منذ متى تتحدث البنت الجزائرية عن حياتها الشخصية وعلاقاتها العاطفية مع شقيقها، ومنذ متى يقول الرجل الجزائري لأخته لو لم ألاحظ رجولة الشخص الذي معك لما تركتك تخرجين معه..؟! أشياء كثيرة تحدث لا يمكن مشاهدتها إلا في المسلسل الجزائري الذي يبث حاليا في التلفزيون الجزائري والموسوم ب ”شتاء بارد” للمخرج عمار تريباش والسيناريو للمدعو سفيان دحماني. انقلبت مواقع التواصل الاجتماعي رأسا على عقب بعد المشاهد التي اعتبرت جريئة نوعا ما، ونحن هنا لسنا بصدد الحديث عن الجرأة لأن الفن يحمل كل شيء والجرأة عادة ما تكون موجودة ولكن وفق مبرراتها، لا أن تأتي هكذا مشاهد بعيدة عن السياق الدرامي للنص، مثلما حدث مع المشهد الذي تتبادل فيه مجموعة من النسوة أطراف الحديث عن الشهر الأكثر حرارة، فهناك من قالت أوت وهناك من ترى أن شهر جويلية هو الأكثر حرارة، تأتي البنت المدللة التي تخاطبها أمها ب”الأرنوبة” فتقول:”الشهر الأكثر سخونة هو شهر العسل..”، فليتخيل الجمهور الجزائري خاصة العائلات التي تجتمع شهر رمضان أمام التلفاز من أجل متابعة جديد الدراما الجزائرية لتجد نفسها مفجوعة أمام هذا الحوار المنحط.. وهنا يطرح السؤال حول الرقابة وكيف تم تمرير سيناريو وحوار كهذا إلى مديرية الإنتاج بمبنى شارع الشهداء. هذا المشهد ليس الوحيد، فالحوار الذي جرى بين ”إياد” وأخته ”سيرين” شكل حديث الجزائريين وسخريتهم في الأيام القليلة الماضية، حيث تم تداول مقطع الفيديو على نطاق واسع في شبكات التواصل الاجتماعي فايسبوك، لأن المشهد محل سخرية لأنه بعيد تماما عن الواقع الجزائري، فكيف يعقل لكاتب السيناريو أن يقحم مشاهد مثل هذه ويظهر أنها موجودة عند الجزائريين، في حين يعلم الكل أن علاقة الاحترام الموجودة بين الأخ وأخته أكبر من أن يتم التطرق فيها للعلاقات الشخصية التي تربطهما بالعالم الخارجي، فكيف يعقل أن تناقش فتاة جزائرية علاقتها العاطفية مع شقيقها وتطلب منه النصح حول هذا الموضوع.؟! ”الميكانيسيان”... المعادلة الصعبة في الحلقة 15 من المسلسل يعود بنا عمار تريباش إلى فيلم ”لحن الأمل” من بطولة عبد الرحمان جلطي، وقصته مع الفتاة الغنية التي أحبته وأحبها بعد حادثة تعطل سيارتها فقام بإصلاحها، لتتطور القصة بينهما ويعيشا قصة حب. نفس الشيء يعود في مسلسل شتاء بارد، حيث تدخل نفس الممثلة المدعوة ”سيرين” بلغتها المنفرة، تبدأ حديثها مع الخادمة لتقول لها ”قمر لو رأيته، قمة في الأناقة، إنه الميكانيكي، دخل قلبي” لترد الخادمة ”هل ممكن أن تجسي لي النبض معه”، فتجيب سيرين ”مستحيل لا يمكنني التفريط فيه والدليل لم أدفع له ثمن تصليحه للسيارة من أجل العودة إليه ورؤيته ثانية”.. كل هذا مع إطلاق بعض الأنفاس الشبيهة بالإيحاءات الجنسية المنحطة وكل هذا في شهر رمضان.. والعمل موجه للعائلة الجزائرية وعلى التلفزيون العمومي الرسمي! ما يمكن استنتاجه من هذا العمل أن كاتب السيناريو يعيش في بلد غير الجزائر، لأن محتوى العمل يوحي بأننا نعيش في بيئة تركية أو مكسيكية، ناهيك عن المشاهد المطولة التي تتعدى العشر دقائق، وهو ما يدخل المشاهد في الروتين، بالإضافة للاعتماد على لغة هجينة وخلطها بالفرنسية مثل أن تقول ”رايح نواجهو bla verité” فأي لغة هذه؟؟ العمل الموسوم ب”شتاء بارد” يقودنا لنتيجة واحدة.. هي أن التقليد الأعمى وغير البريء هو السمة البارزة في هذا العمل، ولكن ليت التقليد كان في محله وينسجم مع طبيعة المجتمع الجزائري المحافظ. ليبقى أداء بعض الممثلين الاستثناء في هذا العمل الدرامي في صورة الممثل حسين بعوالي الذي برع في أداء دوره بعيدا عن التكلف، حيث تحكم جيدا في حركته، ما يدل على خبرته في هذا المجال.