استمتع عشاق الفن الرابع، سهرة أول أمس، بالمسرح الوطني الجزائري، مع مسرحية ”وزيد نزيدلك” للمخرج فوزي بن براهيم ومن إنتاج المسرح الجهوي لباتنة، حيث تطرق العمل في قالب هزلي كوميدي لموضوع الاختلاس والنفاق والمؤامرة. يعالج العمل المقتبس عن نص ”لعبة السلطان والوزير” للكاتب الليبي عبد الله البصيري، والذي قامت بمعالجته دراميا الدكتورة ليلى بن عائشة، الصراع الأبدي بين الخير والشر من خلال انتفاضة عمال سيرك عن أوضاع اجتماعية مزرية يعيشونها، ما دفع بمسؤول هذا المرفق وحاشيته إلى عقد اجتماع طارئ للخروج بحل ولو مؤقت يبعدهم عن منطقة الخطر، إلا أن الأحداث تتصاعد في قالب كاريكاتوري فكاهي أو كما تسمى الكوميديا السوداء. ويسلط فوزي بن براهيم الضوء على الدور الكبير الذي يلعبه المثقف في الحياة اليومية، من خلال توعية المجتمع والكشف عن الحقائق للوقوف في وجه الفساد، وإبراز صراعه مع التيار الإسلامي وهو الأمر الذي ينطبق تماما على الواقع الجزائري مثلما حدث مؤخرا مع الكاتب كمال داود. واستطاع المخرج، في ساعة و20 دقيقة، إقناع الجمهور، على قلته والذي خرج راضيا عن العرض المقدم، وفي ديكور عبارة عن سيرك، إيصال مجموعة من الرسائل مضمونها الاختلاس والواقع الهش الذي تعيشه منظومتنا، وحمل العرض الكثير من الرموز والدلالات للواقع المر الذي تعيشه شعوبنا بسبب موجة الفساد التي تطال كل المؤسسات. صور فوزي بن براهيم قصة المسرحية في المكان نفسه، لكن الزمن يختلف عندما تسود الفوضى ويعم الفساد في إحدى المنظومات المرتشية والسلبية، يقرر مجموعة من عمال السيرك الإطاحة بالمسؤول وحاشيته، هنا يقرر هذا الأخير عقد اجتماع طارئ مع مساعديه لدراسة الأوضاع للخروج بحل ولو مؤقت يبعدهم عن منطقة الخطر، لكن الأحداث تتطور والصراع يبقى قائما بين منظومة الفساد ومكافحيه من الشرفاء، حتى يظهر المفسدون والمختلسون. وقال المخرج فوزي بن براهيم في تصريح سابق ل”الفجر” أنه عالج النص الذي كتبه المؤلف الليبي عبد الله البصيري وعالجته دراميا ليلى بن عائشة، وصمم السينوغرافيا حمزة جاب الله، بأسلوب بسيط حتى يفهمه الجمهور الواسع. وعن معالجة الموضوع بسطحية، أوضح فوزي بن براهيم أن موضوع المسرحية وطابعها الكوميدي يحتم عدم الذهاب إلى العمق، لكن في الوقت نفسه محتاجة لإعمال بعض العقل من أجل إيجاد الروابط بين القصص الثلاث في المسرحية. وأضاف فوزي بن براهيم أنه يحبذ التعبير من خلال هذا النوع من الكوميديا لأنها تحمل الكثير من الأبعاد الفلسفية والإيحاءات التي تضفي الخصوصية على العرض وتجذب الحضور دون إغفال عنصر الفرجة والمتعة. للإشارة، سبق لهذا العرض أن أنتجه مسرح باتنة في نهاية 2014 بالأمازيغية وحمل عنوان ”ورنيد أكيد رنيغ”، حيث أحرز أبطاله على جائزة أحسن عرض متكامل للمهرجان الثقافي الوطني للمسرح الأمازيغي في طبعته السادسة الذي احتضنته باتنة في الفترة من 10 إلى 18 ديسمبر الأخير. وللتذكير، تحصل المخرج الشاب فوزي بن براهيم عن عمله ” وزيد نزيدلك” على جائزة أحسن إخراج في المهرجان الوطني للمسرح المحترف في طبعته العاشرة التي انعقدت في ماي الفارط بالمسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي.