قاسم مشترك واحد في نظام واحد عنوانه الاختلاس والظلم والطغيان والدكتاتورية تحت مسمى الديموقراطية وحرية التعبير، إسقاطات بلغة وخطاب مباشر، في مسرحيتين لمخرجين شابين عرضتا يوم الأربعاء الفارط على ركح بشطارزي، واحد قادم من الشرق والآخر من الغرب تحت مسميين ”وزيد نزيدلك” و”يا دلالي”. ”وزيد نزيدلك” لفوزي بن براهيم: ”السيرك ولعبة الاختلاس” لم يخيب المخرج المسرحي الشاب فوزي بن براهيم عبر مسرحيته ”وزيد نزيدلك”، التي عرضت يوم الأربعاء المنصرم في إطار المنافسة الرسمية للطبعة العاشرة من المهرجان الوطني للمسرح المحترف، الجمهور الكبير الذي جاء من أجل متابعة آخر أعماله، حيث في مدة ساعة و20 دقيقة استطاع المخرج إقناع الجمهور الذي خرج راضيا عن العرض المقدم، بعدما استطاع المخرج عبر ديكور عبارة عن سيرك من إيصال مجموعة من الرسائل مضومونها الاختلاس والواقع الهش الذي تعيشه منظومتنا، وحمل العرض الكثير من الرموز والدلالات للواقع المر الذي تعيشه شعوبنا بسبب موجة الفساد التي تطال كل المؤسسات. صور فوزي بن براهيم قصة المسرحية في المكان نفسه، لكن الزمن يختلف عندما تسود الفوضى ويعم الفساد في إحدى المنظومات المرتشية والسلبية، يقرر مجموعة من عمال السيرك الإطاحة بالمسؤول وحاشيته، هنا يقرر هذا الأخير عقد اجتماع طارئ مع مساعديه لدراسة الأوضاع للخروج بحل ولو مؤقت يبعدهم عن منطقة الخطر، لكن الأحداث تتطور والصراع يبقى قائما بين منظومة الفساد ومكافحيه من الشرفاء، حتى يظهر المفسدون والمختلسون. وفي النقاش الذي تلى العرض قال المخرج فوزي بن براهيم أنه عالج النص الذي كتبه المؤلف الليبي عبد الله البصيري وعالجته دراميا ليلى بن عائشة، وصمم السينوغرافيا حمزة جاب الله، بأسلوب بسيط حتى يفهمه الجمهور الواسع. وعن معالجة الموضوع بسطحية، أوضح فوزي بن براهيم أن موضوع المسرحية وطابعها الكوميدي يحتم عدم الذهاب إلى العمق، لكن في الوقت نفسه محتاجة لإعمال بعض العقل من أجل إيجاد الروابط بين القصص الثلاث في المسرحية. ”دلالي”.. صراع الرئاسة والعسكر على الخشبة عن ”محكمة العدل في بلخ” لبراهام بيضائي، ومعالجة يوسف ميلة، جسد المخرج الشاب عبد القادر جريو علاقة الحاكم بالمحكوم ركحيا بإسقاط مباشر على الواقع الجزائري والفوضى التي كانت سائدة في عهد الحزب الواحد، وما تلاها من دوامة أدخلت الشعب الجزائري في متاهة كبيرة مع فوز الإسلاميين بالانتخابات التشريعية بداية التسعينيات ووقف المسار الانتخابي. يختصر العرض في قصة داخل مدينة (السينوغرافيا من تصميم عبد الرحمان زعبوبي) يحكم فيها رجل نظامه السياسي يسمى ”حكم أنا”، يدخل في صراع مع قائد العسكر، وهذا يقودنا للعودة الى الصراع الذي تداولته وسائل الإعلام الجزائرية بين المؤسسة العسكرية ومؤسسة الرئاسة وأسال الكثير من الحبر. جريو تناول الموضوع بنوع من السخرية دون إغفال أدق التفاصيل، حيث لمح إلى مسؤول العسكر والمستشار والرئيس والشعب، هذه العلاقة الطردية تلتقي عند ”الشعب”، هذا الأخير كالتائه وسط هذه المتغيرات التي عصفت بحياته العادية. خصوصيات كثيرة حملها عرض ”دلالاي” منها إدخال المخرج لموسيقى الراي، والتي أرجعها لكونه ابن مدينة سيدي بلعباس، والتي تعتبر منشأ هذه الموسيقى، ما جعله يدخل ” الراي” في المسرحية وحتى إضافة المغني والعازفين الذين يدخلون إلى الخشبة في كل مرة ويطلق المغني العنان لصوته بأغنية ”دلالي” التي تستفز الحاكم فيقوم بطرده. ”والله نڤلعك” كلمة استعملها الحاكم كثيرا في المسرحية، والتي تخلف حالة من عدم الاستقرار السياسي وغليانا في الشعب، ما يؤدي إلى انتشار حالة الخوف مما هو قادم أو بالأحرى الخوف من المجهول، خاصة مع اختلاط الحابل بالنابل في عشرية الدم، ما يؤدي إلى نتيجة واحدة هي بقاء الحاكم في حكمه والشعب في شعبه. وقال المخرج عبد القادر جريو، بعد العرض، أن جرأة الطرح تأتي من ثقافة شاب لا يعترف بأنظمة وقوانين تحكم رقعة جغرافية معينة، وفق ميكانيزمات الضحك، وهذا لاستغلال العصر، لأنه حسب جريو، الجمهور حاليا متعطش للضحك والدليل رد فعل القاعة، حيث تفاعل الجمهور كثيرا مع العرض. وعن فكرة المسرحية كشف عبد القادر جريو أن الفكرة جاءته تزامنا مع ورود أخبار عن الصراع الموجود بين المؤسسة العسكرية ومؤسسة الرئاسة في الجزائر، أين قام بدراسة نص براهام بيضائي لمدة طويلة وحوله إلى عمل مسرحي.