبر الإفريقية. شكاوي رؤساء الاتحادات وسفراء عجلت في رحيل تهمي واستلم البروفيسور تهمي حقيبة وزارة الشباب والرياضة في ماي 2012، خلفا للوزير الأسبق الهاشمي جيار، ليتركها بعد ثلاثة سنوات بالضبط، بحصيلة تميزت بنزاعات بينه وبين رؤساء الاتحادات، وانجازات أخرى على مستوى النتائج والبنى التحتية والإستراتيجية التنظيمية للرياضة الوطنية. وطيلة السنوات الثلاث عاش تهمي في صراعات خفية وعلنية مع عدد كبير من رؤساء الاتحادات الرياضية، من بينها اتحادية كرة اليد، اتحادية الكاراتي، كرة اليد، الملاكمة، الدراجات، السباحة، الرياضة المدرسية، العاب القوى وغيرها من الاتحادات، والتي كان رؤسائها على خلاف حاد مع تهمي. وحسب مصدر الفجر، فإن السبب الرئيسي وراء رحيل الوزير تهمي من تسيير قطاع الرياضة، هي شكاوي عدد من رؤساء الاتحادات الرياضية الوطنية، والذين قاموا بمراسلة الوزير الأول، عبد المالك سلال، للتدخل بسبب ما اعتبروه مضايقات الوزير تهمي. ورفض الوزير تهمي مشاركة العديد من الاتحادات في بطولات دولية وقارية، حيث كانت أغلب طلبات الاتحادات الرياضية بالمشاركة في منافسات خارجية تواجه بالرفض، ما جعل العديد من الرياضيين لا يشاركون في منافسات دولية بارزة في الفترة الماضية. وفضلا عن وقوفه في وجه خرجات الاتحادات ورؤسائها إلى الخارج، فإن الوزير تهمي كان وراء إقالة رئيسي اتحاديتي الكاراتي وكرة اليد، بسبب ما اعتبر سوء تسيير الأموال العامة، وكان خطر الإقالة يهدد المزيد من رؤساء الاتحادات الآخرين من بينهم رئيس اتحادية الدراجات، رشيد فزوين والذي شن هجوما حادا على تهمي في الأونة الأخيرة. ولم تقتصر الشكاوي ضد تهمي على رؤساء الاتحادات، بل امتدت إلى سفراء أجانب، أكدوا امتعاضهم من وقوف تهمي ضد مشروع بناء ملعب الغولف الجديد، ما دام أن العديد من السفراء يمارسون رياضة الغولف، وكانوا يتمنون بناء ملعب جديد لها، وقد قام بالفعل رئيس الاتحادية الجزائرية بإعداد مشروع الملعب، لكن الوزير تهمي أكد استحالة تنفيذه. تهمي رفع شعار التغيير منذ البداية وأقال عدد كبير من المسؤولين ومنذ توليه منصب الوزير في ماي 2012، فإن تهمي رفع شعار التغيير الجذري، وكان واضحا أنه يريد قلب الأمور رأسا على عقب، وعدم الاكتفاء بدور هامشي، حيث سعى جاهدا من أجل التصدي لإطارات فشلت في مهمتها، وبقت على رأس قطاعها، وفي مقدمة هؤلاء نجد المدير العام للمركب الأولمبي نور الدين بلميهوب والذي أقاله تهمي في نوفمبر من سنة 2012 بسبب فشله في تسيير ملعب 5 جويلية، وصرف الملايير على أرضية غير جاهزة. إقالة بلميهوب لم تكن سوى البداية، حيث جاءت بعدها إقالة أخرى ذات وزن أثقل، من خلال الإطاحة بمدير الشباب والرياضة للعاصمة، محمد خميسي، بعد تحقيقات فتحتها الوزارة حول التسيير المالي في أكبر ديجياس في الوطن، كما تم إعفاء عدد كبير من الإطارات بالمديرية وتحويل أخرين لمهام أخرى. تهمي لم يكتفي عند هذا الحد، وكان يرفع شعار الإقالة أو الطرد في حق كل من يفشل في التسيير، وهو الذي صرح سابقا أن من لا يستطيع تسيير قطاعه فعليه الرحيل فورا، قبل أن تطاله تحقيقات الوزارة، ويكون حينها الرحيل حتمي ومن الباب الضيق. تهمي لعب دورا محوريا في الانتخابات التي شهدتها الاتحادات الرياضية الوطنية، وحتى انتخابات اللجنة الأولمبية الجزائرية، حيث تدخل شخصيا من أجل إنهاء الصراعات، برحيل الدكتور حنيفي، وعودة مصطفى بيراف. وفي الفترة الأخيرة قام تهمي بإحالة عدد معتبر من المسؤولين في الرياضة على التقاعد، من بينهم جعفر يفصح الذي شغل منصب المفتش العام لوزارة الشباب والرياضة. عهدة تهمي كانت متباينة على مستوى النتائج وعلى مستوى النتائج الفنية للرياضة الجزائرية وما حققته في فترة الوزير تهمي، فإننا نجد أرقام متباينة بين الرائعة وأخرى مخيبة، غير أن فترة تهمي تبقى على العموم مرضية بالنظر إلى أن الرياضة الجزائرية تراجعت كثيرا في السنوات الأخيرة. وعاشت الكرة الجزائرية أفضل فتراتها في عهد الوزير تهمي، حيث تأهل الخضر إلى كأس العالم لرابع مرة، ووصلوا إلى الدور ثمن النهائي بالبرازيل الصيف الفارط، في أفضل إنجاز مونديالي لهم وعلى مستوى الأندية حقق وفاق سطيف كأس رابطة أبطال إفريقيا وكأس السوبر الإفريقي، وتأهلت ثلاثة أندية جزائرية إلى دور المجموعات من رابطة أبطال إفريقيا في سابقة تؤكد تطور مستوى الأندية الوطنية. في عهد الوزير تهمي عاشت كرة اليد مشاكل صعبة، وتدخل شخصيا من أجل إعفاء رئيس الاتحادية الوطنية لكرة اليد، لتيم بعدها تعيين بوعمرة بعد توسط الوزارة للاتحادية الدولية، وعلى مستوى النتائج فإن في عهد تهمي فاز المنتخب الوطني بكأس إفريقيا التي نظمت بالجزائر، قبل أن تسجل بقطر أسوء مشاركة لها في نهائيات كأس العالم. وتألقت الدراجات الجزائرية في عهد تهمي لتتصدر المشهد الإفريقي، كما تم اعتماد طواف الجزائر الدولي ليكون الأكبر في إفريقيا وثالث أطول طواف في العالم، في حين يعيش التنس فترة رائعة رفقة ايبو، وتألقت الملاكمة في البطولة الإفريقية والعالمية، في السنة الماضية، وحققت الجزائر أحسن نتائجها في دورات ألعاب البحر المتوسط بتركيا. ولم تكن فترة تهمي جيدة على مستوى رياضات اعتادت التتويجات، وفي مقدمتها ألعاب القوى، فرغم أن عهدة تهمي انطلقت بفوز مخلوفي بذهبية الأولمبياد إلا أن ذلك كان الإنجاز الوحيد، حيث أخفقت بعدها في جميع التظاهرات بداية من بطولة العالم وانتهاءا ببطولة إفريقيا الأخيرة بالمغرب. وتحصلت رياضتي الفوفينام فيات فوداو والكونغو فو على اعتماد من طرف تهمي لإنشاء اتحاديتين خاصتين بهما، لكن حلمهما لم يتحقق حتى الآن، بسب تأخر الوزارة في إنهاء الاجراءات الأزمة، حيث تم برط ذلك بإنهاء النصوص التطبيقية الخاصة بالقانون الجديد للرياضة، والذي ينتظر الجميع صدوره.