تنفس أزيد من مليوني موظف الصعداء بصدور قرار استفادتهم من زيادات في الأجور انطلاقا من شهر جويلية الجاري، وبأثر رجعي ابتداء من الفاتح جانفي 2015، بعد إلغاء المادة 87 مكرر فيما أحدث القرار استنفارا وحالة طوارئ على مستوى الحكومة نتيجة تراجع الايرادات وتآكل مداخيل الخزينة العمومية التي ستُصبّ منها الأجور خشية أن لا تتحمل أعباء مالية إضافية في ظل تهاوي البرميل بحر الأسبوع المنصرم والذي بلغ 55 دولارا. حسب ما كشفته مصادر متطابقة ل”الفجر”، ستواجه الخزينة العمومية وضعية حرجة ابتداء من شهر جويلية نتيجة تحمّلها أعباء مالية ونفقات إضافية بصب أجور قرابة مليوني مستخدم من ضمن الموظفين المنتمين للأسلاك المشتركة بالمؤسسات والإدارات العمومية التابعين للوظيف العمومي والموزعين عبر 36 قطاعا، إذ تأتي هذه المصاريف في ظل التهاوي الرهيب لسعر برميل النفط الذي يعد المصدر الأساسي لعائدات الخزينة. ويبدو أن توقعات الخبراء والهيئات الدولية بأن سعر البرميل لن يتعافى خلال المرحلة المقبلة وسيواصل في التراجع والتأرجح في حدود 57 دولارا لن يزيد من وضعية الخزينة العمومية وميزان المدفوعات إلا تعقيدا وسيسهم في مزيد من التآكل لاحتياطي الصرف، خاصة بعد التقرير الذي أصدره بنك الجزائر حول التوجهات المالية والنقدية خلال الثلث الأول من العام الحالي والذي وصفه الخبراء ب”الإنذار”، حيث كشف أن احتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة سجل تراجعا حادا، حيث بلغ 159.9 مليار دولار نهاية مارس الماضي مقابل 179.9 دولارا عند نهاية ديسمبر 2014. وعزا البنك أسباب تراجع احتياطي الصرف بعشرين مليار دولار في ظرف ثلاثة أشهر إلى الصدمة الخارجية الناتجة عن التراجع المعتبر في أسعار النفط. وتشير الأرقام التي جاء بها التقرير إلى تراجع ميزان المدفوعات، حيث سجل عجزا قدره 10.7 مليار دولار. وقفز التضخم من 3.9 بالمائة إلى 5.4 بالمائة وتراجع الميزان التجاري من فائض يزيد على 3 مليار دولار إلى عجز لامس 7 مليارات. وفقد الدينار الجزائري 11 بالمائة من قيمته مقابل الدولار، وفقد الصندوق الخاص لضبط الإيرادات 5 مليار دولار في ظرف ثلاثة أشهر. يحدث هذا في أقل من نصف العام لكون سعر البرميل من النفط تراجع بمقدار 50 بالمائة خلال نفس الفترة. وأكد محافظ البنك المركزي محمد لكساسي أن التراجع بمستواه الحالي يبقي احتياطي الصرف في وضع ملائم لمواجهة الصدمة الخارجية، بسبب المستوى المتدني للدين الخارجي الذي بلغ 3.3 مليار دولار نهاية مارس 2015. وقد قررت الحكومة احتساب الزيادات الناتجة عن إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل بأثر رجعي ابتداء من الفاتح جانفي 2015، حسب ما تضمنه المرسوم التنفيذي رقم 15 177 المؤرخ في 19 رمضان الموافق ل6 جويلية 2015 الذي يتمم المرسوم التنفيذي رقم 15 59 المؤرخ في 8 فيفري 2015 الذي يحدد العناصر المكونة للأجر الوطني الأدنى المضمون، والصادر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية. الزيادات التي سيستفيد منها قرابة مليوني مستخدم ابتداء من الشهر الجاري بعد صدور المرسوم التنفيذي في آخر عدد من الجريدة الرسمية، والتي وقعها الوزير الأول عبد المالك سلال، والتي ستضاف إليها الأجر الشهري، سترفع الغبن عن العديد من العمال الجزائريين عشية الدخول الاجتماعي لموسم 2015 - 2016. لمياء حرزلاوي الخبير كمال رزيق: ”الحكومة مجبرة على صب هذه الزيادات رغم الضغوطات المالية” كشف الخبير في الشؤون الاقتصادية كمال رزيق أن الحكومة ستلجأ إلى صندوق ضبط الإيرادات في أعداد موازنتها، حيث أن ميزانية الدولة لا تستطيع تحمل عبئ هذه المصاريف الضخمة وأن الحكومة مجبرة ومضطرة إلى صب هذه الزيادات رغم الضغوطات المالية والأزمة التي تعرفها. مشيرا في ذات الصدد أن الأوضاع الغير المستقرة في السوق النفطية الدولية فرضت على الحكومة تقليص وترشيد النفقاتها في ظل تهاوي برميل النفط.